﴿ أكل خمط ﴾: ثمر مرّ حامض. ﴿ أثل ﴾: شجر لا ثمر له. ﴿ سدر ﴾: شجر النبق. ﴿ القرى ﴾: قرى الشام. ﴿ قرى ظاهرة ﴾: واضحة. ﴿ وقدرنا فيها السير ﴾: حددنا المسافة بين كل قرية وأخرى وجعلناها على مراحل متقاربة. ﴿ باعد بين أسفارنا ﴾: اجعل المسافة بين القرى طويلة (وفي ذلك جحود لنعمة الله). ﴿ جعلناها أحاديث ﴾: جعلهم الله على ألسنة الناس يتعجبون منهم. ﴿ ومزقناهم كل ممزق ﴾: وفرقناهم وشتتناهم. ﴿ صدق عليهم إبليس ظنه ﴾: تحقق ظنه فيهم، وهو قوله: ﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 17]. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة سبإ. ﴿ سلطان ﴾: تسلط واستيلاء بالوسوسة والإغواء. ﴿ مثقال ذرة ﴾: مقدار ما يرى في شعاع الشمس من غبار. ﴿ ما لهم فيهما من شرك ﴾: ليس لهم في السموات والأرض نصيب ليباهوا به. ﴿ ظهير ﴾: معين. مضمون الآيات الكريمة من (15) إلى (22) من سورة «سبأ»: 1 - وضَّحت الآيات صورة أخرى مقابلة تمامًا للصورة السابقة صورة الجاحدين الكافرين وهم أهل «سبأ» من قبائل اليمن، فقد كانت لهم مجموعتان من البساتين أولاهما عين يمين «مأرب»، والأخرى عن شمالها، يرزقون منها رزقًا حسنًا وافرًا، فأعرضوا عن شكر الله وكفروا به، فأرسل الله عليهم سيلاً شديدًا أغرق جنتيهم وبدَّلهم بهما بستانين بهما ثمر مر كريه، وشجر لا ثمر له.
فالعبد الشكور هو الذي يعرف نعمة الله فيشكر بلسانه وبقلبه وبعمله. قال تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا [سبأ:13] فكان داود يعمل العمل العظيم من التسبيح الذي كان تتجاوب معه الجبال والطير، ويقوم في ثلث الليل مصلياً لله سبحانه وتعالى، ويحكم بين الناس بالحق، ويطيع الله سبحانه في أمره وحكمه بين الناس، وكان ذا استغفار وتسبيح كثير، كذلك سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فلما قال الله عز وجل: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا [سبأ:13] قاموا بذلك ونفذوه، وهذا كله تهيئة وتوطئة ليبين لنا بعد ذلك أن الذين شكروا الله عز وجل على نعمه أعطاهم الفضل العظيم، وأن من لم يشكر الله سبحانه يستحق نقمة الله عليه جزاء وفاقاً. قال سبحانه: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13] أي: أن قليلاً من عباد الله عز وجل من يشكر، فيمكن لكل إنسان أن يقول: الحمد لله، ولكن هل هذه الكلمة تخرج من قلب هذا الإنسان وهو يقول: الحمد لله أم هو يستقل نعمة الله عز وجل عليه، ويستكثر نعمة الله على غيره، فيحسد الغير ويحقد عليه؟!
﴿ أنت ولينا من دونهم ﴾: أنت الذي نواليه ونعبده من دونهم. ﴿ بينات ﴾: واضحات. ﴿ إفك مفترى ﴾: كذب مختلق. ﴿ إن هذا إلا سحر مبين ﴾: ما هذا إلا سحر واضح. ﴿ وما بلغوا معشار ما آتيناهم ﴾: وما بلغ كفَّار مكة عشر ما آتينا من قبلهم من القوة والنعم. ﴿ نكير ﴾: عاقبة إنكاري عليهم وذلك بالتدمير والإهلاك. ﴿ أعظكم بواحدة ﴾: أنصح لكم بخصلة واحدة. ﴿ مثنى وفرادى ﴾: اثنين اثنين، وواحدًا واحدًا. ﴿ من جنة ﴾: من جنون. تفسير سوره سبا للشيخ الشعراوي. ﴿ إن أجري إلا على الله ﴾: ما جزائي على تبليغي رسالة ربي إلا على الله ربي، فهو وحده الذي يكافئني. ﴿ يقذف بالحق ﴾: يلقى الحق في قلوب من يختارهم، ويرمي به الباطل فيزيله ويبطله. ﴿ جاء الحق ﴾: جاء بالإسلام. ﴿ وما يبدئ الباطل وما يعيد ﴾: الباطل الهالك لا يقدر أن ينشئ خلقًا أو يعيدهم بعد فنائهم. ﴿ فزعوا ﴾: خافوا عند الموت أو البعث. ﴿ فلا فوت ﴾: فلا نجاة من العذاب. ﴿ مكانٍ قريب ﴾: موقف الحساب. ﴿ أنَّى لهم التناوش ﴾: من أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولاً سهلاً أو يتوبوا (وفي الاستفهام استبعاد ونفي). ﴿ من مكان بعيد ﴾: هو الآخرة. ﴿ يقذفون بالغيب ﴾: بغير علم يدعون أنه لا حساب ولا عقاب. ﴿ أشياعهم ﴾: أشباههم وأمثالهم من الكفار.
5 - ثم تختم السورة ببيان المصير المشؤوم الذي ينتهي إليه المشركون، فقد أخذوا إلى النار من مكان قريب من الموقف، وقالوا: آمنَّا بمحمد، ولكن هيهات أن يقبل منهم إيمان في الآخرة، فقد فات الأوان ولا يمكن أن يحققوا ما يريدون من قبول الإيمان والنجاة من العذاب.
﴿ مريب ﴾: موقع في الشك والقلق. تفسير سورة سبأ للناشئين (الآيات 23 - 54). مضمون الآيات الكريمة من (40) إلى (54) من سورة «سبأ»: 1 - تبيِّن الآيات موقفًا آخر من مواقف المشركين يوم القيامة حيث يسأل الملائكة في مواجهة الكفار: أهؤلاء الكفار كانوا يعبدونكم؟ فيجيب الملائكة بتنزيه الله عن الشريك وتعلن طاعتها له سبحانه وتعالى وأن الكفار كانوا يطيعون الشياطين وحينئذ يلاقي الكافرون عذاب النار الذي ينتظرهم. 2 - ثم تتحدث عن موقف المشركين في الدنيا من آيات الله عندما يتلوها الرسول عليهم، فيزعمون أنها كذب أو سحر من غير دليل. 3 - ثم توجِّه الآيات الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن ينصح قومه أن يتفرقوا اثنين اثنين وواحدًا واحدًا، ثم يتفكروا في أمره وفيما جاء به بعيدًا عن التعصب والعناد؛ حتى يتأكدوا أنه ليس مجنونًا وإنما هو نذير لهم من عذاب شديد ينتظرهم، ويبين لهم أنه لم يطلب أجرًا منهم على تبليغ الرسالة، وإن كان قد طلب أجرًا فهو لهم ولن يأخذ منهم شيئًا؛ لأن أجره على الله سبحانه وتعالى وأن يخبرهم بأن الله يلقى بالحق على من يختاره من عباده؛ ليزهق به الباطل. 4 - ثم توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرد على هؤلاء المشركين الذين يتهمونه بالضلال؛ لأنه ترك دين الآباء والأجداد، فجزاء الضلال عائد على صاحبه وأما الهداية فإنها بوحي من الله سبحانه وتعالى وبتوفيقه.
2 - وأما سليمان عليه السلام فقد سخر له الله الريح تأتمر بأمره، وكذلك فجر الله له علينا من الأرض يخرج منها النحاس المذاب، وسخر له من الجن من يعمل له كل ما يريد من المصنوعات من قصور عاليات وتماثيل وأوان فخارية وقدور ضخمة ثابتة في مكانها، وأمره سبحانه وتعالى هو وأهله بطاعة الله فلما حان أجله مات متكئًا على عصاه، ولم يعرف الجن أنه مات إلا عندما أكلت الأرضة عصاه فسقط على الأرض، فانطلقوا من سجنهم بعد أن كانوا يعانون من الأعمال الشاقة التي كلفوا بها. دروس مستفادة من الآيات الكريمة:من (8) إلى (14) من سورة «سبأ»: 1 - قيمة العمل وأهميته، ولا مانع من الاستعانة بجهود الآخرين وخبراتهم لتحسين مستوى الإنتاج وزيادته. 2 - منصب النبوَّة أعلى من منصب الملك، وقد جمع الله سبحانه وتعالى لسليمان عليه السلام بينهما. 3 - الجن لا تعلم الغيب ولو كانت تعلمه لعرفت موت سليمان وما بقيت في الأعمال الشاقة. معاني مفردات الآيات الكريمة من (15) إلى (22) من سورة «سبأ»: ﴿ سبأ: ﴾ قوم كانوا يسكنون جنوب اليمن. ﴿ آية ﴾: علامة دالة على قدرة الله. سورة سبأ تفسير. ﴿ جنتان ﴾: بستانان. ﴿ فأعرضوا ﴾: فلم يؤمنوا بربهم، أو كذبوا أنبياءهم. ﴿ سيل العرم ﴾: سيل السد أو المطر الشديد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) حكيم في أمره، خبير بخلقه.
16698 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: أما قوله: ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ، فإن الظلم في الأشهر الحرم [ ص: 239] أعظم خطيئة ووزرا ، من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيما ، ولكن الله يعظم من أمره ما شاء. (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) (خطبة). وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه ، اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم الله ، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا تظلموا في تصييركم حرام الأشهر الأربعة حلالا وحلالها حراما أنفسكم. 16699 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) ، إلى قوله: ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ،: أي: لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما ، كما فعل أهل الشرك ، فإنما النسيء ، الذي كانوا يصنعون من ذلك ، ( زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا) ، الآية. 166700 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن: ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ، قال: "ظلم أنفسكم" ، أن لا تحرموهن كحرمتهن.
خطبة ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) فلا تظلموا فيهن أنفسكم ٣|٧|١٤٣٨هالموافق ٣١|٣|٢٠١٧م جامع الرحمة بالشحر الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح الخطبة الأولى أيها المسلمون، قال الله عز وجل: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ). أي إن عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا، يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال، هي: ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجب، ذلك هو الدين المستقيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم; لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها. فكون السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، مما حكم الله به شرعا وقدرًا، وكتبه في اللوح المحفوظ، وهذا هو الدين المستقيم، والحكم الصحيح، الذي لا يتبدل ولا يتغير، ولا يتقدم تحريمها ولا يتأخر، فلا يجوز التلاعب بأحكام الله بالتبديل والتقديم والتأخير، والتقييد والإطلاق، بحسب الأهواء والأذواق، ومن أجل المصالح والمكاسب الدنيوية، بلا حجة ولا برهان، ولا دليل صحيح ولا سلطان.
رواه البخاري 2958 والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه وقوله تعالى: ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) " أي في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها. وعن ابن عباس في قوله تعالى: ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم) في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما وعظّم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم ، وقال قتادة في قوله " فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم " إن الظّلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء ، وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم واصطفى من الأيام يوم الجمعة واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظّم الله. فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة التوبة - القول في تأويل قوله تعالى "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا "- الجزء رقم14. " انتهى ملخّصا من تفسير ابن كثير رحمه الله: تفسير سورة التوبة آية 36 فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ. "
أما أسماء الشهور في الجاهلية فهي على النحو التالي: المحرم: (المؤتمر)، وصفر: (ناجر)، وربيع الأوَّل: (خَوَّان أو خُوَّان)، وربيع الآخر: (وُبْصَان أو وَبْصَان)، وجمادى الأولى: (الحَنين)، وجمادى الآخرة: (رُنَّى أو رُبَّى)، ورجب: (الأَصَمُّ)، وشعبان: (عاذِل)، ورمضان: (ناتق)، وشوَّال: (وَعِل)، وذو القعدة: (وَرْنَة، أو هُوَاع)، وذو الحجة: (بُرَك) ، وذُكر غير ذلك في هذه الأسماء، وهناك من خالف جمهور العلماء في أسماء هذه الشهور. أعطى العرب قبل الإسلام أسماء خاصة للشهور قبل أن يستقروا على الأسماء المعروفة بها الآن، أما الشهور التي نستخدمها الآن فقد استقرت أسماؤها في مستهل القرن الخامس الميلادي على الأرجح، ويقال: إن أول من سماها كعب بن مرة الجد الخامس للرسول. محرم شهر المحرم هو الشهر الأول من شهور السنة الهجرية، وسمى بهذا الاسم قديمًا لأن العرب كانوا لا يستحلون فيه القتال، وقيل محرمًا لأنهم أغاروا فيه فلم يتوصلوا إلى هدفهم، فحرموا القتال فيه، وبحسب ما ذكره "معجم المناهى اللفظية" للدكتور بكر أبو زيد، فإن محرم كان يسمى فى الجاهلية صفر الأول، وأن تسميته محرمًا من اصطلاح الإسلام كونه من الأشهر الحرم عند المسلمين.
[ ص: 236] 16687 - حدثنا مجاهد بن موسى قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سليمان التيمي قال: حدثني رجل بالبحرين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، ثلاثة متواليات: ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب الذي بين جمادى وشعبان ". 16688 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح قوله: ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم) ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ثلاثة متواليات: ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب الذي بين جمادى وشعبان. 16689 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم منى: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات: ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان". وهو قول عامة أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 16690 - حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط ، عن السدي: ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم) ، أما ( أربعة حرم) ، فذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب.
[ ص: 243]
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها خصوصاً، مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها. 3 وروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "اختص الله -تعالى- أربعة أشهر جعلهن حُرماً، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيها أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم، وخص الله -تعالى- الأربعة الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهياً عنه في كل زمان". وقال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء، وإن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان، والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، إنما تعظيم الأمور بما عظم الله به عند أهل الفهم وأهل العقل. 4 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والحمد لله أولاً وآخرا. 1 رواه البخاري (4662) ومسلم (1679). 2 المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب. 3 تفسير السعدي: ص(373).