. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 107.

فى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 107‏]‏ فقوله‏:‏‏{‏‏يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ‏} مثل قوله فى سورة البقرة‏:‏‏{‏‏عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏187‏]‏، قال ابن قتيبة وطائفة من المفسرين‏:‏ معناه تخونون أنفسكم‏. ‏‏ زاد بعضهم‏:‏ تظلمونها‏. ‏ فجعلوا الأنفس مفعول ‏(‏تختانون‏)‏، وجعلوا الإنسان قد خان نفسه، أي ظلمها بالسرقة كما فعل ابن أُبَيْرِق أو بجماع امرأته ليلة الصيام كما فعل بعض الصحابة وهذا القول فيه نظر؛ فإن كل ذنب يذنبه الإنسان فقد ظلم فيه نفسه، سواء فعله سراً أو علانية‏.

قراءة سورة النساء

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 107

[ ص: 1842] والجدال في أصل معناه اللغوي مشتق من الجدل بمعنى الفتل، أي تقوية الحجة، ويكون المجادل كمن يفتل الحبل ويقويه. وقيل إنه مأخوذ من الجدالة، والجدالة هي الأرض، فكل واحد من الخصمين يكون كالمصارع يريد أن يلقي صاحبه على الأرض. قصة آية .. إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما | فيديو - بوابة الأهرام. وإطلاق الجدالة على الأرض منه قولهم: تركته مجدلا، أي مطروحا على الأرض. والاختيان، الذي هو مصدر يختانون أنفسهم يعرفه الأصفهاني في مفرداته بأنه: "تحرك شهوة الإنسان لتحري الخيانة"، وتحرك الشهوة لتحري الخيانة قصد إليها وتعمد لها، وعمل على إحكامها. والخيانة والنفاق باب واحد، موضعهما من النفس واحد. ومعنى قوله تعالى: الذين يختانون أنفسهم الذين يقصدون خيانة أنفسهم، ويتحرونها، ويحكمون إخفاء المستور من جرائمهم. وأضيفت الخيانة للنفس; لأن الذين يصنعون ذلك إنما يحدثون في الأمة ذعرا عاما، يعود ضرره على الجماعة، ويعود عليهم أنفسهم، إذ يعيشون في جماعة قد فسد أمرها، وارتابت في شؤونها، وضل عن الناس معرفة الحق، وغاب عنهم لبه!!

و { يختانون} بمعنى يَخونون ، وهو افتعال دالّ على التكلّف والمحاولة لقصد المبالغة في الخيانة. ومعنى خيانتهم أنفسهم أنّهم بارتكابهم ما يضرّ بهم كانوا بمنزلة من يخون غيره كقوله: { عَلم الله أنّكم كنتم تختانون أنفسكم} [ البقرة: 187]. ولك أن تجعل { أنفسهم} هنا بمعنى بني أنفسهم ، أي بني قومهم ، كقوله { تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم} [ البقرة: 85] ، وقولِه { فسلّموا على أنفسكم} [ النور: 61] ، أي الذين يختانون ناساً من أهلهم وقومهم. والعرب تقول: هو تميمي من أنفسهم ، أي ليس بمولى ولا لصيق. والمجادلة مفاعلة من الجدل ، وهو القدرة على الخصام والحجّة فيه ، وهي منازعة بالقول لإقناع الغير برأيك ، ومنه سمّي علم قواعد المناظرة والاحتجاج في الفقه عِلْمَ الجدل ، ( وكان يختلط بعلم أصول الفقه وعلم آداب البحث وعلم المنطق). ولم يسمع للجدل فعل مجرّد أصلي ، والمسموع منه جَادل لأنّ الخصام يستدعي خصمين. وأمّا قولهم: جَدَله فهو بمعنى غلبه في المجادلة ، فليس فعلا أصلياً في الاشتقاق. ومصدر المجادلة ، الجدال ، قال تعالى: { ولا جدال في الحجّ} [ البقرة: 197]. وأمّا الجَدَل بفتحتين فهو اسم المصدر ، وأصله مشتقّ من الجَدْل ، وهو الصرع على الأرض ، لأنّ الأرض تسمّى الجَدَالة بفتح الجيم يقال: جَدَله فهو مجدول.

خواطر الشعراوي لتعريف بمن &Quot;يختانون أنفسهم&Quot; | مصراوى

‏ وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏أبْغ َضُ الرجال إلى اللّه الألَدُّ الخَصِمُ‏)‏، فهو يجادل عن نفسه بالباطل، وفيه لدد‏. ‏ أي‏:‏ ميل واعوجاج عن الحق، وهذا على نوعين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن تكون مجادلته وذبه عن نفسه مع الناس، والثانى‏:‏ فيما بينه وبين ربه، بحيث يقيم أعذار نفسه ويظنها محقة وقصدها حسناً، وهي خائنة ظالمة، لها أهواء خفية قد كتمتها حتى لا يعرف بها الرجل حتى يرى وينظر، قال شداد بن أوس‏:‏ إن أخوف ما أخاف عليكم الشهوة الخفية، قال أبو داود‏:‏ هى حب الرياسة‏.

* * * وقد بينا معنى " التبييت " في غير هذا الموضع، وأنه كل كلام أو أمرٍ أصلح ليلا. (47) وقد حكى عن بعض الطائيين أن " التبييت " في لغتهم: التبديل، وأنشد للأسود بن عامر بن جُوَين الطائي في معاتبة رجل: (48) وَبَيَّــتَّ قَــوْلِــيَ عَبْـدَ الْمَلِيـكِ قـــاتلَكَ اللــه عَبْــدًا كَنُــودًا!! (49) بمعنى: بدَّلت قولي. * * * وروي عن أبي رزين أنه كان يقول في معنى قوله: " يبيتون " ، يؤلّفون. 10419- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزين: " إذ يبيتون ما لا يرضى من القول " ، قال: يؤلِّفون ما لا يرضى من القول. 10420- حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال، حدثنا أبو يحيى الحماني، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزين بنحوه. 10421- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن أبي رزين، مثله. (50) * * * قال أبو جعفر: وهذا القول شبيه المعنى بالذي قلناه. وذلك أن " التأليف " هو التسوية والتغيير عما هو به، وتحويلُه عن معناه إلى غيره. * * * وقد قيل: عنى بقوله: " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله " ، الرهطَ الذين مشوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة المدافعة عن ابن أبيرق والجدال عنه، (51) على ما ذكرنا قبل فيما مضى عن ابن عباس وغيره.

اقسام الكفر الاكبر