المياه في المذاهب الأربعة تباينت أرآء الفقهاء في تقسيم المياه عند حديثهم في كتاب الطهارة، وفيما يلي أقوال كل مذهب في هذه المسألة مع بيان القول الراجح فيها: المذهب الحنفي: عند النظر في كتب الحنفية نجد أن لهم تقسيمين للمياه: تقسيم إجمالي؛ يتلخص في أن المياه تنقسم إلى ثلاثة أقسام: طاهر طهور: وهو الباقي على أوصاف خلقته، وطاهر فقط: وهو كل ماء أزيل به حدث أو أقيمت به قربة، وأما الثالث: فهو النجس: وهو ماء قليل وقعت فيه نجاسة غيرت أحد أوصافه جاريا كان أو واقفا. والتقسيم الآخر للمياه عندهم: التقسيم التفصيلي، ويسمونه: تقسيم المياه من حيث أوصافها الشرعية، وهو عدة أقسام منها: 1) ماء طاهر مطهر غير مكروه الاستعمال: وهو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس. النجاسة العينية هي التي لايمكن تطهيرها مطلقا مثل - عربي نت. 2) ماء طاهر مطهر مكروه الاستعمال تنزها مع وجود غيره: وهو الماء الذي شرب منه حيوان مثل الهرة والدجاجة المرسلة التي تجول في القاذورات ولم يعلم طهارة منقارها من نجاسته فكره سؤرها للشك. فإن لم يكن كذلك فلا كراهة فيه بأن حبست فلا يصل منقارها لقذر وكذا الماء الذي شربت منه سباع الطير. 3) ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، وهو أربعة أقسام: • الماء المستعمل: فهذا يجوز شربه واستعماله إن كان نظيفا مع الكراهة التنزيهية لإزالة الحدث.
2) وأما النجاسات الحكمية فمنها ما هو حدث - سواء كان حدثًا أصغر أو أكبر -، ومنها ما هو نجاسة عينية يُتيقن وجودها ويُجهل مكانها كالبول إذا جف على المحل ولا يوجد له رائحة ولا أثر؛ فهذه تُطهر بتجاوز محل سببها كما في غسل الأعضاء من الحدث؛ فإن محل الحدث الفرج مثلاً - حيث خرج منه خارج - وقد وجب غسل غيره من الأعضاء وهذه يكفي فيها جري الماء على المحل مرة واحدة(6). ------------------ (1) بدائع الصنائع (1/15)، حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار فقه أبو حنيفة، لابن عابدين، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1421هـ - 2000م (1/179)، تحفة الملوك (في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان)، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، تحقيق: عبد الله نذير أحمد، الناشر: دار البشائر الإسلامية، بيروت، ، الطبعة الأولى، عام 1417هـ ، (1/20). (2) انظر: التلقين في الفقه المالكي، لأبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي المالكي، تحقيق: محمد ثالث سعيد الغاني الناشر: المكتبة التجارية، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، عام 1415هـ، (1/54)، الثمر الداني (1/36)، التاج والإكليل (1/43).
وهو يطهر من الخبث عند عدم وجود غيره. ويعرفونه بأنه الماء الذي أزيل به حدث كغسالة الوضوء، والماء المنفصل من غسل المحدث، والماء المستعمل في البدن بنية القربة؛ كالوضوء على الوضوء، وغسل اليدين قبل الطعام. والماء عندهم يصير مستعملاً عندما ينفصل عن العضو وإن لم يستقر. • ماء الشجر والثمر. • ماء زال عن رقته بالطبخ كماء الحمص والعدس وماء خالطه أحد الجامدات الطاهرات فزالت سيولته. • الماء الذي حصل له اسم غير الماء بمخالطة الجامدات الطاهرات وإن بقي على سيولته مثل العرقسوس الشراب المعروف. 4) الماء المتنجس، وهو قسمان: • ماء جار: وهو ما يَعده الناس جاريًا على الأصح، ولا يُعد هذا الماء نجسًا إلا بتغير أحد أوصافه من لون، أو طعم، أو ريح. النجاسه العينيه هي التي لا يمكن تطهيرها مطلقا مثل هذه. • الماء الراكد: وهو إما أن يكون قليلاً أو كثيرًا: فالقليل: ينجس بوقوع النجاسة فيه ولو لم يظهر أثرها. وأما الكثير: وهو ما لا يخلص بعضه إلى بعض أي لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الآخر. فحكم الماء الكثير أنه لا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه، وإذا كانت النجاسة مرئية وظاهرة فلا يتوضأ من مكانها. 5) ماء طاهر مشكوك في طهوريته: وهو سؤر كل حيوان مختلف في جواز أكل لحمه كالحمار الأهلي(1). المذهب المالكي: وفيه أن الأصل في المياه كلها الطهارة، والتطهير على اختلاف صفاتها ومواضعها من سماء، أو أرض، أو بحر، أو نهر، أو عين، أو بئر، أو ملح، أو عذب، أو راكد، كان باقيًا على أصل ميوعته أو ذائبا بعد جموده إلا ما تغيرت أوصافه التي هي: اللون، والطعم، والريح، أو أحدها وقد يُقسمون المياه إلى قسمين: 1) ماء مطلق: وهو الذي يحصل به التطهر، وهو الذي لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه غالبًا مما ليس بقرار له ولا متولد عنه فيدخل ما تغير بالطين؛ لأنه قراره وكذلك ما تغير بطول المكث؛ لأنه متولد عن مكثه، وما تغير بالطحلب؛ لأنه من باب مكثه، وما انقلب عن العذوبة إلى الملح؛ لأنه من أرضه وطول إقامته.