… والمناطق اللبنانية، كغيرها، كانت تشكل ولاية من الولايات البيزنطية مع نوع من الإدارة الذاتية. ولاية، كان سكانها مزيجا من أقوام متعددة، من بينهم العرب في سهل البقاع، وقد كان معظمهم يدين بالمسيحية، لا سيما منذ قسطنطين الأول (272-337م). اقرأ أيضا: الترجمة إلى العربية: حين أدرك العرب أن العلم وحده المدخل إلى حياة الحضارة 4/1 الذي يهمنا أنه، حتى حين دخل الإسلام هذه المناطق، لم يكن هناك أي ترابط قومي أو حتى شبه قومي فيما بين سكانها، يقول الأكاديمي اللبناني فؤاد شاهين في كتابه "الطائفية في لبنان… حاضرها وجذورها التاريخية والاجتماعية". خريطة لبنان الادارية – لاينز. كانت هنالك، وفق شاهين، جماعات مسيحية متناحرة، بعضها تعاون مع المسلمين، والبعض الآخر وقف إلى جانب البيزنطيين واشترك في الحرب ضد العرب… حين صار الأمر إلى المسلمين، استوطن عدد كبير منهم في الساحل اللبناني، قصد تحصينه ضد محاولات البيزنطيين في جعل الجبال اللبنانية قلاعا تنطلق منها مناوشاتهم… لم يمر وقت طويل حتى اندلع الصدام بين السكان المحليين النصارى، والقبائل الوافدة عليهم… ودائما ما كان النصارى ينهزمون في المعارك تلك… ثم في النهاية، اضطروا إلى الانطواء داخل قراهم الجبلية.
جاء هذا الغضب نتيجة تاريخٍ من الاحتقان السياسي الذي كان انعكاسه على الواقع الاجتماعي والاقتصادي. انفجر غضب الناس ونزلت إلى الشوارع، طبعًا هناك من يقول "إنها ثورةٌ مسيّرة" وهناك من يقول "إنها ثورةٌ مُخيرة"، ولكن الحقيقة تقول إن للشعوب ضميرًا، وحالة وجدانٍ تستيقظ في حالةٍ معينة من الزمن، وتغضب عندما لا تتحقق مصالحها. ورغم التبعية الحاصلة والمترسخة في الحالة اللبنانية، فهي تبعية ظاهرها طائفي وباطنها سياسي ونفعي خاص. المدن - عن هراء "الأم والأخت والشريكة". ما حدث في 2005 أو 1975 أو 2019 ليس إلا نتيجة حتمية كون لبنان عالقًا فيما يُعرف بالجمهورية الثانية مصطحبًا معه دستورٌ عفن؛ تم كتابته في ظروفٍ سياسية واجتماعية مختلفة عن الواقع في كافة المجالات، وكما نعلم أن الدستور الحالي ومع تعديلاته التي لم ترتقِ لتحاكي الواقع المتغير بشكلٍ مستمر وسريع، فهو دستور فرنسي في جمهوريتها الثالثة. وحتى الآن لم يخرج أحد بفكرة أو نظرية -على الأقل- لا تقف عند حدود تشخيص الواقع، وتعطي حلولا جذرية تقوم بإصلاحٍ بنيوي للدولة المهترئة منذ نشأتها؛ فكل من يدعي الإصلاح وإعداد البرامج الإصلاحية هو كمن يعطي مادة المورفين لجسدٍ أكله السرطان يفصله سويعاتٍ قليلة عن الموت الأبدي.
ومن هنا تتردد الدولة اللبنانية في إجراء أي إحصاء رسمي حديث، وقد أجري آخر إحصاء لعدد اللبنانيين في سنة 1931، أي منذ سبعين سنة، وهو أمر لا يصدقه عقل في عصر يمكن بكبسة زر أن تعرف عدد مواطنيك، والسبب هو الخوف من معرفة حجم النتاقص في عدد المسيحيين بسبب الهجرة الدائمة والحد من المواليد الجدد لدى الطائفة التي تستحوذ على نصف الوظائف في جميع مؤسسات الدولة، في حين ينمو عدد المسلمين بشكل يكاد يتضاعف كل بضعة عقود. الطائفية في لبنان: إلى ما بعد الاستقلال… خطأ تاريخي أم استمرار للعنة؟ 5/3 | Marayana - مرايانا. النظام الإستبادي والنظام الطائفي إذا كان النظامان الاستبدادي والطائفي يتشاركان في إضعاف الشعور بالإنتماء لدى المواطن ويقتلان إبداع وطاقات الشعوب ويسببان الهدر والتشظي في بنية المجتمع، فإنهما يختلفان من حيث درجة السوء. فالنظام الاستبدادي عمره قصير ولا يتعدى بضعة عقود إذا ما استقرأنا التاريخ الحديث، في حين أن النظام الطائفي في نسخته اللبنانية يضرب في التاريخ إلى ما قبل قرنين من الزمن. وبينما يفرض النظام الاستبدادي على الشعب بقوة الحديد والنار ويساهم في إنتاجه وحمايته فرد أو مجموعة صغيرة، يكون النظام الطائفي قد أصبح جزءا أساسيا من هوية الشعب وثقافته وقيمه وسلوكه. وحين يزول الاستبداد مع رحيل المستبد أو الديكتاتور يكون النظام الطائفي قد أعاد إنتاج نفسه مع كل مجموعة جديدة تتوالى على الحكم، حيث إن أساس النظام الاستبدادي الفساد في الإدارة والحكم، أما النظام الطائفي فهو تركيب بنيوي معقد وأثره يمتد إلى اللاوعي عند الفرد الذي يتشكل منه المجتمع.
● العامل الثاني: هو طموحات بعض الطوائف ولو على حساب الباقي! استغلالا للمتغيرات الدولية والإقليمية، ويأتي في مقدمة هذه الطوائف صاحبة الطموح: الشيعة والموارنة. ● العامل الثالث: الطموحات الشخصية لبعض الساسة اللبنانيين، فطبيعة الساحة السياسية اللبنانية تحتم على هذه الشخصيات الولوغ في مستنقع التحالفات المريبة والمؤامرات الدولية في سبيل الوصول إلى الغاية! أما بالنسبة لأهل السنة في لبنان، فهناك عدة عوامل جعلت مواقفهم ضعيفة بالرغم من أنهم الطائفة الأكبر عددا، والأنصع تاريخا. هذه العوامل هي: ● التشتت الحزبي، وعدم وجود قوة مهيمنة قادرة على لمّ صفوف الطائفة وقيادتها نحو بر الأمان. ● ظاهرة "العوائل السياسية البورجوازية" التي احتكرت المناصب السياسية المعطاة للطائفة منذ استقلال لبنان إلى الآن. ● عدم وجود قوة خارجية تسند السنة وتدعم موقفهم داخليا وإقليميا، كما أن الغرب وإسرائيل تدعم الموارنة، وسوريا وإيران تدعمان حزب الله!
أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي، أن "14 آذار" كانت أكثر من انتقام ممن اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأقل من مشروع وطن، مشيراً الى أنها "جسدت لحظة وعي لدى كثيرين من اللبنانيين بأن الاستقواء بالخارج لم ولن يجلب إلا الويلات على الداخل، وبأن العودة إلى روح العقد الاجتماعي والميثاق هو الأسلم لبناء وطن مستدام وهذه كانت نية الجماهير العفوية الصادقة التي نزلت إلى ساحة الشهداء وبقية الساحات". ولفت، في حديث الى "اندبندنت عربية"، الى أنه في خريطة القوى الأساسية التي كانت منضوية في هذه الحركة السيادية، وحده حزب القوات اللبنانية لا يزال يتحدث عن استمرارها، وإن بأشكال مختلفة، معتبراً أن روح "14 آذار" هي ثوابت الحزب القائمة على السيادة والتعددية والديمقراطية". كما إعتبر بو عاصي أن هذه الحركة كانت واعدة لأن الإطار السياسي التنظيمي كان جاهزاً، لا سيما تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب، ويستذكر عبور جمهور هذه الأحزاب الحواجز الطائفية بانسيابية غير معتادة في المشهد السياسي اللبناني، ما ساهم في خلق تمثيل سياسي لحركة شعبية. أما أسباب تراجع هذه الحركة السياسية الشعبية فهي بدأت، بحسب بو عاصي، مع "تزايد الخوف نتيجة الاغتيالات المتتالية إضافة إلى الغطاء المسيحي الذي أمنه ميشال عون لـ "حزب الله" من خلال أكبر كتلة مسيحية، مروراً بتنازلات محلية وإقليمية وصولاً إلى السابع من مايو 2008، واتفاق الدوحة وخيبة أمل جمهور ثورة الأرز، فكانت الضربة التي حضرت للضربة القاضية في كانون الثاني2011 من خلال "القمصان السود".
تتفوق إيران على دول العالم في حالات الإعدام، ولا تتردد في استعمال هذه العقوبة بحق المعارضين السياسيين من الأقلية السنية، وقد تناولت تقارير قيام السلطات الإيرانية بإعدام 27 معارضا سنيا أواخر ديسمبر الماضي. اليمن لا يخفي الصراع السياسي في اليمن البعد الطائفي الذي يغلفه، وإن كان هذا الصراع نتاجا لتدهور الدولة وهشاشة أدائها الشديدة، قبل أن يتحول الأمر إلى نزاع حول السلطة بين الحوثيين الزيديين الموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من ناحية، وبين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي من ناحية أخرى. وازداد الوضع سوءا في اليمن بعد التدخل العسكري لحلف السعودية، التي قررت دفع خطر المد الشيعي الممثل في الحوثيين عن حدودها. باكستان يمثل الشيعة في باكستان 20 بالمائة، وكثيرا ما يكونون عرضة للتفجيرات والاغتيالات من طرف الجماعات" المتطرفة" السنية مثل" طالبان باكستان" وجماعة "جند الله"، وبدورها بعض الجماعات الشيعية "المتطرفة" مثل "جيش محمد" ترد بالاغتيالات في حق رجال الدين السنة. أمام هذا الصراع الطائفي الذي يشتعل أحيانا ويخبو أحيانا أخرى، تبقى الحكومة في باكستان شبه عاجزة في أحوال كثيرة عن السيطرة على الوضع، ما يهدد استقرار البلد بحرب طائفية شاملة.