ملخص المقال أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ثاني ملوك المرابطين، أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي، أنقذ الأندلس من الضياع، وهو بطل معركة الزلاقة، وضم ملوك الطوائف هو يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن وارتقطين، وكنيته أبو يعقوب، وهو ثاني ملوك دولة المرابطين، اتَّخذ لقب أمير المسلمين، وهو أعظم ملك مسلم في وقته، أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من حدود تونس إلى غانا جنوبًا و الأندلس شمالًا، أنقذ الأندلس من ضياع مُحَقَّق، وهو بطل معركة الزَّلَّاقَة وقائدها، كما وَحَّد وضمَّ كلَّ ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب. نشأة يوسف بن تاشفين ينتمي يوسف بن تاشفين إلى قبيلة لمتونة؛ وهي إحدى قبائل صنهاجة الموجودة بجبل لمتونة المشهور باسم أدرار بموريتانيا، وُلِدَ على الأرجح بصحراء موريتانيا، ونشأ في موريتانيا نشأة إيمانية جهادية، وأصله من قبائل «صنهاجة اللثام» البربرية. عُرف يوسف بن تاشفين بالتقشُّف والزهد رغم اتساع إمبراطوريته، وقد كان شجاعًا وأسدًا جسورًا، قال الذهبي عنه في سير أعلام النبلاء: « كان ابن تاشفين كثير العفو، مقرِّبًا للعلماء، وكان أسمر نحيفًا، خفيف اللحية، دقيق الصوت، سائسًا، حازمًا، يخطب لخليفة العراق » (1).
ناشد ملوك الطوائف وأمير إشبيلية (المعتمد بن عباد) يوسف بن تاشفين لإنقاذ الأندلس، وخصوصًا بعد تزايد حقد الفرنجة المسيحيين على المسلمين ورغبتهم في إنهاء الوجود الإسلامي في المنطقة وسقوط مدينة توليدو، فخاض يوسف بن تاشفين أول معركة في الأندلس ضد جيوش قشتالة وليون بقيادة ملك قشتالة ألفونسو السادس عام 479هـ – 1086م، وسميت بمعركة الزلاقة. جهز يوسف بن تاشفين جيشًا ضخمًا وقسمه إلى فرقتين، ولكنهم انهزموا في صد القسم الأول من جيش ألفونسو وخسروا الكثير من الجنود، وأحس الأمراء الأندلسيون بالهزيمة المحتمة ففر بعضهم إلى مدينة بطليوس، في حين أن المعتمد بن عباد بقي صامدًا مع فرسانه ومع من تبقى من جيش المرابطين، وفي هذه الأثناء تقدم ألفونسو بجيوشه بعد أن شم رائحة الضعف من قبل جيش المعتمد، ولكن جيش يوسف بن تاشفين كان مختبئًا، ولم يكن قد اشترك بالمعركة بعد، وعندها قام ابن تاشفين بإرسال كتيبة بقيادة سير بن أبي بكر لمساندة المعتمد، ولكن ذلك لم ينجح، واستمر ألفونسو بالتقدم أمام تراجع المعتمد وجيشه. وضع يوسف بن تاشفين خطة قام فيها بمهاجمة معسكر العدو وقتل منهم الكثير، وعندما علم ألفونسو بالخبر تراجع عن قتال المعتمد، وعاد إلى معسكره لإنقاذه، الأمر الذي سهل على يوسف والمعتمد هزيمة ألفونسو والانتصار عليه، ولقب بأمير المسلمين.
واستجابة لتلك الدعوة قاد ابن تاشفين جيشا جرارا، يثير غبار الصحراء بأخفاف الإبل المرابطية التي لم تعهدها أرض الأندلس من قبل، وفي ذلك الاستنجاد خلد المعتمد بن عباد كلمته الخالدة: "رعي الجِمال عند ابن تاشفين خير عندي من رعي الخنازير عند ألفونسو". معركة الزلاقة.. إبل الصحراء التي أنقذت الأندلس التأم الجيشان في الزلاقة، وقاد ابن تاشفين جيوش المسلمين المؤلفة من الفيالق الصحراوية المرابطية والكتائب الأندلسية، وقد بدأت معركة الزلاقة يوم 12 رجب 479 هـ الموافق 23 أكتوبر/تشرين الأول 1086 م، واستمر القتال عدة أيام، وكان يقود جيوش قشتالة وليون الملك ألفونسو السادس، قبل أن تنتهي المعركة بهزيمة ساحقة لألفونسو السادس، وانكسار لشوكة الصليبيين، حيث استرد المسلمون بهذه الواقعة مدينة بلنسية وعادت إليهم السيادة على الجزيرة الخضراء. ولما انجلى غبار الحرب عن نصر مؤزر للمسلمين، وعمر جديد للأندلس العربية، لاحظ ابن تاشفين تباين طباعه مع طباع الملوك الأندلسيين، فابن الصحراء الأسمر -الذي عايش لهيب الشمس وشظف العيش- لم يعرف رقة النعيم وجريان الأنهار الأندلسية وانغماس الملوك والرعية في الملذات. لم يعرف ابن تاشفين بسط النمارق والورود، ولا الأكواب المذهبة، ولا أنهار العنبر والحناء والمسك وقلال الذهب التي حملتها اعتماد الرميكية وهي تخطو في طين من الحناء الأصيلة تفوح منه رائحة المسك الأثير.