وقال السدي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار ، قال السدي: وهي كقوله تعالى في آخر السورة: ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك) الآية [ المائدة: 116]. لقد كفر اللذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة (المائدة 5 : 73)؟ – منصة ردود. وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم. قال الله تعالى: ( وما من إله إلا إله واحد) أي: ليس متعددا ، بل هو وحده لا شريك له ، إله جميع الكائنات وسائر الموجودات. قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة أي: أحد ثلاثة ، ولا يجوز فيه [ ص: 185] التنوين; عن الزجاج وغيره ، وفيه للعرب مذهب آخر; يقولون: رابع ثلاثة; فعلى هذا يجوز الجر والنصب; لأن معناه الذي صير الثلاثة أربعة بكونه منهم. وكذلك إذا قلت: ثالث اثنين; جاز التنوين ، وهذا قول فرق النصارى من الملكية والنسطورية واليعقوبية; لأنهم يقولون: أب وابن وروح القدس إله واحد; ولا يقولون ثلاثة آلهة وهو معنى مذهبهم ، وإنما يمتنعون من العبارة وهي لازمة لهم ، وما كان هكذا صح أن يحكى بالعبارة اللازمة; وذلك أنهم يقولون: إن الابن إله والأب إله وروح القدس إله ، وقد تقدم القول في هذا في ( النساء) فأكفرهم الله بقولهم هذا ، وقال: وما من إله إلا إله واحد أي: أن الإله لا يتعدد وهم يلزمهم القول بثلاثة آلهة كما تقدم ، وإن لم يصرحوا بذلك لفظا; وقد مضى في " البقرة " معنى الواحد.
من الأقانيم إله، فقد جعلوه ثالث الآلهة، وقولهم بعد هذا وهو إله واحد مناقضة لما قالوا، وإذا كان كذلك صح أن يُخْبَر عنهم من مذهبهم ما يلزمهم، وذهب من المفسرين إلى هذا الطريق: الكلبي [[لم أقف عليه. ]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (مِنْ) دخلت مؤكدة، المعنى: وما إله إلا إله واحد [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 196. ]]. وقوله تعالى: ﴿لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، أي الذين أقاموا على هذا الدين، وعلى هذا القول. الباحث القرآني. قاله الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 196، انظر: "زاد المسير" 2/ 403. ]].
تفسير القرآن الكريم
وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم. قال الله تعالى: ( وما من إله إلا إله واحد) أي: ليس متعددا ، بل هو وحده لا شريك له ، إله جميع الكائنات وسائر الموجودات. ثم قال تعالى متوعدا لهم ومتهددا: ( وإن لم ينتهوا عما يقولون) أي: من هذا الافتراء والكذب ( ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم) أي: في الآخرة من الأغلال والنكال.
وقد يكون معناه القيمة والمقام. وكلاهما يتفق مع ذلك الحدث الكوني العظيم. حدث القرآن والوحي والرسالة. وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الوجود. والليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري: ( وما أدراك ما ليلة القدر ؟). فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل هذا القرآن. وإفاضة هذا النور على الوجود كله، وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير البشري والحياة الإنسانية وبما تضمنه هذا القرآن من عقيدة وشريعة وآداب. وتنزيل الملائكة وجبريل – خاصة، بإذن ربهم، ومعهم هذا القرآن – باعتبار جنسه الذي نزل في هذه الليلة – وانتشارهم فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الكوني، الذي تصوره كلمات السورة تصويراً عجيباً. ليلة القدر سورة. والمنهج الإسلامي في التربية يربط بين العبادة وحقائق العقيدة في الضمير، ويجعل العبادة وسيلة لاستحياء هذه الحقائق وايضاحها وتثبيتها في صورة حيه تتخلل المشاعر ولاتقف عند حدود التفكير. وقد ثبت أن هذا المنهج وحده هو أصلح المناهج لإحياء هذه الحقائق ومنحها الحركة في عالم الضمير وعالم السلوك. وأن الإدراك النظري وحده لهذه الحقائق بدون مساندة العبادة، وعن غير طريقها، لايقر هذه الحقائق، ولايحركها حركة دافعة في حياة الفرد ولا في حياة الجماعة.
وبذلك يكون مجموع هذه الآيات الثلاث: أن القرآن نزل أو ابتدأ نزوله في ليلة القدر تلك الليلة المباركة من ليالي شهر رمضان المبارك. اللهم اجعل أعمالنا صالحة واجعلها لوجهك خالصة.
سورة القدر سورة القدر هي واحدة من السور المكيّة، وعدد آياتها خمس آيات، ورقمها في المصحف الكريم 97، وتقع في الجزء الثلاثين منه، ونزلت سورة القدر بعد نزول سورة عبس، وتتحدث السورة بشكل عام عن ليلة القدر، وفضلها وفضل الصلاة فيها. ليلة القدر سميت ليلة القدر بهذا الاسم الذي يعني الشرف والقدر، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأخفى الله تعالى تاريخ ليلة القدر عن المسلمين ليُكثر الناس من العبادات والصلاة والقيام في العشر الأواخر من الشهر الكريم، وورد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تَحرُّوا لَيلةَ القَدْرِ في الوَتْر من العَشرِ الأواخِرِ من رمضانَ" [رواه البخاري]، وهي خير من ألف شهر أي ما يعادل الـ 84 عاماً. موضوعات سورة القدر تتحدث سورة القدر عن الليلة الموعودة التي ينتظرها المسلمين في كام عام من شهر رمضان المبارك، وهي الليلة التي بدأ بها القرآن الكريم بالنزول على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك هي الليلة التي يتم فيها الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى، وأهمية القيام والصيام في هذه الليلة وعظمتها عن باقي الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان الكريم.
الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال؛ لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب.
بتصرّف. ↑ د. محمد ويلالي (9-5-2018)، "كرونولوجيا كبرى الأحداث في شهر شعبان" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019. بتصرّف. ↑ سورة النمل، آية: 37.