[٢٠] عباد الله، فلنقِ الله -تعالى-ولنصل ما أمر الله به أن يوصل من حقوقه وحقوق عباده، ولنصل أرحامنا؛ فإن صلة الأرحام سببٌ لدخول الجنة، ولطول العمر وكثرة الرزق، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من سرَّهُ أن يُبسَطَ علَيهِ في رزقِهِ ، ويُنسَأَ في أثرِهِ ، فليَصِلْ رحمَهُ). [١١] [٢١] أيها المسلمون، إن من أهم أسباب قطيعة الرحم ضعف الإيمان في قلوبنا والانشغال بالدنيا وملهياتها، وعدم قبول الأعذار وعدم الصفح عند الإساءة، ولقد ضرب لنا يوسف -عليه السلام- أروع الأمثلة بالعفو عن إخوانه الذين جافوه وعادوه؛ فقد قال الله -سبحانه وتعالى- على لسان يوسف -عليه السلام-: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ). [٢٢] [٢٣] أيُّها الأحبة في الله، دعونا ننظر في حالنا مع أرحامنا، هل قمنا بما يجب علينا من صلة؟ هل قمنا بما يجب لهم من محبةٍ، وتكريمٍ واحترام؟ هل شرحنا الصدور عند لقائهم؟ هل عدناهم في مرضهم؟ هل بذلنا ما يجب بذله لهم من نفقة وسداد حاجة؟ وهل كنا لهم خير معين في حاجتهم؟ أيها الكرام، دعونا منذ هذه اللحظة إن كان بيننا وبين أحد أرحامنا خلاف أو هجران فلنبادر بصلته والعفو عنه، ولنتذكر قول الله -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
[١٩] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لَا تنزلُ الرَّحْمَةَ عَلَى قومٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رحِم). صلة الرحم (خطبة). [٢٠] آيات قرآنية عن صلة الرحم وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات القرآنية التي تحثّ على صلة الرحم، وتحذّر من قطعها، ومن هذه الآيات: [٢١] قال -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ). [٢٢] قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ). [٢٣] قال -تعالى-: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ). [٢٤] قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
ا لخطبة الأولى ( الرَّحِمُ شِجْنَةٌ ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
وهذا كله إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، أما إن كانوا فساقًا فيقاطعهم في اللّه، بشرط بذل الجهد في وعظهم، وإعلامهم بأن إصرارهم سبب مقاطعتهم، ويكتفي بالدعاء لهم بظهر الغيب بالاستقامة. إخوة الإيمان والإسلام: صلةُ الأرحامِ سببٌ كبيرٌ لتنَزُّلِ الرَّحمةِ مِنَ اللهِ سبحانَهُ علَى العبادِ، وسببٌ فِي سعة المال، وفي طول العمر بمشيئة الله تعالى، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: « تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِى الأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِى الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِى الأَثَرِ ». يَعْنِى زِيَادَةً فِى الْعُمُرِ، رواه الترمذي. وقال عليه الصلاة والسلام: « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ». خطبة عن صلة الرحم. رواه مسلم. فكونوا عباد الله من الواصلين لأرحامكم، وحافظوا على صلتها، ولا تُلهِكُم الدنيا عن العمل الصالح، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه:« أرحامَكم أرحامَكم » رواه ابن حبان في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: « ليس شيءٌ أُطيعَ اللهُ تعالى فيه أعجلَ ثوابًا من صلةِ الرحم، وليس شيءٌ أعجلَ عقابًا من البغي وقطيعة الرحم » رواه البيهقي في السنن، بإسناد حسن.
بسم الله، والحمد لله، وأفضل الصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه. ثمَّ أمَّا بعد: فلقد اختار الله نبيَّه الخاتم، واصطفاه وفضَّله على خلقه، وكفاه، وأعطاه فأجزل له العطاء حتى رضي؛ قال تعالى: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]. تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾. وهذه جملة يسيرة من عطايا الله عز وجلَّ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم ساقها إلينا خاتمُ المرسلين، وسيد الخلق أجمعين: • فعن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُعْطِيتُ خمسًا لم يعطَهن أحدٌ قبلي: نُصِرْتُ بالرعب مسيرةَ شهر، وجُعِلَت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّت لي المغانم ولم تُحَلَّ لأحد قبلي، وأُعْطِيتُ الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبُعِثْتُ إلى الناس عامة)) [1]. • وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فُضِّلْتُ على الأنبياء بستٍّ: أُعْطِيتُ جوامعَ الكلم، ونُصِرْتُ بالرعب، وأُحِلَّت لي الغنائم، وجُعِلَت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأُرْسِلْتُ إلى الخلق كافة، وخُتِمَ بي النبيون)) [2]. أُعْطِيْتُ جوامع الكلم: قال الهروي: يعني به القرآن، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعانيَ الكثيرةَ، وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ، كثير المعاني.
في الفقرات التالية نوضح لكم تفسير سورة الضحى في المنام بحسب ما قدمه العالم الجليل ابن سيرين، فالضحى من سور القرآن الكريم التي لها مكانة مميزة، فآيات تلك السورة تشير إلى هداية الله عز وجل للضالين من عباده، وفي بعض الأوقات يرى الشخص النائم في حلمه أنه يقرأ آيات تلك السورة، ولا يعلم ما دلالة هذا الحلم، وقد قال علماء التفسير أن تأويل الحلم يختلف بحسب حالة الشخص النائم، ولهذا سنعرض لكم في مقال موسوعة التالي تأويل رؤية سورة الضحى في المنام للفتاة العزباء والمرأة الحامل. تفسير سورة الضحى في المنام لابن سيرين يرى العالم الجليل محمد ابن سيرين أن رؤية قراءة سورة الضحى في الحلم تشير إلى أن الشخص الرائي يقوم بالأعمال الصالحة. تفسير: ولسوف يعطيك ربك فترضى - مقال. كما تشير تلك الرؤية إلى أن صاحب الرؤية يتصدق على المحتاجين والفقراء. تفسير سورة الضحى في المنام للإمام الصادق يقول الإمام الصادق أنه إذا رأى الشخص النائم في حلمه أنه يقرأ سورة الضحى، فتلك رؤية تدل على اقتراب الفرج وفك الكرب بعد اليأس. وتحمل تلك الرؤية بشرى لصاحب الحلم بأن أحواله المادية سوف تستقر. وإذا كان الشخص الرائي مريضاً، ورأى في منامه أنه يقرأ آيات السورة، فتلك إشارة على وفاته، والله تعالى وحده أعلم بالآجال.
[ ص: 455] ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ( 5) ألم يجدك يتيما فآوى ( 6)) ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) قال عطاء عن ابن عباس: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى ، وهو قول علي والحسن. وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اللهم أمتي أمتي وبكى ، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك في أمتك ، ولا نسوءك فيهم ". وقال حرب بن شريح سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقول: إنكم يا معشر أهل العراق تقولون: أرجى آية في القرآن: " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " ، وإنا أهل البيت نقول: أرجى آية في كتاب الله " ولسوف يعطيك ربك فترضى " من الثواب.
تفسير آية (ولسوف يعطيك ربك فترضى) أخبر الله تعالى نبينا سيدنا محمد ﷺ أنه سيمنحه مقامًا يرضى عنه، وهو مقام الشفاعة لأمته يوم القيامة، فمنهم من يدخلهم الجنة مباشرة بشفاعته بإذن الله، ومنهم من يشفع لهم ويخرجهم من النار بأمر الله. قال صلى الله عليه وسلم: ((فأذهب إلى ربي، فإذا رأيته خررت له ساجدا، فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي، لا أحسنها الآن فيقول لي: أي محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع وسل تعطه، واشفع تشفع، قال: فأقول: رب أمتي أمتي، فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة)). تفسير ولسوف يعطيك ربك فترضي حاله. وقد خص الله الرسول أيضًا بالشفاعة لعمه الذي رباه أبي طالب أن يخفف الله عنه العذاب، لكنه يبقى خالدًا في النار لأنه لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فضل تكرار ولسوف يعطيك ربك فترضى من أجل الرزق لهذه الآتية قدرة على تبديل الإنسان من حال إلى حال، فمن قعر الضيق إلى أوسع الطريق، فقد أنزلها الله حتى يشفي صدر نبيه من حزنه، ويبشره بالمكانة التي سيعطيها إياه، ومن أفضالها المجربة: إزالة الهم والحزن والاكتئاب، فلا خير من كتاب الله كشفاء للصدور وهدى ورحمة للمؤمتين، والآية تحمل معاني إرضاء الله لعبده، فيكررها الشخص بنية أن يرضيه الله كما أرضه نبيه في حزنه، وبإذن الله تجاب دعوته، لكن لا دليل على ذلك من السنة.