فدلت الآية والحديث على قبول توبة من قتل نفساً بغير حق، وعليه مع التوبة كفارة، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
وتكون الدية على العاقلة، والكفارة من مال الجاني. -والمراد بالعاقلة: عصبة الجاني عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وابن حزم ( ٦) ، وهم أقرباؤه من جهة الأب: الإخوة وبنوهم، ثمَّ الأعمام وبنوهم، ثمَّ أعمام الأب وبنوهم، ثمَّ أعمام الجد وبنوهم. أحكام القتل وتحريمه في الإسلام | المرسال. ولا يلزم القاتل في قتل الخطإ شيء من الدية. أمَّا الأب والابن فلا يدخلان مع العاقلة لأنهما أصله وفرعه، وما دام أنَّ الجاني لا يتحمَّل من الدية شيئًا فأصله وفرعه لا يتحملان -أيضًا-، وهو مذهب الشافعية ورواية عن أحمد، ويؤيِّده حديث قصة اقتتال المرأتين وفيه: «…فجعل رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم دية المقتولة على عاقلتها، وبرّأ زوجها وولدها، قال: فقالت عاقلة المقتولة: ميراثها لنا، فقال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: مِيرَاثُهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا » ( ٧) ، ويلحق الأب بالابن في التبرئة من الدية.
( ٧) أخرجه أبو داود كتاب «الديات»، باب دية الجنين: (٤٥٧٥)، وابن ماجه كتاب «الديات»، باب عقل المرأة على عصبتها، وميراثها لولدها: (٢٦٤٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (٢٣٠٢). ( ٨) «تفسير القرطبي»: (٥/ ٣٢٣). في أحكام دية قتل الخطأ وشبه العمد والعمد | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله. ( ٩) أخرجه البخاري كتاب «الديات»، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: (٣/ ٤١٦)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦١٦) رقم: (٤٤٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ( ١٠) أخرجه الترمذي كتاب «الديات» باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل: (١٣٨٧)، وابن ماجه كتاب «الديات»، باب من قتل عمدا فرضوا بالدية: (٢٦٢٦)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (٧/ ٢٥٩).
أما إذا لم يكن القتل غيلة لأجل المال فإن الحق لأولياء دم المقتول، وعلى ولي أمر المسلمين أن يمكنهم من القود والقصاص من القاتل إن شاءوا عفوا عنه وأخذوا الدية أو عفوا عنهما. الإرهاب و ترويع الآمنين: إن الإسلام دين السلام، لا يبدأ بعدوان ويؤثر السلامة على المخاطرة التي لم نلجأ إليها، قال – تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} البقرة: 208 وهو دخول في السلم بين المسلمين بعضهم مع بعض وبينهم وبين غيرهم. حكم القتل شبه العمد والإجابة عن قتل سيدنا موسى للقبطي - إسلام ويب - مركز الفتوى. وذلك إيثار للسلم والأمن الذي هو نعمة أساسية في حياة الإنسان كما في الحديث الذي رواه الترمذي \"من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها\". وقد امتن الله بالأمن على قريش فقال {الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} قريش: 4 وجعل مكة حرما آمنا، وأقسم أنها البلد الأمين، ووعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يبدلهم من بعد خوفهم أمنا، وكذلك من آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي شرك، وجعل سلب الأمن عقابا لمن كفر بأنعم الله، وشرف السلام فكان اسما من أسمائه وسمى به الجنة وجعله تحية المسلمين فيما بينهم وتحية الملائكة لهم في الجنة وكان نزول القرآن في ليلة السلام.
وصححه الألباني في «الإرواء»: (٧/ ٣٠٣). ( ٢) أخرجه أبو داود كتاب «الديات»، باب في دية الخطإ شبه العمد: (٤٥٤٧)، والنسائي كتاب «القسامة»، كم دية شبه العمد: (٤٧٩١)، وابن ماجه كتاب «الديات»، باب في دية شبه العمد مغلظة: (٢٦٢٧)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه ابن القطان كما نقله ابن حجر في «التلخيص الحبير»: (٤/ ١٥)، والألباني في «الإرواء»: (٧/ ٢٥٦). ( ٣) أخرجه أبو داود كتاب «الديات»، باب الدية كم هي؟ (٤٥٤١)، والنسائي كتاب «القسامة»، باب كم دية الكافر: (٤٨٠٦)، والترمذي كتاب «الديات»، باب ما جاء في دية الكفار: (١٤١٣)، وابن ماجه كتاب «الديات»، باب دية الكافر: (٢٦٤٤)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (٧/ ٣٠٧). ( ٤) أخرجه البخاري كتاب «الديات»، باب جنِين المرأة وأنَّ العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد: (٣/ ٤٢٣)، ومسلم كتاب «القسامة والمحاربين والقصاص»: (٢/ ٨٠٢) رقم: (١٦٨١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ( ٥) «المغني» لابن قدامة: (٧/ ٧٧٠-٧٧١). ( ٦) انظر: «المغني» لابن قدامة: (٧/ ٧٨٤)، «مغني المحتاج» للشربيني: (٤/ ٩٥)، «التفريع» لابن جلاب: (٢/ ٢١٣)، «القوانين الفقهية» لابن جزي: (٣٣٣)، «حاشية الدسوقي»: (٤/ ٢٨٢)، «المحلى» لابن حزم: (١١/ ٤٤ وما بعدها).
ما الحكم لو قتل الواحد جماعة؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء، والراجح في أن الواحد يقتل بالجماعة، والجماعة أيضًا تقتل بالواحد؛ لأن هذا هو منتهى الاستيفاء. الإلقاء في مهلكة: إذا جمع شخص بين إنسان وبين أسد أو نمر في مكان ضيق، أو أمام كلب مسعور فينهشه، أو يرمي عليه حية أو عقربًا فتلدغه، فهل يعتبر فعله قتلًا عمدًا فيسأل عنه أو لا يسأل عنه؟ وهناك ثلاثة أقوال: القول الأول: للحنفية: لا قود فيه، ولا دية إنما يعذر، ويضرب، ويحبس إلى أن يموت، ويروى عن أبي حنيفة: أن عليه الدية، وإن فعل ذلك بصبي فعليه الدية، وإن ربط صبيًّا وألقاه في الشمس أو البرد حتى مات فعلى عاقلته الدية، أي: أهله الذين ينصرونه. القول الثاني: هو قول المالكية: الفعل العدواني في هذه الحالة قتل عمد فيه القود، أي: فيه القصاص، سواء أكان فعل الحيوان بالإنسان مما يقتل غالبًا كالنهش أم مما لا يقتل غالبًا، ومات الآدمي من الخوف، ولا يقبل ادعاء بأنه: قصد بفعله اللعب فهذا ليس بلعب، وكذلك قال الحنابلة: الفعل قتل عمد موجب للقصاص؛ إن فعل الحيوان المفترس أو المتوحش بالإنسان ما يقتل به غالبًا، أو فعل به فعلًا يقتل مثله، وهكذا. القول الثالث: قول الشافعية: إن جمع بين شخص وبين السبع أو حيوان مفترس في مكانٍ ضيق وأغراه به، أو أمسكه وعرضه لمجنون فقتله، وجب عليه القود -القصاص- لأن السبع يقتل إذا اجتمع مع الآدمي في مكان ضيق، أما إن كتّف رجلًا وطرحه في أرضٍ مسبعة -أي: تكثر فيها السباع- فاعتدى عليه سبع، فمثل هذا لا يجب القود فيه؛ لأنه سبب غير ملجئ.