وَعَلَيْهِ الْأَكْثَر " انتهى بتصرف. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الكهف - القول في تأويل قوله تعالى "ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا "- الجزء رقم18. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " هو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ويقال إنه طاف معه بالبيت ، فالله أعلم " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (60 /4). وأما ما رواه الحاكم (104) والبيهقي (18050) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي الحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لأَهْلِهَا أَمْ لاَ) ، فقد أعله الإمام البخاري رحمه الله وغيره. قال الإمام البخاري رحمه الله: " وقال لي عبد الله بن محمد حدثنا هشام قال حدثنا معمر عن ابن ابى ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أدرى أعزير نبيا كان ام لا، وتبع لعينا كان ام لا، والحدود كفارات لأهلها ام لا ؟ وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن ابى ذئب عن سعيد عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأول أصح ، [يعني: المرسل] ، ولا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحدود كفارة) ".
يصعب السير فيها، وظل يمشي حتى وصل إلى فتحة واسعة عريضة بين جبلين عاليين، ووجد وراء الجبلين أمة وقبيلة صالحة من الناس، لها دين وإيمان ويعبدون الله ولكنهم معزولون عن الناس، وكانت هذه الفتحة الواسعة بين الجبلين هي سبب تعبهم ومشقتهم، وخوفهم على أولادهم وأنفسهم، لأن من هذه الفتحة الواسعة تأتي منها قبيلتان متوحشتان، كانوا يأكلون كل شيء ويعتدون على الأمة الصالحة التي تعبد الله، فيهلكون زرعها وثمرها، ويقتلون النساء والرجال والأطفال بوحشية لا رحمة ولا دين عندهم، هم "يأجوج ومأجوج". ولما رأت القبيلة المُؤمنة جيش ذي القرنين يأتي بلادها، وسمعت عن عدله وصلاحه فرحت به، وذهب وفد من شيوخها، وأعلنوا عنده إيمانهم بالله، واشتكوا له من يأجوج ومأجوج، وذكروا لذي القرنين أمراً خطيراً حيث قيل له إن يأجوج ومأجوج لديهم الكثير من الأولاد ويتكاثرون بِسُرعة هائلة، وأنهم سيملؤون الأرض بأولادهم عن قريب، وينشرون الفَساد والكُفر بين الناس، فطلبوا منه أن يقيم سداً منيعاً بين الجبلين، يسد الفتحة التي يدخلون منها، وعرضوا على ذي القرنين أن يعطوه أجراً لهذا العمل. فأجابهم بأنه لا يبحث عن المال وإنما ينشر الإيمان وعبادة الله وحده، وأن ما يريده هو أن يعينوه على بناء هذا السد، وقد أمر ذي القرنين القوم أن يجمعوا قطع الحديد، وأمر المهندسين فقاسوا المسافة بين الجبلين وارتفاعها، وأمر العمال فحفروا أساساً في الارض، ووضع قطعاً من الحديد بين الجبلين، وجعل بين كل طبقة من الحديد وأخرى كمية من الفحم، ومازال يرفع الحديد العريض حتى سد بين الجبلين، وظل العمال ينفخون في الفحم حتى تحولت قطع الحديد إلى نارٍ سائلة، وصب النُحاس على الحديد المنصهر مملياً الشقوق، وتحول السد إلى سدٍ ضخم عال لا يستطيع يأجوج ومأجوج النفاذ منه.
وبعد اكتمال البنيان وارتفاعه، نظر إليه ذي القرنين فحمد الله وشكره، وقال: { هَٰذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}. وفُرِج على الأمة الصالحة، وعاشت في أمان وتفرغت للعبادة وعمل الخير، فكان ذي القرنين لهذه القبيلة رحمة من الله للمؤمنين. هذا الموضوع هو أحد المواضيع التي قُمت بكتابتها وأنا في "المرحلة الإعدادية" بالاستعانة بمصادر موثوقة ومراجعة دقيقة.
واختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله قيل لذي القرنين: ذو القرنين، فقال بعضهم: قيل له ذلك من أجل أنه ضُرِب على قَرنْه فهلك، ثم أُحْيِي فضُرب على القرن الآخر فهلك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن عبيد المُكْتِب، عن أبي الطُّفِيل، قال: سأل ابن الكوّاء عليا عن ذي القرنين، فقال: هو عبد أحبّ الله فأحبه، وناصح الله فنصحه، فأمرهم بتقوى الله فضربوه على قَرْنه فقتلوه، ثم بعثه الله ، فضربوه على قرنه فمات. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، قال: سئل عليّ رضوان الله عليه عن ذي القرنين، فقال: كان عبدا ناصح الله فناصحه، فدعا قومه إلى الله، فضربوه على قرنه فمات، فأحياه الله، فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات، فسمي ذا القرنين. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبى بزة، عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا وسألوه عن ذي القرنين أنبيا كان؟ قال: كان عبدا صالحا، أحبّ الله ، فأحبه الله، وناصح الله فنصحه، فبعثه الله إلى قومه، فضربوه ضربتين في رأسه، فسمي ذا القرنين ، وفيكم اليوم مثله. وقال آخرون في ذلك بما حدثني به محمد بن سهل البخاري، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل، قال: قال وهب بن منبه: كان ذو القرنين ملكا، فقيل له: فلم سُمّي ذا القرنين؟ قال: اختلف فيه أهل الكتاب.