في اتفاقية 1959، التي أبرمت بين السودان ومصر اتفق الطرفان فيها على الآتي: اقتسام مياه النيل الواصلة إلى أسوان (84 مليار متر مكعب)، بعد خصم فاقد التبخر في السد العالي (10 مليار) والحقوق المكتسبة للبلدين (52 مليار – 48 لمصر و 4 للسودان)، بنسبة 7. 5 لمصر و14. 5 للسودان ليصبح نصيب مصر 55. الحياة الاقتصادية في مصر والسودان تعتمد على مياه نهر النيل الازرق. 5 مليار متر مكعب والسودان 18. 5 مليار متر مكعب، كما اتفقا أيضا على سلفة مائية لمصر من السودان. توحش الحكومة المصري والأنانية في سياستها تجاه السودان إنما كان ينم عن ضعف القوى السياسية وما يسمى بالأحزاب الوطنية السودانية في خُضوعها شبه التام للسياسة المصرية وغياب الوعي اللازم عند عامة الشعب بسبب الجهل وتفشي الأمية والانتماء الطائفي (الأنصار والمرغنية) هذه العناصر مجتمعة سهلت للحكومات المصرية استغلال السودان وموارده المائية. ونجد في الوقت نفسه وقوف السودان بجانب مصر في مشاريعها المائية وأبرزها على الإطلاق مشروع السد العالي الذي قدم السودان وأهله أرض حلفا (شمال السودان)، أرض الحضارة والآثار النوبية هدية أو قربانا لهذا المشروع الضخم الذي أغرق منطقة حلفا مع حضارتها الضاربة في القدم، ورحلت (شتتى) أهلها إلى الداخل السوداني.
وهنا أعترف أنه ما كان ليتم مثل هذا المشروع لولا سذاجة الساسة السودانيين وعدم وضعهم لمصالح السودان أولا قبل الركض خلف أكاذيب الحكومة المصرية، وشعارات الأخوة الفارغة إنما هي شعارات للاستغلال، وفعلا استغل الساسة السودانيون، ولكن حان الوقت لكي نقول كفى استغلالا وأن نلتفت إلى مصالحنا الوطنية إن كان في قضية سد النهضة أو تحالفاتنا المستقبلية. الحياة الاقتصادية في مصر والسودان تعتمد على مياه نهر النيل الحلقة. مشكلة حلايب وشلاتين بدأت تطفو إلى السطح في عام 1992 حينما أراد السودان منح إحدى الشركات الكندية التنقيب عن النفط في المياه المقابلة لمثلث حلايب عندها اعترضت الحكومة المصرية العلاقات السودانية المصرية الحالية هي عبارة عن تراكمات نتجت عن سياسات الوصاية والتعالي الذي انتهجته القاهرة منذ استقلال السودان، القاهرة تتعامل مع السودان كأن الأخير تحت الوصاية المصرية ولها حق تمرير سياستها عليه. الحكومات المصرية كانت ومازالت تسعى إلى خلق أزمات داخل السودان حتى يسهل عليها التحكم في الإرادة السياسة ولتمرير أجنداتها ومصالحها، ويمكن أن نرى ذلك واضحا في أزمات؛ مثل جنوب السودان، دارفور، وشرق السودان بالإضافة إلى احتواء واحتضان المعارضة والمتمردين السودانيين في القاهرة. علاوة على ذلك الوقوف ضد السودان في المحافل الدولية وخاصة مجلس الأمن الدولي والتصويت ضد مصالح السودان الخارجية والعمل على تشويه اسمه وربطه بالإرهاب.
قام السودان بتطبيق بنود اتفاقية الحريات الأربع التي وقعت مع مصر في 2004 من أجل التكامل الاقتصادي، لكن الطرف المصري كان دائما يخل ببنود الاتفاقية ويفرض تأشيرات على السودانيين القادمين إلى مصر. جمع غفير من السودانيين أيد بشدة خطوة الحكومة السودانية في اتخاذها إجراءات مماثلة وفرض تأشيرات على المصريين القادمين للسودان من باب المعاملة بالمثل والبادئ أظلم. الحياه الاقتصاديه في مصر والسودان تعتمد على مياه نهر النيل - موقع الاطلال. العلاقات بين الدول تقوم على مبدأ الندية واحترام السيادة والمصالح المشتركة، لن تقوم علاقات سوية ما بين السودان ومصر في ظل رؤية مصر للسودان على أنها دولة تابعة لها أو محاولة إخضاع السودان لسياساتها. السودان دولة مستقلة في قرارها السياسي وتقرر مع من تتحالف ومع من تعادى وفق ما تملي عليها مصالحها الوطنية. السودان يضع كرامته وسيادته في المقام الأول وينطلق في علاقاته الدولية وفق هذا المبدأ. مصر دولة جارة وشقيقة ويجمعها مع السودان تاريخ طويل من العلاقات والمصاهرات التي يمكن أن تجعل البلدين يصلا إلى حد التكامل في كل الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية والثقافية، وهذا لن يتم إلا في حال أدرك الساسة المصريون أن السودان دولة ند لهم وليست تابعة لهم. وأختم هذا المقال بالقول إن السودان دائما مستعد للتكامل مع مصر في حال قررت القاهرة تغيير سياساتها العدائية ضده، وأن تنتهج نهج المصالح المشتركة وما فيه مصلحة البلدين اقتصاديا وأمنيا وسياسيا.