حل كتاب التربية الإسلامية للصف الثامن الفصل الأول, وهذا الكتاب يحتوي وحدتين تعليمتين: قل الله أعبد مخلصًا له ديني, ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكل وحدة فيهم تحتوي مجموعة دروس.
وهذا الحديث إلى جانب الآية المذكورة أصل في التوكل وهو أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، وقد قرأ النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه الآية على أبي ذر، وقال له: لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم يعني: لو حققوا التقوى والتوكل؛ لاكتفوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم. أما الحديث عن حقيقة التوكل فقد فصل فيها ابن رجب الحنبلي وعدد مراتب العمل الذي هو السبب أو الوسيلة التي يأخذها الإنسان في مجال الكسب، وأنه غير متعارض مع التوكل على الله حق التوكل. ومن توكل علي الله فهو حسبه ان الله. حقيقة التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكلة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه[2]. قال سعيد بن جبير: التوكل جماع الإيمان. وقال وهب بن منبه: الغاية القصوى التوكل. قال الحسن: إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته.
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق] { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ:} من يتق الله فيحرص على فعل أوامره وينتهي عما حرم, يرزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب, فالرزق بيد الله وحده يبارك فيه لمن يشاء, ومن يتوكل على الله فهو كافيه ونعم المولي ونعم الوكيل سبحانه جعل لكل شيئ مقدراً ووقتا لا يعلمه إلا هو. قال تعالى: { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [ الطلاق] قال السعدي في تفسيره: { { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}} أي: يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به. { { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}} أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك { { فَهُوَ حَسْبُهُ}} أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه { { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}} أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه.
وقال سهل التستري: من طعن في الحركة – يعني في السعي والكسب – فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل، فقد طعن في الإيمان، فالتوكل حال النبي – صلى الله عليه وسلم -، والكسب سنته، فمن عمل على حاله، فلا يتركن سنته"[3]. وسئل أحمد بن حنبل عن التوكل، فقال: هو قطع الاستشراف باليأس من الناس. فقيل له: هل من حجة على هذا؟ قال: نعم، إن إبراهيم لما رمي به في النار في المنجنيق عرض له جبريل فقال: هل لك من حاجة؟ قال: أما إليك فلا. ومن يتوكل على الله فهو حسبه. قال: فسل من لك إليه حاجة. فقال: أحب الأمرين إلي أحبهما إليه. [رواه البيهقي] والأعمال التي يقوم بها العبد ثلاثة أقسام: أحدها: الطاعات التي أمر الله عباده بها ، وجعلها سببا، للنجاة من النار ودخول الجنة، فهذا لابد من فعله مع التوكل على الله فيه، والاستعانة به عليه، فإنه لا حول ولا قوة إلا به، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فمن قصر في شيء مما وجب عليه من ذلك، استحق العقوبة في الدنيا والآخرة شرعا وقدرا. الثاني: ما أجرى الله العادة به في الدنيا ، وأمر عباده بتعاطيه، كالأكل عند الجوع، والشرب عند العطش، والاستظلال من الحر، والتدفؤ من البرد ونحو ذلك، فهذا أيضا واجب على المرء تعاطي أسبابه، ومن قصر فيه حتى تضرر بتركه مع القدرة على استعماله، فهو مفرط يستحق العقوبة.