الثاني: أنّ الذنب هو الكبيرة التي تقع من العبد ، وأنّ السيئة هي الصغيرة التي تقع من العبد ، وهناك فرق بين الكبائر والصغائر ، قال الشيخ ناصر مكارم شيرازي في تفسيره " الأمثل " عند تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا) آل عمران: 193. ( الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1). إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3). المزيد 31 من سورة النساء تقول: ِإنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ، فيستفاد من ذلك أن السيئات تطلق على المعاصي الصغيرة ، ولهذا فإن العقلاء ذوي الألباب يطلبون من الله في أدعيتهم وضراعاتهم أن يغفر لهم ذنوبهم الكبيرة ، ويستر - عقب ذلك - على ذنوبهم الصغيرة ، ويمحو آثارها من الوجود). انتهى [ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل 3: 51] ودمتم سالمين
فهاهنا أربعة أمور: ذنوب، وسيئات، ومغفرة، وتكفير. فالذنوب: المراد بها الكبائر، والمراد بالسيئات: الصغائر، وهي ما تعمل فيه الكفارة، من الخطأ وما جرى مجراه، ولهذا جعل لها التكفير، ومنه أخذت الكفارة، ولهذا لم يكن لها سلطان ولا عمل في الكبائر في أصح القولين، فلا تعمل في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس في ظاهر مذهب أحمد وأبي حنيفة. والدليل على أن السيئات هي الصغائر، والتكفير لها، قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} [النساء: 31]، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر». ولفظ المغفرة أكمل من لفظ التكفير، ولهذا كان من الكبائر، والتكفير مع الصغائر، فإن لفظ المغفرة يتضمن الوقاية والحفظ، ولفظ التكفير يتضمن الستر والإزالة، وعند الإفراد يدخل كل منهما في الآخر كما تقدم، فقوله تعالى: {كفر عنهم سيئاتهم} [محمد: 2] يتناول صغائرها وكبائرها، ومحوها ووقاية شرها، بل التكفير المفرد يتناول أسوأ الأعمال، كما قال تعالى: {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا} [الزمر: 35].