11- ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون؟ ؛ جعلني الله وإياكم من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.....
فيكون ذلك حينئذ نظير قوله: فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [سورة فصلت: 11] ، بمعنى أتينا بما فينا من الخلق طائعين، ونظيرَ قوله في قراءة ابن مسعود: ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرهم مناسكهم) [سورة البقرة: 128] ، فجمع قبل أن تكون ذريةً، وهو في قراءتنا: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا. وكما يقول القائل لآخر: " كأنك قد تزوجت وولد لك، وكثرتم وعززتم " ، ونحو ذلك من الكلام. فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وإنما قلنا إن ذلك هو الواجب على التأويل الذي ذكرناه عن أبي العالية، لأنّ آدمَ كان هو النبيَّ أيام حياته بعد أن أُهبط إلى الأرض، (6) والرسولَ من الله جل ثناؤه إلى ولده. فغير جائز أن يكون معنيًّا -وهو الرسولُ صلى الله عليه وسلم- بقوله: " فإما يأتينّكم منّي هُدًى " ، خطابًا له ولزوجته، " فإما يأتينكم مني أنبياءُ ورسل " (7) إلا على ما وصفتُ من التأويل. وقول أبي العالية في ذلك -وإن كان وجهًا من التأويل تحتمله الآية- فأقرب إلى الصواب منه عندي وأشبهُ بظاهر التلاوة، أن يكون تأويلها: فإما يأتينكم يا معشرَ من أُهبط إلى الأرض من سمائي (8) ، وهو آدمُ وزوجته وإبليس -كما قد ذكرنا قبل في تأويل الآية التي قبلها- إما يأتينكم منّي بيانٌ من أمري وطاعتي، ورشاد إلى سبيلي وديني، فمن اتبعه منكم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إليّ معصية وخلافٌ لأمري وطاعتي.
وكذلكَ مما يُوصلُ إلى تلكَ المنزلةِ أيضًا: الإحسانُ إلى الخلقِ والانفاقُ في وجوهِ الخيرِ؛ ابتغاءَ وجهِ اللهِ تعالى، قال سبحانه:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون} [البقرة:262]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون}[البقرة: 274]. أيها المؤمنون: والاستقامةُ على العباداتِ، والاستمرارُ على جميلِ الأعمالِ والصفاتِ؛ من أسبابِ سعادةِ العبدِ في الدنيَا والطمأنينةِ في الآخرةِ، قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأحقاف: 13، 14]. وقد بشَّر اللهُ جلَّ وعلا من قُتلَ مخلصًا في سبيلهِ بالحياةِ الدائمةِ في الدارِ الآخرةِ، ونيلِ الرزقِ الوفيرِ، والفرحِ بالنعيمِ المقيمِ في جنَّاتِ النَّعيمِ، قال تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون} [آل عمران: 169، 170].
الثاني: صوت الشغف والحلم بداخلك.. صوت الإحسان. فالله تعالى خص كل إنسان بإحسان يميزه عن غيره.. منطقة تألقك وإبداعك.. وهذه رسالتك في الحياة.. أن تخرج موهبتك من داخلك. وهو في علم النفس.. صوت يناديك إلى النجاح لتحقيق ذاتك اسمه (state of flow)، منطقة التألق، ينادي الإنسان لمنطقة شغفه. الثالث: رسائل الهداية الربانية اليومية، وهي صوت داخلي من الله لك، إلهام يقذف في قلبك، وهو ما يُسمى في علم النفس بالحاسة السادسة، كما في قصة أم موسى عليه السلام: "وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه"، فالوحي هنا إلهام قذف في قلبها، وهو نفس الصوت الذي سمعه يوسف عندما رموه إخوته في البئر وهو طفل.. الوحي هنا إلهام في قلبه: "وأوحينا إليه لتُنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون". كيف أفرق بين الرسالة الربانية ووسوسة الشيطان؟ قال خالد: "طالما ليست بإثم.. كأن تسمع صوتًا يقول لك: طلق مراتك.. لا تطلقها.. ارفد فلان.. من هم ال 11 الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ - المدينة نيوز. لا ترفده.. كل ما كان شرًا لا تسمع إليه.. حتى الرؤيا، فالرؤيا الحلوة رسالة من الله، إن رأى خيرًا فليحدث به.. ويستبشر به.. ولو رأى شرًا لا يتحدث ولا يخاف منه، لأنه من الشيطان". ما العلاقة بين التقوى والهداية؟ أشار خالد إلى أن التقوى تعمل على سد الفجوة الكبيرة بين ظاهر الإنسان وباطنه، التي تعمي الإبصار وبصيرته عن رؤية الحقيقة، فتصاب رؤيته بالتشوش، لكن بالتقوى تحصل الهداية، وتحسن الرؤية، ومن ثم يحد الانسجام مع نفسك.
وهؤلاءِ المتقونَ قد ذَكَرَهُم اللهُ -جلَّ وعلا- في كثيرٍ من الآياتِ بأنَّهم لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنُون، ومن ذلك: إخبارُه تعالى أنَّ المؤمنينَ من هذهِ الأمةِ، واليهودَ والنصارى، والصابئينَ مَنَ آمنَ منهمْ باللهِ واليومِ الآخرِ، وصدَّقوا رسلَهم، وعمِلوا صالحًا أنَّ لهم الأجرَ العظيمَ، والأمنَ التَّامَ يومَ القيامةِ؛ كما في قولِه جلَّ وعلا: ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 62]. وذَكَرهمَ اللهُ -جلَّ وعلا-، وأنَّهم مَمَّنْ أخَلصَ لهُ في أعمالِه، متوجهًا إليهِ بقلبِه وجوارحِه، فأولئكَ هُمْ أهلُ جنَّتِه ورضوانِه في قولِه تعالى: ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون) [البقرة: 112]. وأخبرَ تعالى عنهم وذَكَرَ أعمالَهم وأوصافَهم، وثوابَهم فيما يستقبلونَه مما أمامَهم من المخاوفِ والأهوالِ على ما أسلفُوا من صالحِ الأعمالِ، وأنَّه تعالى أثَبَتَ لهم الأمنَ والفرحَ في أمرِ الأولى والآخرة، كما في قولهِ جلَّ وعلا: ( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) [يونس: 63].
العين: عين النبي صلى الله عليه وسلم كانت واسعة بشكل جميل وكانت رموشه طويلة تغطي حروف العين ، وورد ذلك في إحدى الأحاديث النبوية ، «إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ قُلْتَ أَكْحَلُ العَيْنَيْنِ وَلَيْسَ بِأَكْحَلَ» (رواه الترمذي) الانف: انف الرسول صلى الله عليه وسلم كانت جميلة طويلة مرتفعة ودقيقة وبها كل صفات الجمال. من صفات النبي صلى الله عليه وسلم – المحيط. الخد: قال عمار بن ياسر رضي الله عنه «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ» (رواه ابن ماجه) ، وهذا الحديث يصف خد الرسول صلى الله عليه وسلم انه بارز ابيض. الفم: كان فم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم واسع ذات أسنان جميلة وهذا ما كان يميز الرجل في العصور القديمة. لون البشرة: كانت بشرة النبي صلى الله عليه وسلم ذات لون جذاب أبيض زاهي ، فقال أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَزْهَر اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ» (رواه البخاري). الشعر: شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذات مظهر متوسط ليس مجعد أو أملس ، وذكر في إحدي الأحاديث عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم «لم يكن بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ ، وَلا بِالسَّبِطِ》 (رواه البخاري).
كان أملس الخدين وعينيه واسعتين شديدة السواد وكان بياضها بها عروق حمراء. ذو أسنان منتظمة وبيضاء مثل النور. صدر الرسول صلى الله عليه وسلم صدره ذو عنق طويل. كان متوسط القامة ليس طويل أو قصير بل أنه وسط. جسمه كان أبيض وفخم وله هيبة ومتماسك البدن ورائحته حسنة وطيبة. لا يجلس الرسول صل الله عليه وسلم في مكان أو مجلس إلا وكان دائمًا كتفيه أعلى أكتاف الجالسين. شعره كان أسود وكثيف وليس ناعم أو حاد الجعودة كان وسط وكان طول شعره يصل حتى نصف أذنيه. كانت رائحته مثل المسك وكانت أم سلمه تجمع العرق لديه وتضعه مع الطيب وكانوا يتطيبون به. كانت يديه ضخمة وكان بين كتفيه يوجد خاتم النبوة وكان بارزًا مثل الشامة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قوي جدًا عن الآخرين. عنقه كان طويل وصافيًا وطويل الأصابع والذراعين وكان الإبطين بيضاء اللون وهذه كانت علامة النبوة. تقدم لنا من صفات وجه النبي ﷺ أنه - ملتقى التعليم بالمملكة. كان الرسول صلى الله عليه وسلم ضخم البطن وعاري الصدر والبطن أيضًا وكان ضخم المفاصل. كانت خدوده مسنونة وصوته بها بحة وحاجبيه متصلتين ومقوسين بشكل خفيف. رموشه طويلة وكثيفة ويظهر كأن عينيه كاحلتين. لديه أنف من الوسط مرتفعة وكانت مستقيمة. كان الرسول صلى الله عليه وسلم واسع الفم وأسنانه متفرقة وحسن الشفتين.
ولذلك حين عايش الصحابة رضي الله عنهم صاحب هذه السيرة وأحبوه وصفوه وتفنّنوا بوصفه بأجمل الأوصاف والعبارات، ومن حبهم رضي الله عنهم وشوقهم للحبيب صلى الله عليه وسلم، كانوا يسألون بعضهم عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذات مرّةٍ سأل أحدُهم البراء بن عازب رضي الله عنه فقال: هل كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالسيف؟ فقال: لا، بل مثل القمر. صفات وجه الرسول والمؤمنين. (رواه البخاري: ٣٥٥٢) يعني إذا لم يَحُل دونه الغمام.. أي هل هو كالسيف باللمعان أو الطول؟ فقال: لا، بل كالقمر في التدوير والنور والسطوع. (فتح الباري: ٧/٤٧٧، مختصراً) وكان سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه. (أخرجه الترمذي في سننه: ٣٦٤٨) ويقول أحد الصحابة رضي الله عنهم: كنتُ في ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمر فيها مكتمل فجعلتُ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر، فلوجه رسول الله أسنى وأبهى من القمر. (أخرجه الترمذي: ٢٨١١) وقال بعضهم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ (فرِحَ) استنار وجهُه كأنه قطعة قمر.
(سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم شمائله الحميدة وخصاله المجيدة للمحدث الشيخ عبد الله سراج الدين الحلبي: صـ١٣) أخي القارئ: اِعْلمْ أنَّ الحديث عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثٌ ذو شجون يُجلِّي كرب المحزون، ويرفع مراتب من للمصطفى يحبّون وإليه يتشوّقون، فإن شئتَ تكلَّمتَ عن جمال خَلْقِه، وإن شئتَ تحدَّثتَ عن جمالِ خُلُقِه، وإن شئتَ تحدَّثتَ عن صِلةِ جَمالِ خَلْقِه بجمال خُلُقِه، وإن شئتَ تحدَّثتَ عن ثمرة جمال خَلْقِه وَخُلُقِه وجمال عشرته وجمال صلته بصحابته وعترته أهل بيته، وجمال اهتمامه بأُمَّته، بل إن جمال الوجود به صلى الله عليه وسلم. صفات وجه الرسول بما. صورة الجمال في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ابتداءً من خَلْقِه: خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أجمل صورة بشرية، وأكمل خِلْقة آدمية، فهو مجمع المحاسن المبدعات، والفضائل والكمالات الخلْقية والخُلُقيَّة، وقد أجمعت كلمة الذين رأوه ووصفوه على أنه لم يُرَ له مثيل سابق ولا نظير لاحق. قال البراء بن عازب رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خَلْقاً، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. (متفق عليه) وعنه رضي الله عنه أنّه قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعًا، بَعِيدَ ما بيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، له شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْراءَ، لَمْ أرَ شيئًا قَطُّ أحْسَنَ منه.