وسماحة الشريعة ترتبط بمبدأ العدل الذي قرره القرآن الكريم، وبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ونذر حياته لتحقيقه في عالم الواقع، وفي ذلك يقول ابن القيم: (إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَوْر، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن دخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدلُ الله بين عباده، ورحمته بين خَلْقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها) [4]. وقاعدة (المشقة تجلب التيسير)، ترتبط بهذا المقصد الشرعي العام، وسأبحثها في المطالب التالية: 1- الأول: معنى القاعدة، وأدلتها الشرعية. 2- الثاني: صلة القاعدة بمقاصد الشريعة. 3- الثالث: الرخص في التكاليف الشرعية ، كتطبيق لهذه القاعدة. قاعدة المشقة تجلب التيسير pdf. 4- الرابع: القواعد المتفرعة عنها. فإلى لقاء مع أولى حلقات هذه المطالب.. [1] أ. د. وهبة الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، الطبعة الثانية، مؤسسة الرسالة، بيروت (1979م)، (ص 38). [2] أ. عبدالكريم زيدان، حالة الضرورة في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، بيروت: (ص 5).
6- النقص: هو لغة الضعف، والمراد بالنقص هو عدم الكمال، وقد خفف الله عمن كان فيه شيء من النقص، ومن هؤلاء غائب العقل ، والعبد، والمرأة، ويدخل في غائب العقل: المجنون، والمعتوه، والنائم، والمغمى عليه، فهذه العوارض إذا عرضت للإنسان بعد كمال أهليته اثرت في تكليفه، وخففت عنه، فلذا فليس على المجنون تكليف، وكذا المعتوه، وإن كانت تصح منه إن عقلها، وجعلوا حكمه حكم الصبي المميز، وأما النائم فلا تكليف عليه، فلو طلق أو قذف وهو نائم فلامؤاخذة عليه، وكذا الحكم في المغمى عليه. وأما العبد فمن التخفيفات التي حصلت بسبب رقِّه: سقوط الجمعة والجماعة عنه، وكذا الحج والعمرة، وخفف عنه في العقوبة فكان على النصف من الحر. شرح قاعدة المشقة تجلب التيسير. واما المرأة فخفف عنها بإسقاط الصوم والصلاة حال حيضها وحال نفاسها، وسقوط طواف الوداع عنها إذا حاضت ولم تطف، وعدم وجوب الجمعة والجماعة عليها. 7- العسر وعموم البلوى: والمراد به ما لايمكن التحرز عنه عند أكثر الناس، فإذا كان من هذا النوع فلايلزم المكلف التزامه، ومن ذلك رذاذ البول الذي لايُرى لصعوبة التحرز منه، وهو مما تعم به البلوى، وكذلك العفو عن دم البراغيث والبعوض، وما يكون في أرجل الذباب من النجاسات، ونحو ذلك.
هذا شيء مما يتعلق بهذه القاعدة.
[1] البهوتي، كشاف القناع: 6/ 358 - 359. [2] خالد الوذيناني، عجز المكلف غير المالي وأثره في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه غير منشورة، من المعهد العالي للقضاء - الرياض: 1422هـ. [3] السرخسي، المبسوط: 4/ 114. [4] ابن قدامة، المغني: 5/ 199 - 200. [5] الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير للدردير: 2/ 95. [6] الشربيني، مغني المحتاج: 1/ 533. [7] الكاساني، بدائع الصنائع: 2/ 128، مالك، المدونة: 1/ 425 - 426، الشافعي، الأم: 2/ 262، ابن قدامة: المغني: 5/ 249 - 250. [8] الكاساني، بدائع الصنائع: 2/ 130. [9] النووي، روضة الطالبين: 3/ 84. [10] ابن قدامة، المغني: 5/ 248 "وقال - أي الإمام أحمد -: إذا أعيا في الطواف، لا بأس أن يستريح، وقال: الحسن غشي عليه، فحمل إلى أهله، فلما أفاق أتمه". [11] القرافي، الذخيرة: 3/ 239. [12] النووي، روضة الطالبين: 3/ 84. [13] ابن قدامة، المغني: 5/ 247 - 248. [14] صحيح مسلم: 2/ 943، سنن أبي داود: 1/ 456، النسائي، المجتبى: 5/ 219. [15] ابن المنذر، الإجماع، ص 20. ق4: المشقة تجلب التيسير - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد. [16] ابن قدامة، المغني: 5/ 247. [17] الدردير، الشرح الكبير: 1/ 32. [18] الشافعي، الأم: 2/ 262. [19] ابن قدامة، المغني: 5/ 248.
التطبيقات العملية للقاعدة ([4]). توجد لهذه القاعدة الفقهية العديد من التطبيقات العملية فى مجال المعاملات المدنية، وفى مجال العقوبات الجنائية، وكذلك فى مجال الأحوال الشخصية، ومن هذه التطبيقات ما يلى. من تطبيقات القاعدة فى مجال المعاملات جواز بيع الإنسان مال رفيقه وحفظ ثمنه لورثته بدون ولاية ولا وصاية إذا مات فى السفر حفاظًا على هذا المال، و جواز فسخ الإجارة بعذر السفر، و إعذار الشفيع فى تأخير طلب الشفعة إذا جهل الشفيع بالبيع، والإكراه إذا وقع وترتب عليه إبرام عقد فإذا زال الإكراه كان للمكره الخيار إن شاء أمضى العقد وإن شاء فسخه. مستشار مفتى الجمهورية: المعيار الشرعى لفدية الصيام 10 جنيهات ومن يزيد فهو صدقة. 2. من تطبيقات القاعدة فى مجال العقوبات: تأخير إقامة الحد على المريض غير حد الرجم إلى أن يبرأ، وإباحة المنهيات عند الضرورة، كإتلاف مال الغير، وشرب المسكر. ومن أسلم فى غير ديار المسلمين ولم تبلغه أحكام الشريعة، فتناول المحرمات جاهلاً حرمتها فهو معذور. 3. من تطبيقات القاعدة فى مجال الأحوال الشخصية لو باع الأب أو الوصى مال اليتيم ثم ادعى أن البيع وقع بغبن فاحش وهو لا يعلم تقبل دعواه، ولو أجاز الورثة الوصية ولم يعلموا ما أوصى به الميت لا تصح إجازتهم لجهلهم، ولو اختلعت المرأة من زوجها على بدل ثم ادعت أنه كان طلقها ثلاثًا قبل الخلع وهى لم تكن تعلم ثم برهنت على دعواها فإنها تسترد البدل ويغتفر تناقضها الواقع فى إقدامها على الاختلاع لجهلها بالطلاق عند الاختلاع.
اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.