ففي حياتنا، عندما تُعرَض علينا صفقة أو تحدّي أو لعبة معيّنة، أليس من المفترض أن نعرف الشروط أولًا وقبل كل شيء، ثم بعدها نقرر الموافقة أو الرفض، وبالتالي -في حالة الموافقة- نستحق النتيجة التي سنصل إليها في النهاية؟
واستكمل أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني، أنه لو لم يحمل الإنسان العقل ما كان سيحاسب لكنه ظلم نفسه وكل إنسان سيحاسب على قدر ذكائه مضيفا: «الأمانة شيء مهم تخلي الواحد ينفر من غير الأمين». حسام موافي: قراءة القرآن تعالج النسيان الطبيعي وتعمل على راحة المخ.. فيديو حسام موافي يكشف خطورة نقص هرمون مانع الإدرار وعلاقته بسرعة البول.. فيديو
ولعل إباء السموات والأرض والجبال للأمانة أساسه ـ كما قال ابن عباس ـ خَشْيَةُ التَّقْصِير فيها؛ لأنها مفْطُورة على الطاعة، راضية بما هُيِّئَتْ له من رسالة في الحياة يوضِّحه قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاء وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ) (سورة فصلت: 11)، وهذا يلتقي مع الرأي القائل بأن العَرْض معناه مُقايَسة التكاليف بجَهْد السَّمَوات والأرض والجبال وطبيعتها، فلم يكن هناك تناسب. أما الإنسان ففي طبيعته تناسب لحمل الأمانة مع ما يَلْزمُها من ثَوَاب على الطاعة وعقاب على المعصية. د.حسام موافي: إذا لم يكن الطبيب قمة الأمانة فيما ينقله مما تعلمه.. فليس لعلمه قيمة - الأسبوع. وقد قَبِل الإنْسانُ هذه الأمانة دون أن تُعرَض عليه، فلمْ يُصرِّحِ القُرْآنُ بِذَلِكَ كما قاله بعض المُفَسِّرين، ولعلَّ مُبَادَرَتَهُ للقَبول كانت تفاؤلاً بالتَّوفِيق لأدائها وأملاً في عدم التقْصير فيها، ولأن طبيعته التي خَلَقَهُ الله عليها تَتَنَاسَبُ مَعَ قَبُولِ هذه التكاليف. ثم قال العلماء: إن عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال كان عرْض تَخْيير، أما عرضها على الإنسان فكان عرض إلزام، وعبَّرت الآية عن الإنسان الذي حمل الأمانة بأنه ظلوم جهول؛ لأنه كان ظلومًا لنفسه بالتقصير الذي آل إليه أمر الكثيرين، وجهول حين خَاطَر بحمل الأمانة ولم يَدْرِ ما سيكون عليه مستقبل حاله من التقصير الذي يَعرض له كل إنسان بدافع الغرائز التي فُطِر عليها.
( إنه كان ظلوما جهولا) قال ابن عباس: ظلوما لنفسه جهولا بأمر الله وما احتمل من الأمانة. وقال الكلبي: ظلوما حين عصى ربه ، جهولا لا يدري ما العقاب في ترك الأمانة. وقال مقاتل: ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تحمل. وذكر الزجاج وغيره من أهل المعاني ، في قوله وحملها الإنسان قولان ، فقالوا: إن الله ائتمن آدم وأولاده على شيء وائتمن السماوات والأرض والجبال على شيء ، فالأمانة في حق بني آدم ما ذكرنا في الطاعة والقيام بالفرائض ، والأمانة في حق السماوات والأرض والجبال هي الخضوع والطاعة لما خلقهن له. وقيل: قوله: ( فأبين أن يحملنها) أي: أدين الأمانة ، يقال: فلان لم يتحمل الأمانة أي: لم يخن فيها وحملها الإنسان أي: خان فيها ، يقال: فلان حمل الأمانة أي: أثم فيها بالخيانة. [ ص: 382] قال الله تعالى: " وليحملن أثقالهم " ( العنكبوت - 13) ، إنه كان ظلوما جهولا. الامانه في القرآن الكريم - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية. حكي عن الحسن على هذا التأويل: أنه قال وحملها الإنسان يعني الكافر والمنافق ، حملا الأمانة أي: خانا. وقول السلف ما ذكرنا.
تبين الآية أولا أعظم امتيازات الإنسان وأهمها في كل عالم الخلقة، فتقول: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن (٣٦٧) الذهاب إلى صفحة: «« «... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372... » »»
وليس قوله: (إنّه كان ظَلومًا جَهولاً) نقضًا لهذا التكريم، فإن مجرّد استعداده لتلقِّي التكاليف دون غيره من المخلوقات هو مَناط التكريم، وكونه يَفِي بالعهد أو ينقض من مظاهر الاستعداد الذي ليس لغيره. فهو ظلوم إن تعدَّى حدود التكليف وهو يَعلَم بها، وجهول إن كان لا يعلمُها وعنده أمانة العقل الذي يَهديه إلى علمها، وليس هناك كائن غير الإنسان يوصَف بالظلم والجهل؛ لأنّه لا يعرف حَدًّا يقف عنده. وما وصف الإنسان بالظلم والجهل إلا لأنّه يصِحُّ أن يوصَف بضدهما من العدل والعلم كما قال المحقِّقون. هذا بعض ما قيل في تفسير الآية، ولعل فيه الكِفاية. { إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَواتِ وَالأرْضِ} - إسلام أون لاين. وعن حذيفة بن اليمان قال: حدثنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حديثين، قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر … حدثنا أن الأمانة نزلت في جِذْر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعَلِمُوا من القرآن وعَلِموا من السُّنة، ثم حدَّثنا عن رفع الأمانة " رواه البخاري ومسلم. وعرْض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال: إن أدَّوْها أثابهم، وإن ضيَّعوها عذبهم، فكَرِهوا ذلك وأشْفَقوا من غير معصية، ولكن تعظيمًا لدين الله عز وجل ألا يقوموا به. ثم عَرَضَهَا على آدم فَقَبِلَها بما فيها، قال النحاس: وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير.
وقال بعض أهل العلم: ركب الله - عز وجل - فيهن العقل والفهم حين عرض الأمانة عليهن حتى عقلن الخطاب وأجبن بما أجبن. وقال بعضهم: المراد من العرض على السماوات والأرض هو العرض على أهل السماوات والأرض ، عرضها على من فيها من الملائكة. [ ص: 381] وقيل: على أهلها كلها دون أعيانها ، كقوله تعالى: " واسأل القرية " ( يوسف - 82) ، أي: أهل القرية. والأول أصح وهو قول العلماء. ( فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) أي: خفن من الأمانة أن لا يؤدينها فيلحقهن العقاب ( وحملها الإنسان) يعني: آدم عليه السلام ، فقال الله لآدم: إني عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت آخذها بما فيها ؟ قال: يا رب وما فيها ؟ قال إن أحسنت جوزيت ، وإن أسأت عوقبت ، فتحملها آدم ، وقال: بين أذني وعاتقي ، قال الله تعالى: أما إذا تحملت فسأعينك ، اجعل لبصرك حجابا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ عليه حجابه ، واجعل للسانك لحيين غلقا فإذا غشيت فأغلق ، واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك. قال مجاهد: فما كان بين أن تحملها وبين أن خرج من الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر وحكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود أنه قال: مثلت الأمانة كصخرة ملقاة ، ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها ، وقالوا: لا نطيق حملها ، وجاء آدم من غير أن يدعى ، وحرك الصخرة ، وقال: لو أمرت بحملها لحملتها ، فقلن له: احملها ، فحملها إلى ركبتيه ثم وضعها ، وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت ، فقلن له: احملها فحملها إلى حقوه ، ثم وضعها ، وقال: والله لو أردت أن أزداد لزدت ، فقلن له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه ، فأراد أن يضعها فقال الله: مكانك فإنها في عنقك وعنق ذريتك إلى يوم القيامة.