قوله: (العزيز) ، وهو من أسمائه الحسنى وصفاته العلى، فهو الغالب القوي القادر الذي لا يمانع، فنقول هنا: إن العزيز هو القادر، ولكن نقول: هناك فرق بين الاسمين، فإن عزة الله عز وجل تمنع أن يمانعه أحد وأن يتحداه أحد، فإذا رفع إنسان رأسه بالتحدي أسقطه الله وأذله سبحانه وتعالى بقوله: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة:117] ، فالله عز وجل هو العزيز الغالب، فإذا قضى أمراً فلا بد وأن يكون ما قضاه وقدره سبحانه وتعالى. قوله: (الحكيم) أي: الذي له الحكمة العظيمة، فقد يفعل الإنسان من الشر ما يفعل، ويحلم عليه لحكمة؛ لأنه يعلم أنه يتوب في يوم من الأيام ويرجع إلى الله، أو يعلم سيزيد فيمهله ليأخذه وينتقم منه ويجعله عبرة للخلق، فله سبحانه الحكمة العظيمة البالغة، فهو الحكيم.
فأنت تستطيع بالعقل أنْ تبرهن على وحدانية الله، وعلى وجوده سبحانه، وأنه خالق هذا الكون كله، فالإنسان طرأ على هذا الكون كما هو الآن، الشمس والقمر والنجوم، السماء والأرض، الماء والهواء. لذلك لم يدَّع أحدٌ أنه خلقه، قال سبحانه { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ.. } [لقمان: 25] وقال: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ.. } [الزخرف: 87]. هذا مشهد، وفي العقائد أمور أخرى غَيْبٌ نؤمن بها لأن الله أخبرنا بها، كأمور الآخرة والبعث والحساب والجنة والنار، خُذْ مثلاً من العبادات الصلاة نستطيع أنْ نفهم لها عللاً عقلية، فنقول: إن الله فرضها علينا خمْس مرات في اليوم والليلة ليتردد العبدُ على خالقه، وليستمدَّ منه القوة والعوْن، وليأنس بلقائه، وليأخذ من فيض عطائه وإشراقاته. إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة الأحقاف - تفسير قوله تعالى " حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم "- الجزء رقم7. والصلاة كذلك تُسوِّي بين العباد الغني والفقير، الرئيس والمرؤوس الكل ساجد لله، هذا استطراقٌ عبوديّ في الكون، هذا كله مشهد، لكن بالله قُلْ لي: لماذا كان الصبحُ ركعتين، والظهر أربعاً، والمغرب ثلاثاً؟ هذه غَيْبٌ نؤمن به كما هو، وكما أخبرنا به رسول الله المؤتمن على شرع الله.
ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون. إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين. هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون.. كانت القيادة - قبل الإسلام - لبني إسرائيل. كانوا هم أصحاب عقيدة السماء التي اختارها الله لتلك الفترة من التاريخ. ولا بد للبشر من قيادة مستمدة من السماء. فالأرض قيادتها هوى أو جهل أو قصور. والله خالق البشر هو وحده الذي يشرع لهم شريعته مبرأة من الهوى فكلهم عباده، مبرأة من الجهل والقصور فهو الذي خلقهم وهو أعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير. ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة.. فكان فيهم التوراة شريعة الله. وكان فيهم الحكم لإقامة الشريعة. وكان فيهم النبوة بعد رسالة موسى وكتابه للقيام على الشريعة والكتاب. وكثر فيهم الأنبياء وتتابعوا فترة طويلة نسبيا في التاريخ. ورزقناهم من الطيبات.. فكانت مملكتهم ونبواتهم في الأرض المقدسة، الطيبة، الكثيرة الخيرات بين النيل والفرات.
تفسير الجلالين { تنزيل الكتاب} القرآن مبتدأ { من الله} خبره { العزيز} في مُلكه { الحكيم} في صنعه. تفسير الطبري وَأَمَّا قَوْله: { تَنْزِيل الْكِتَاب مِنَ اللَّه} فَإِنَّ مَعْنَاهُ: هَذَا تَنْزِيل الْقُرْآن مِنْ عِنْد اللَّه { الْعَزِيز} فِي انْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم} فِي تَدْبِيره أَمْر خَلْقه. وَأَمَّا قَوْله: { تَنْزِيل الْكِتَاب مِنَ اللَّه} فَإِنَّ مَعْنَاهُ: هَذَا تَنْزِيل الْقُرْآن مِنْ عِنْد اللَّه { الْعَزِيز} فِي انْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم} فِي تَدْبِيره أَمْر خَلْقه. ' تفسير القرطبي قوله تعالى { حم} مبتدأ و { تنزيل} خبره. وقال بعضهم { حم} اسم السورة. و { تنزيل الكتاب} مبتدأ. وخبره { من الله}. والكتاب القرآن. { العزيز} المنيع. { الحكيم} في فعله. وقد تقدم جميع هذا. تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي هذه السورة أيضاً من الحواميم، وهي السور التي افتُتحت بقوله تعالى (حم)، وسبق الكلام فيها، لكن ما دام أن الحق كرَّرها فلا بدَّ لنا أنْ نتعرَّض لها بما يفتح الله به ولا يُعد هذا تكراراً. فإذا نظرنا إلى الحياة التي نراها وجدنا فيها مُلكاً مشاهداً، وملكوتاً غير مشاهد، وكل ما غاب عن حواسِّك فهو غَيْبٌ لا يعلمه إلا الله، خُذْ مثلاً العقائد والعبادات تجد أنها تقوم على هذين الجانبين الغيب والمشهد.
فالسنة: صيام يوم عاشوراء. والمستحب: صيام الأشهر الحرم، وشعبان، والعشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، وستة أيام من شوال، وثلاثة أيام من كل شهر، ويوم الإثنين والخميس. والنافلة: كل صوم لغير وقت ولا سبب، في غير الأيام التي يجب صومها أو يمنع. وعند الشافعية والحنابلة: صوم التطوع والصوم المسنون بمرتبة واحدة. أحكام النية في صوم التطوع: وقت النية: ذهب جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى أنه لا يشترط تبييت النية في صوم التطوع، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، فقال: فإني إذاً صائم" رواه مسلم. وذهب المالكية إلى أنه يشترط في نية صوم التطوع التبييت كالفرض. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه أبو داود، فلا تكفي النية بعد الفجر، لأن النية: القصد، وقصد الماضي محال عقلاً. واختلف جمهور الفقهاء في آخر وقت نية التطوع. فذهب الحنفية: إلى أن آخر وقت نية صوم التطوع الضحوة الكبرى. حكم صيام التطوع قبل رمضان بيوم او يومين - موقع محتويات. والمراد بها: نصف النهار الشرعي. والنهار الشرعي: من استطارة الضوء في أفق المشرق إلى غروب الشمس، ونصوا على أنه لا بد من وقوع النية قبل الضحوة الكبرى، فلا تجزئ النية عند الضحوة الكبرى اعتباراً لأكثر اليوم.
السؤال: ما هو الحكم الشرعي فيمن أكل أو شرب ناسيًا في صوم التطوع، مع العِلْمِ أنني أعلم من خلال ثقافتي البسيطة أنه يفطر، لكن عندما وُضِعْتُ في هذا الموضوع لم أفطر وأكملتُ صيامي؛ لأنني وإن كنت أقول بِفِطْرِ هذا الإنسان إلا أني لا أعلم الدليل، فأرجو أن توجه لي نصيحة لله، فقد شعرت أنني ممكن أتجرأ على دين الله بفعلتي تلك؟ الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد: فقد ذهب الأئمَّةُ أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأَحْمَدُ إلى أنَّ الصَّائِمَ إذا أكلَ أَوْ شَرِبَ ناسيًا لم يفسد صومه وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، سواءٌ قَلَّ الأكلُ والشربُ أو كَثُرَ. حكم الفطر في صيام التطوع وتكرم 200 متطوع. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلى هذا الرَّأْيِ: الحسنُ البصري ومجاهدٌ وإسحاقُ بن راهُويه وأبو ثور وداودُ بنُ علِيّ وعطاءٌ والأوزاعيُّ والليثُ. وَقَالَ ربيعةُ ومالكٌ: يَفْسُدُ صَوْمُ الآكِل والشارِب النَّاسي، وعَلَيْهِ القضاء. والصحيحُ القَوْلُ الأوَّلُ، وَهُوَ ما تَدُلُّ عَلَيْهِ نُصُوصٌ كثيرةٌ منها: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَن أكل ناسيًا وهو صائمٌ فليُتمَّ صومَه، فإِنما أطعمه الله وسقاه " (رواه البخاري ُّ ومسلمٌ)، ولَفْظُ مُسلم هو: " مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فليُتِمَّ صومَه، فَإِنَّما أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ ".
وإلى هذا الرأي ذهب جمهور علماء المسلمين وأجمعوا على جواز ذلك. هل صيام التطوع يجبر نقص صيام الفريضة؟ يتساءل البعض هل يمكن لصيام التطوع أن يجبر النقص في صيام الفريضة، وإليك الإجابة فيما يلي: يدل ظاهر السنة أن الله تبارك وتعالى يكمل النقص الوارد في فريضةٍ من نوافلها، وإن دل ذلك على شيء فإنما هو يدل على رحمة الله تعالى ورأفته بعباده. حكم الإفطار في صيام التطوع - موضوع. ودليل ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: " إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يكون سائر عمله على ذلك" ويدل الحديث السابق على ما ذكرناه، وهو أن النقص في الفرائض يجبره الله تعالى من النوافل والتطوع، وذلك سواءً في صيام أو صلاة أو غيرها من العبادات المفروضة على المسلمين. ورحمة الله تعالى واسعة، فهو عز وجل قد يجبر نقص الفرائض ببلاءٍ مكفر للذنوب، أو بحسناتٍ أخرى، أو حتى بلا أي سببٍ أو عملٍ من العبد نفسه.