صفحاتهم بيضاء ناصعة، لا يعرفون معنى الحقد والظلم، ولا يفهمون معنى الانتهازية والأنانية ولا يدركون مغزى هذا المبدأ، لأنهم يتعاملون مع الحياة بفطرة سليمة وقلوب صافية، ونظرة مفعمة بالحب والوئام والسلام، ولكن هذا الأب يصر على إفساد هذه الفطرة بهذا المبادئ الميكافيلية ؟!. إنه من خلال زرع هذا المبدأ في نفوس الناشئة فلا غرابة حين تجد بعض صغار السن برغم حداثة أعمارهم وقلة تجاربهم إلا أن العداوة منهم للغير تفيض بها عيونهم، وتجيش بها نفوسهم وتختلج بها صدورهم وتنطق بها مشاعرهم وأحاسيسهم وتصدقها أفعالهم ومشاكساتهم، وتجدهم دائماً على استعداد تام للوثوب على الغير بدون سبب أو مبرر إلا ما وقر بفكرهم واستقر بوجدانهم من مفاهيم استقوها من مبدأ إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. ان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب. ويغذيها تحفيز الآباء على تطبيق هذا المبدأ على كل حال، وفي كل مقام، فتبدلت البراءة فيهم إلى عدوانية وشراسة، وتشوهت الفطرة السليمة والحب للناس فأصبحت وجهاً قبيحاً للوحشية وتمثالاً يعبر عن حب الذات بطريقة ظلامية، فسيطرة فكرة أنا ومن بعدي الطوفان على تصرفات هذا الطفل والسبب اعتناقه لمبدأ إن لم تكن ذئباً. والحقيقة أن الخطورة في ترسيخ هذا المبدأ في نفوس الصغار تتجلى فيما بعد هذه المرحلة الغضة، فيكون حال هؤلاء - بعد خروجهم للحياة العملية والتعامل مع أفراد المجتمع من جميع الأطياف - هو حال الغاصب والناهب والمعتدي والمرتشي والمختلس، ولا بد أن يرزح تحت وطأة حب الذات والرغبة في السيطرة والغلبة وإظهار القوة والتربص بالآخرين فهذا هو شعار ودثار لكل من ترسخ في فكره هذا المبدأ.
نعلم جيدا ان هناك الكثيرون ممن يعجبك كلامهم ويتحدثون عن التسامح والصفح والحلم والتضحية والايثار ولكنهم يرتكبون الاعمال القبيحة ويمارسون الغدر بكل اشكاله، مثل هؤلاء عطر كلامهم يسحر القلوب ويبعث على الدهشة والاعجاب ولكن اعمالهم تفوح منها رائحة الميتة النتنة. اذن يجب ان لا نثق باي كلام وان لا ننخدع باي مظهر جميل وكلام لطيف لان الامام امير الؤمنين عليه السلام يقول: (الطمانينة الى كل احد قبل الاختبار عجز) فكيف يمكن ان يكون هذا الاختبار؟. ومن اجل التعرف على الشخص واختباره يجب دراسة ماضيه ومستقبله ومعرفة اصدقائه ومعارفه لان الاصدقاء الحميمين هم بمثابة المرآة التي تعكس اخلاق وتصرفات الفرد، كما يجب التحدث مع الافراد الذين عاشروا هذا الشخص وعاشوا وتعاملوا معه ولا سيما الذين سافروا معه وذلك من اجل معرفة مدى امانة وصدق ووفاء وايمان هذا الشخص الذي نحن بصدده وبعد ذلك يمكننا وبصورة تدريجية ان نثق به ونتعرف عليه وان نزيد من هذه الثقة قليلا بعد كل لقاء يتم بيننا وبينه.
نموذج مستعمرة: النوع قالب فيديو الرئيسية المقالات صدى الخاطر إن لم تكن ذئباً 12-09-2010 04:14 مساءً 0 476 الناس يرددون في بعض الأحيان أقوال تعبر عن مواقف معينة فيجعلونها نصائح يستلهمونها من الأمثال العربية قديمها وحديثها، ومن تلك النصائح تتردد كثيراً على ألسنتهم عبارة \" كن ذئباً وإلا أكلتك الذئاب. \" وهم حين ينطقون بهذا القول ويحرضون على الأخذ به فإنهم يدركون معناه ودلالته واقعاً وحقيقة، وحجتهم في ذلك إن من لم يكن ذئباً فلا ريب أن الذئاب ستأكله، وعلى نسق هذا المبدأ يسير مبدأ آخر وهو: \" إذا لم تتغدى به تعشى بك. ان لم تكن ذئبا بالت عليك الثعالب. \" وهما عبارتان أو مثلان لهما من دلائل العبارة والإشارة بما يوحي إلى أن الحياة كلها تقوم على مبدأ آكل ومأكول وغالب ومغلوب، وظالم ومظلوم، وكأنها لا تقبل القسمة على أثنين بحال من الأحوال. فلا بد أن تكون أنت الفاعل بغض النظر عن مشروعية الفعل من عدمه، وهذا مبدأ خاطئ بكل المقاييس، فالحياة واسعة الأطراف شاسعة الحدود تتسع لكل الناس يعيشون فيها على الود والمحبة والتآلف، والإسلام يؤكد مبدأ التراحم والتواصل والتعايش للجميع على هذه الأرض. للأسف نجد أن بعض الناس لا يكتفي بالقناعة بمبدأ \" إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب \" في ذاته، بل أنه يزرع هذه المبدأ ويبثه ويرسخه في نفوس أبنائه وهم صغار، وفي عمر الزهور.!