{ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ} للنبات { شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا} أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة، والأقوات الشهية { حبًّا} وهذا شامل لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها، { وَعِنَبًا وَقَضْبًا} وهو القت، { وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} وخص هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة العصر. { وَحَدَائِقَ غُلْبًا} أي: بساتين فيها الأشجار الكثيرة الملتفة، { وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} الفاكهة: ما يتفكه فيه الإنسان، من تين وعنب وخوخ ورمان، وغير ذلك. والأب: ما تأكله البهائم والأنعام، ولهذا قال: { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} التي خلقها الله وسخرها لكم، فمن نظر في هذه النعم أوجب له ذلك شكر ربه، وبذل الجهد في الإنابة إليه، والإقبال على طاعته، والتصديق بأخباره. { 33 - 42} { فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} أي: إذا جاءت صيحة القيامة، التي تصخ لهولها الأسماع، وتنزعج لها الأفئدة يومئذ، مما يرى الناس من الأهوال وشدة الحاجة لسالف الأعمال.
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا سبب نزول آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا) ليس هناكَ سببٌ مخصوصٌ لنزولِ هذه الآية الكريمة، لكنَّها قد نزلت مع ما سبقها من الآياتِ في معرضِ الحديثِ عن موقفِ المنافقينَ الَّذينَ تخلفوا عن غزوةِ تبوكَ، حيث إنَّهم كانوا ينقلون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- أخباراً سيئة، فساءَ كلامهم رسول الله وأصحابه الكرام. [١] وبعد ذلك أنزلَ الله -عزَّ وجلَّ- قوله: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ، [٢] وذلك إرشاداً منه لنبيَّه الكريمِ في كيفيةِ الردِّ على أعدائهِ عند شكِّهم في نصرِ الله -عزَّ وجلَّ- له وللمسلمينَ. [١] تفسير آية ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا) يوجِّه الله -عزَّ وجلَّ- نبيَّه الكريم في هذه الآيةِ ويعلِّمه كيفية الردِّ على المنافقينَ المتخلفينَ عنه في غزوةِ تبوكَ والذينَ ينقلون عنهم أخباراً تسوؤهم؛ فيقول له: قل يا محمد لهؤلاءِ المنافقينَ أنَّه لن يُصيبكم إلا ما قد قضاه الله لكم، وما كتبَه الله عليكم في اللوحِ المحفوظِ، ثمَّ أخبرهم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو ناصركم على أعدائكم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (1) { بِسْمِ اللَّهِ} أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى, لأن لفظ { اسم} مفرد مضاف, فيعم جميع الأسماء [الحسنى]. { اللَّهِ} هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال. { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم فلهم نصيب منها. واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها, الإيمان بأسماء الله وصفاته, وأحكام الصفات. فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم, ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم. القرآن الكريم - مفاتيح الغيب للرازي - تفسير سورة عبس. فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته, وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم, يعلم [به] كل شيء, قدير, ذو قدرة يقدر على كل شيء.
أقسم الله تعالى بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا والملائكة التي تجذب أرواح المؤمنين بنشاط ورفق والملائكة التي تسبح في نزولها من السماء وصعودها إليها, فالملائكة التي تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء; لئلا تسرقه, فالملائكة المنفذات أمر ربها فيما أوكل إليها تدبيره من شؤون الكون ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير خالقه, فإن فعل فقد أشرك- لتبعثن الخلائق وتحاسب, يوم تضطرب الأرض بالنفخة الأولى نفخة الإماتة, تتبعها نفخة أخرى للإحياء. قلوب الكفار يومئذ مضطربة من شدة الخوف, أبصار أصحابها قليلة من هول ما ترى. يقول هؤلاء المكذبون بالبعث: أنرد بعد موتنا إلى ما كنا عليه أحياء في الأرض؟ أنرد وقد صرنا عظاما بالية؟ قالوا: رجعتنا تلك ستكون إذا خائبة كاذبة. فإنما هي نفخة واحدة, فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد أن كانوا في بطنها. هل أتاك- يا محمد- خبر موسى؟ حين ناداه ربه بالوادي المطهر المبارك " طوى ", فقال له: اذهب إلى فرعون, إنه قد أفرط في العصيان؟ فقل له: أتود أن تطهر نفسك من النقائص وتحليها بالإيمان, وأرشدك إلى طاعة ربك, فتخشاه وتتقيه؟ فأرى موسى فرعون العلامة العظمى: للعصا واليد, فكذب فرعرن نبي الله موسى عليه السلام, وعصى ربه عز وجل, ثم ولى معرضا عن الإيمان مجتهدا في معارضة موسى.
[٢] قراءة طلحة بن مصرف نُسبَ إلى طلحة بن مصرف أنَّه قرأ كلمة يصيبنا بتشديد الياءِ، فأصبحت عنده يصيِّبنا، وكذلك قرأ الآية بكلمة لن، بدل هل. [٦] قراءة عبد الله بن مسعود قرأ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كلمة هل بدل كلمة لن. [٧] المراجع ^ أ ب محمد علي الصابوني (1981)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة 7)، لبنان:بيروت، صفحة 147، جزء 2. بتصرّف. ^ أ ب ت سورة التوبة، آية:51 ^ أ ب محمد بن جرير الطبري (2001)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة 1)، صفحة 495، جزء 11. بتصرّف. ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد ، صفحة 17، جزء 105. بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم:2999، صحيح. ^ أ ب ت المنتجب الهمذاني (2006)، الفريد في إعراب القرآن المجيد (الطبعة 1)، المدينة المنورة- المملكة العربية السعودية:دار الزمان للنشر والتوزيع، صفحة 277، جزء 3. بتصرّف. ↑ الزمخشري (1407)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 278، جزء 2. بتصرّف.