إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه كما أتبع تفصيل غرور الشيطان بعواقبه في الآخرة بقوله إنما يدعو حزبه [ ص: 272] " ليكونوا من أصحاب السعير " الآية ، وبذكر مقابل عواقبه من حال المؤمنين ، كذلك أتبع تفصيل غرور الأنفس أهلها بعواقبه وبذكر مقابله أيضا ليلتقي مآل الغرورين ومقابلهما في ملتقى واحد ، ولكن قدم في الأول عاقبة أهل الغرور بالشيطان ثم ذكرت عاقبة أضدادهم ، وعكس في ما هنا لجريان ذكر عزة الله فقدم ما هو المناسب لآثار عزة الله في حزبه وجنده. وجملة " إليه يصعد الكلم الطيب " مستأنفة استئنافا ابتدائيا بمناسبة تفصيل الغرور الذي يوقع فيه. والمقصود أن أعمال المؤمنين هي التي تنفع ليعلم الناس أن أعمال المشركين سعي باطل. والقربات كلها ترجع إلى أقوال وأعمال ، فالأقوال ما كان ثناء على الله تعالى واستغفارا ودعاء ، ودعاء الناس إلى الأعمال الصالحة. اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. وتقدم ذكرها عند قوله تعالى " وقولوا قولا سديدا " في سورة الأحزاب. والأعمال فيها قربات كثيرة. وكان المشركون يتقربون إلى أصنامهم بالثناء والتمجيد كما قال أبو سفيان يوم أحد: اعل هبل ، وكانوا يتحنثون بأعمال من طواف وحج وإغاثة ملهوف وكان ذلك كله مشوبا بالإشراك لأنهم ينوون بها التقرب إلى الآلهة فلذلك نصبوا أصناما في الكعبة وجعلوا هبل وهو كبيرهم على سطح الكعبة ، وجعلوا إسافا ونائلة فوق الصفا والمروة ، لتكون مناسكهم لله مخلوطة بعبادة الآلهة تحقيقا لمعنى الإشراك في جميع أعمالهم.
Details Category: القرآن الكريم قال تعالى: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ سورة فاطر. أيْ أنَّ الكَلِمَ الطَّيبَ كَلا إلهَ إلا الله يصْعَدُ إلى مَحَلّ كَرَامَتِه وهُوَ السَّمَاءُ، والعَمَلُ الصَّالِحُ يرفَعُه أي الكلمُ الطيبُ يرفَعُ العملَ الصالحَ وَهذا مُنْطَبِقٌ ومُنْسَجِمٌ مَعَ الآية المحكمةِ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ ﴾. هذا من المتشابهِ الذي يعلَمُ معناُه الرَّاسخونَ، فالكلمُ الطَّيبُ هو كلا إله إلا الله والعملُ الصّالحُ يشمَلُ كلَّ عملٍ صالحٍ يُتقرَّبُ به إلى الله كنحو الصلاةِ والصدقةِ وصلة الرحمِ، فالمعنى أن كلَّ ذلك يصعدُ إلى الله أي يتقبَّلُهُ، هذا ليسَ فيه أن الله له حيّزُ يتحيزُ فيه ويسكنُهُ. اعراب اليه يصعد الكلم الطيب. فالسماءُ محلُّ كرامةِ الله أي المكان الذي هو مشرَّفٌّ عند الله، لأنها مسكنُ الملائكةِ، هذا التَّفسيرُ موافق للآية المحكمة: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ ﴾. فَتَفْسيرُ الآياتِ الـمُتَشابِهَةِ يَجبُ أن يُرَدَّ إلى الآياتِ الـمـُحْكَمَةِ، هذا في الـمُتَشابِه الذي يجوزُ للعُلماءِ أن يعلمُوهُ أي أن من أرادَ أن يُفسّرَ المتشابهَ يجبُ أَنْ يكونَ موافقًا للآياتِ المحكماتِ كتفسيرِ الاستواءِ بالقهرِ فإنه موافقٌ للمحكماتِ، كذلك تفسيرُ: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ بمحلِّ كرامتِهِ وهي السَّماءُ موافقٌ للمحكمات.
الحمد لله. أولا: علو الله على خلقه ثابت بالأدلة علو الله تعالى على خلقه، ثابت بعشرات الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة والعقل والفطرة. وينظر: جواب السؤال رقم: ( 992)، ورقم: ( 124469)، ورقم: ( 184797). ثانيا: من أدلة العلو الإخبار بصعود وعروج الأشياء إليه سبحانه من أدلة العلو الإخبار بصعود وعروج الأشياء إليه، ومن ذلك قوله تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) فاطر/10. موقع الشيخ صالح الفوزان. وممن استدل بهذه الآية على إثبات العلو والفوقية لله: أبو الحسن الأشعري في "الإبانة" وفي "رسالة إلى أهل الثغر"، والبيهقي في "الاعتقاد"، وابن خزيمة في "التوحيد"، وأبو القاسم الأصفهاني في "الحجة في بيان المحجة"، وابن بطة في "الإبانة"، وعبد القادر الجيلاني في "الغنية"، والذهبي في "العرش" و في "العلو" ونقل عن جمع من الأئمة استدلالهم بهذه الآية. قال أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر، ص130 فيما أجمع عليه السنة: "وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وقد دل على ذلك بقوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ 1 وقال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ 2.