7- قوة العلم بسوء عاقبة المعصية وقبح أثرها والضرر الناشئ منها؛ من سواد الوجه وظلمة القلب وضيقه وغمه وحزنه وألمه وانحصاره وشدة قلقه واضطرابه وتمزق شمله وضعفه عن مقاومة عدوه وتعريه من زينته والحيرة في أمره وتخلي وليه وناصره عنه وتولي عدوه المبين له، وقوة العلم بحسن عاقبة الطاعة وأثرها الطيب على النفس. الوسائل المعينة على الصبر الأفغاني مترجم. 8- قصر الأمل وعلمه بسرعة انتقاله، وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها، أو كراكب قال في ظل شجرة ثم سار وتركها، فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه حريص على الانتقال بخير ما بحضرته، فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ولا أضر من التسويف وطول الأمل. 9- مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس. 10- ثبات شجرة الإيمان في القلب، فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم، وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر، وكلما قوي داعي الإيمان في القلب كانت استجابته للطاعة بحسبه، وهذا السبب جامع للأسباب كلها. ب – الوسائل المعينة على الصبر على البلاء: 1- أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها، وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه.
• وأخبر بظفرهم بمحبته فقال: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]. • وأخبر عن مضاعفة أجرهم، فما من طاعة إلا وأجرها مقدرا إلا الصبر، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ﴾ [الزمر: 10]. • وأخبر باستحقاقهم دخول الجنة وتسليم الملائكة عليهم: كما قال: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24]. • كما جَ مَع للصابرين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر ثلاث بشارات، لم يجمعها لغيرهم، الأولى: إعلاء منزلتهم والثناء عليهم في الدنيا وفي الاخرة وفي الملأ الأعلى، الثانية: رحمة خاصة تنزل عليهم يجدون أثرها في برد القلوب وسكينة النفس عند نزول المصيبة، البشارة الثالثة: هدايتهم إلى طريق الحق وإلى الأعمال الصالحة. فقال تعالى: ﴿ وَبَشِّر الصَّابِرينَ الَّذينَ إذَا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. الوسائل المعينة على الصبر جائز. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156]. • وقد وردت في السنّة النبويّة أحاديث كُثيرةٌ تبيّن أجر الصابر المحتسب عند الله، وأَنَّ الصَّبْر أَفْضَل مَا يُعْطَاهُ الْمَرْء، لِكَوْنِ الْجَزَاء عَلَيْهِ غَيْر مُقَدَّر وَلَا مَحْدُود، منها قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ [10].
17- أن يشهد أن الجزاء من جنس العمل، وأنه نفسه ظالم مذنب، وأن من عفا عن الناس عفا الله عنه، ومن غفر لهم غفر الله له. 18- أن يعلم أنه إذا اشتغلت نفسه بالانتقام وطلب المقابلة ضاع عليه زمانه، وتفرق عليه قلبه، وفاته من مصالحه مالا يمكن استدراكه. 19- إن أوذي على ما فعله لله، أو على ما أمر به من طاعته ونهى عنه من معصيته، وجب عليه الصبر، ولم يكن له الانتقام، فإنه قد أوذي في الله فأجره على الله. 20- أن يشهد معية الله معه إذا صبر، ومحبه الله له إذا صبر، ورضاه. من الوسائل المعينة على الصبر - جيل التعليم. ومن كان الله معه دفع عنه أنواع الأذى والمضرات مالا يدفعه عنه أحد من خلقه، قال تعالى: { وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]، وقال تعالى: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]. 21- أن يشهد أن صبره حكم منه على نفسه، وقهر لها وغلبة لها، فمتى كانت النفس مقهورة معه مغلوبة، لم تطمع في استرقاقه وأسره وإلقائه في المهالك، ومتى كان مطيعًا لها سامعًا منها مقهورًا معها، لم تزل به حتى تهلكه، أو تتداركه رحمة من ربه. 22- أن يعلم أنه إن صبر فالله ناصره ولابد، فالله وكيل من صبر، وأحال ظالمه على الله، ومن انتصر لنفسه وكله الله إلى نفسه، فكان هو الناصر لها.