المصدر: الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب
فخلاصة القول أن حديث من صام رمضان واتبعه بست من شوال هو حديث صحيح والله أعلي واعلم.
وجماهير أهل العلم أجمعوا على أن صوم ستة من شوال سنة وليس بفريضة ولا بلازم الأمر الثاني بالنسبة لصوم ستة من شوال مقصود به الشهر وإن كان بعض العلماء يقولون له أن يصوم ما شاء سواء في ذي القاعدة أو ذي الحجة أو ما بعده لكن الذي يظهر أن المقصود الشهر شهر شوال. ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام { مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ}.
فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما:؟ قال: خمسين آية» رواه البخاري، ومسلم. وعن عمرو بن ميمون قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا وأبطأهم سحورا رواه البيهقي بسند صحيح. وعن أبي ذر الغفاري رضي الله مرفوعا: «لا تزال أمتي بخير، ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور» وفي سنده سليمان بن أبي عثمان، وهو مجهول.
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) القول في تأويل قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ولكم في القصَاص حَياةٌ يا أولي الألباب " ، ولكم يا أولي العقول، فيما فرضتُ عليكم وأوجبتُ لبعضكم على بعض، من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة. (70) * * * واختلف أهل التأويل في معنى ذلك. جريدة الرياض | تنفيذ حد القصاص في القاتل بدهان الشمري. فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه. * ذكر من قال ذلك: 2617- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصَاص حياةٌ يا أولي الألباب " قال، نكالٌ, تَناهٍ. 2618- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، نكالٌ, تَناهٍ. 2619- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله. 2620- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " ولكم في القصاص حياة " ، جعل الله هذا القصاص حياة، ونكالا وعظةً لأهل السفه والجهل من الناس.
والآية تدلّ على مشروعية القصاص في القتلى. وتعدّ إقامة القصاص واجبًا أساسيًا وفرضًا على وليّ الأمر، في كلّ زمان ومكان. ولا يجوز لأحد إلغاؤه أو تعطيله، تحت أيّ ذريعة؛ لأنّه بذلك يعطّل ما فيه حفظ للنفس البشرية، ورحمة للناس، وكفّ للشرّ عنهم. ومن رحمة الله بعباده أنّه فرض القصاص، في القتل، وشرع العفو والدّية، إذا وقع الرّضا، وعفي للقاتل عن جنايته، من جهة أخيه وليّ الدّم، بأن صفح عنه من القصاص الواجب عليه. إنّ عقوبة القصاص الّتي شرعها الله ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، ولا تقبل الإلغاء. فهو حكمٌ إلهي بنصّ قطعيّ، لا يملك أحد صلاحية إلغائه أو تبديله. فالإنسان يكون له رأي أو اجتهاد فيما لم يرد فيه نصّ من الكتاب أو السّنة. أمّا ما وضّحه الله وبيَّنَ حقيقته، فليس للإنسان فيه اختيار، يقبل أو يرفض. والله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} الأحزاب/36. ولكم في القصاص حياة. فالاختيار لا يكون إلاّ إذا التبسَ الأمرُ، ولم يتّضح؛ أو كان له وجوهٌ من الاحتمالات، أمّا إذا عُلم حكم الله، فيجب أن ينتهي حقّ الإنسان في الاختيار.
↑ محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي ، صفحة 31. بتصرّف. ↑ سورة البقرة، آية:178 ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6878، صحيح. ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 271. بتصرّف. ↑ محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي ، صفحة 68. بتصرّف. ↑ سورة البقرة، آية:179
"إن أغلب المجرمين يعتدون على حق الحياة؛ لأنهم ذاهِلون عن الثمن الذي يدفعونه حتمًا، ولو علِموا أنهم مقتولون يقينًا إذا قتَلوا غيرهم، لتردَّدوا وأحجموا، ويوم قال العرب: " القتل أنفى للقتل "، وعندما أوجَز القرآن الكريم ثمرةَ العقوبة المُرصَدة في هذه العبارة الوجيزة، ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179]، كان ذلك تجسيمًا للاستقرار الذي يسود البلاد، والأمان الذي يصون الدماء، عقِب إنفاذ كتاب الله في كل مُعتدٍ أثيم" [1]. ولكم في القصاص حياة. وقد يكون القاتل مريض النفس أو لا يكون في التعلُّل بهذا لتركه يُفلِت من آثار فعلته؟ وما أكثر الأمراض النفسيَّة والفكرية التي تظهر أو تَخفى في سلوك الأفراد، وقد شُرعت سير وعبادات منوَّعة يستشفي بها الذين يَنشُدون العافية، والذين يؤثِرون حياةَ الشرف والسِّلم فلا يَبسطون أيديهم بالأذى، ولا يَلَغُون في دم أو عِرض أو مال. فهل نعتذِر لشخص يَهتِك الحُرمات؛ لأنه مستطار الشهوة؟ أو نعتذِر لسفَّاك يرخِّص الدماء؛ لأنه مُنحرِف المزاج؟ لماذا إذًا تُقتل الكلاب المسعورة، والذئاب المُغتالة؟ إن القاتل يُقتَل ولا مساغ للجدال عنه. وقد تُرِك القَتَلة في بعض الأقطار إهمالاً لحكم الله وإعلاء لحكم الطاغوت، فماذا كسبت هذه الأقطار من ترْك القِصاص؟ كسبت انتشار الجريمة وسيادة الفوضى وذُعر الألوف إن كانوا في الطريق أن يُصابوا، أو في بيوتهم أن تُقتحم عليهم!!
ومن عَلِمَ حكم الله في أمر، ثمّ اعتقد أنّ غيره أحفظ للمصلحة وأقرب إلى العدل، فقد تطاول على الله، واستخفَّ بأحكامه وحدوده. فإذا تجرّأ الإنسان، واختار غير ما اختاره الله، كان عاصيا لربّه، رافضا لشرعه؛ ولن تكون عاقبته سوى الضياع والخسران؛ كما جاء في آخر الآية. إنَّ العقوبات في الإسلام مناسبة للجرائم الّتي توجبها. ولكم في القصاص حياة تفسير. وإزهاق الأرواح، والاختطاف والاغتصاب، والفساد في الأرض، بنهب المال العام، وإهدار الثروات، وترويج المخدّرات، كلّها جرائم شنيعة؛ فيجب أن يكون العقاب على اقترافها شديدًا، لما تُحدثه من أسوء الآثار، في الأفراد والمجتمعات. ويعود إلى القضاء المستقلّ تقدير العقوبة، والحكم على مستحقّها، بعد ثبوت مسؤوليته على اقتراف الجريمة. وفيما يتعلّق بعقوبة قاتل النفس، فقد سمّاها الله «القصاص»، أي المساواة بين الجريمة والجزاء؛ وقد شُرعت لِحِكَمٍ ومقاصد عظيمة. وأحكام الله كلّها تنطوي على حِكَم قد ندركها، وقد تخفى علينا. ومن حكم مشروعية القصاص حماية المجتمع من الجريمة، وتوطيد الأمن واستئصال الفساد. ولا شكّ في أنّ ترك الجاني من غير عقوبة القصاص يجعل المجتمع يعيش تداعيات الجرائم، بكلّ ما تثيره من فتن، وما تفرزه من اضطرابات اجتماعية.
والعقوبات الزاجرة وحدها هي التي تُقِر موازين العدالة، وتقمَع نزعاتِ الشر والعدوان من أن تنال الحياة بضرٍّ، أو حقوق الفرد بنقص، أو نظام المجتمع بخللٍ، وهي التي تكفُل للحياة الاجتماعية الأمن والاستقرار والسلامة [6]. لذا أقامت الشريعة حدودًا زاجرة على بعض الجرائم التي تُهدِّد البناء الاجتماعي، وخَصَّها وحدها بعقوبات معيَّنة، وهي جرائم السرقة والزنا والقذف وقطْع الطريق، وتلك أخطرها وأشدها عقوبة، وهذه العقوبات هي وحدها التي قدَّرها القرآن، وأما غيرها من العقوبات الإسلامية فمما قدَّرته السُّنة، أو تُرِك تقديرها لوليِّ الأمر، وتُسمَّى " تعزيرًا ". ونرى أن الجرائم التي تُهدِّد البناء الاجتماعي للأمة وتجور على حقوق الفرد، وتُهدِّد أمنه وحقَّه في التملُّك هي التي قدَّر القرآن زواجرها من العقوبات الرادعة حِفاظًا على الكليات الخمس التي عُني الإسلام بالمحافظة عليها، وهي النفس والدين والمال والنسل والعقل، وهي جميعًا مما يتَّصِل بتوفير الحياة، وإعلاء الكرامة الإنسانية، وجعل فيها شفاء للمجني عليه من شرِّ التَّرَه، وحَنَق المظلوم، وتعويضًا عادلاً عما يقع عليه من أذى، وردعًا لذوي النفوس الشريرة من الجهر بالمعصية والإيغال فيها [7].
ذات صلة ما هو التعزير في الإسلام ما معنى حد الحرابة تعريف القصاص قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، [١] شرع الدين الإسلامي أحكاماً صالحةً لكل زمان ومكان، ومن يلتزم بها يجد في نفسه ومجتمعه مكانًا صالحًا للعيش، أما بغير ذلك فلن تستطاب الحياة، ومما شرعه الله سبحانه وتعالى عقوبة للظالمين والفاسدين القصاص. [٢] وفيما يأتي تعريف القصاص لغةً وشرعاً: [٣] القصاص لغةً هو تتبع الأثر، واستعمل في العقوبة؛ لأن المرض يتبع أثر جناية الجاني، فيجرحه مثله. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - الآية 179. القصاص شرعاً "هو تلقّي المجرم عقابه بمثل ما فعل، فالقاتل يُقتل وهكذا، والقصاص من العقوبات المقدرة التي ثبتت أصولها في الكتاب وفُصّلت في السنة النبوية". حكم القصاص في الإسلام القصاص هو حق واجب لأهل القتيل من الجاني، والقصاص من الجاني يُكفِّر إثم القتل؛ لأن الحدود كفّارات لأهلها، وقد ثبتت مشروعية القصاص في القرآن والسنة: [٤] القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.