تاريخ النشر: الإثنين 22 ذو القعدة 1430 هـ - 9-11-2009 م التقييم: رقم الفتوى: 128818 14320 0 248 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على إمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وقع عندي إشكال, وسوء فهم ناتج عن التوفيق بين حديثين صحيحين، وأرجو منكم أن توضحوا وتوفقوا بين هذين الحديثين وتنفعونا بما عندكم من علم. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في حديث له طويل عن الشفاعة فذكر القوم الذين يدخلون الجنة بغير عمل عملوه فقال أهل الجنة عنهم:فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه. ففي هذا الحديث أن هناك قوما سيدخلهم الله يوم القيامة الجنة وهم لم يعملوا حسنة واحدة. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك. قال الألباني: صحيح، وفي حديث آخر عن بريدة بن حصيب -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. قال الترمذي: حسن صحيح. ففي الأحاديث المذكورة إشكال كبير, يستحق التساؤل ومعرفة الحق فيه, ففي الحديثين الأخيرين أن تارك الصلاة (مشرك, كافر) ومن المعلوم أن الكفار لا يدخلون الجنة, وأن المشرك لا يغفر الله له, وفي الحديث الأول خروج قوم لم يعملوا خيرا، معناه أنهم كانوا تاركين للصلاة والصيام فكيف يا شيخ تفوض وتوفق بين الحديثين, وتصلح بينهم أرجو أن يكون مقصدي قد وضح.
وإن تركها تهاونا وكسلا فهو كافر على الصحيح من أقوال أهل العلم. وبناء على ذلك لا تجوز مجالسة هؤلاء بل يجب هجرهم ومقاطعتهم وذلك بعد البيان لهم أن تركها كفر إذا كان مثلهم يجهل ذلك. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". وهذا يعم الجاحد لوجوبها والتارك لها كسلا, وبالله التوفيق, وصلى الله على نبينا محمد وآله. انتهى من " فتاوى إسلامية " للمسند (1/373 * سؤال: صرحت الأحاديث الصحيح بكون تارك الصلاة كافراً وإذا أخذنا بظاهر الحديث وجب منع تارك الصلاة عمداً من جميع حقوقه في الإرث ، وتخصيص مقابر خاصة بهم وعدم الصلاة والسلام عليهم ، بحيث إنه لا أمن وسلام على كافر ، ولا ننسى أنه لو قمنا بإحصاء المصلين من بين الرجال المؤمنين وغير المؤمنين قد لا يتعدى 6% والنساء أقل من ذلك ، فما رأي الشرع فيما سبق وما حكم إلقاء السلام أو رده على تارك الصلاة ؟. الجواب: الحمد لله اختلف العلماء في تارك الصلاة عمداً من المسلمين إذا لم يجحد وجوبها فقال بعضهم هو كافر كفراً يخرج من ملة الإسلام ويعتبر مرتداً ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب فيها ؛ وإلا قتل لردته.. فلا يصلى عليه صلاة الجنازة ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يسلم عليه حياً أو ميتاً ولا يرد عليه السلام ولا يستغفر له ولا يترحم عليه ولا يرث ولا يورث ماله بل يجعل ماله فيئا في بيت مال المسلمين ، سواء كثر تاركو الصلاة عمداً أم قّلوا ، فالحكم لا يختلف بكثرتهم وقلتهم.
العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة - للشيخ محمد حسان - YouTube
ألا فاذكرا العهد الذي كان بيننا فإنى وإنْ طالَ الزمانُ لذاكرُه ولا تنكرَا ودّاً قديماً وذمةً فلا أنَا ناسيه ولا أنَا ناكرُه وفعلكما الخيرَ الجميلَ مقدماً على حالِه منِّي وإنى لشاكرُه فبعدكما مالِي صديقٌ مساعِدٌ أُرَاوِحه في حاجتي وأُبَا كِرُه ومالِي عَلى جمعِ العُلوم وَدرْسِها خليلٌ أُوَاخيه تقىً وأُذاكِرُه فمنْ لي إذا ريبُ الزمان أمَضَّنى وَمَنْ لي إذا جاشَتْ علىَّ عَساكرُه فأمسيتُ وحدي والحوادثُ جمةٌ علىَّ سوى هَمٍّ وفكر أفاكرُه
وحذَّر من التساهل في التكفير في هذه الحالة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّق أمر هذا الإنسان على مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وتعليق الأمر على المشيئة يعني وجود الإيمان ووجود الإسلام، والمسلم في هذه الحالة داخل في دائرة المسلمين، كما في قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} [ النساء: 48]. وأوضح المفتي ثالث حالات ترك الصلاة، وهي: تركها جحودًا وإنكارًا والاعتقاد بأنها غير مفروضة أو لا قيمة لها، فقال فضيلته: "فهنا يكون هذا الإنسان قد أنكر من الدين ما هو معلوم بالضرورة وخالف إجماع الأمة والعلماء، وخالف النصوص الشرعية، فيكون الحكم عليه بالكفر لإنكاره وليس لمجرد الترك". واختتم حديثه مشدِّدًا على أنه ليس من سلطة العلماء تكفير من يترك الصلاة جحودًا وإنكارًا، بل ذلك من سلطة القضاء وحده بعد التحقيق الدقيق ورفع كل ما يلتبس في الأمر.
وأوضح: "إن الصلاة لها عناية خاصة في الإسلام، فقد حُدِّد لها أركان وأوقات وبداية ونهاية، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لعذر شرعي كما أوضحت النصوص الشرعية". ونبَّه المفتي على الفرق بين ما جاء في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» وبين من يتركها كونه كافرًا، فقال: «ولم يُعبِّر صلى الله عليه وسلم بأنه كافر، فلو قال: كافر؛ فهو وصف ثابت على هذا الشخص يلحق به، ولكن " كفَرَ" يفيد الحدوث والاستمرار". وأشار إلى ثلاثة أحوال تتعلق بهذا الحكم، الأول: حالة النسيان والنوم، فقال: "هذا عذر شرعي لا يوجب تكفير الإنسان مطلقًا، ومن الأدلة التي بيَّنت أنه عذر شرعي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ». وعن ثاني حالات حكم تارك الصلاة وهو تركها كسلًا قال فضيلته: "ترك الصلاة كسلًا ليس عذرًا شرعيًّا". وأضاف: "من يتركها كسلًا وهو مؤمن بفرضيتها لا يجوز تكفيره كما هو المختار من قول العلماء، وهو القول المعتمد في دار الإفتاء المصرية كذلك هو قول العلماء المعتبرين من قديم الزمان، مع مراعاة المداومة على نصح هذا الشخص وتذكير كل من حوله من أصدقاء له ومقربين بأهمية وقيمة الصلاة".
انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالته عن حكم تارك الصلاة: ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن، وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وثواب ذلك وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك الصلاة، وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك الصلاة، وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة، لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة والخاص مقدم على العام. انتهى. والله أعلم.