- إنَّ اللهَ تعالى إذا كان يومُ القيامةِ ينزل إلى العبادِ ليقضيَ بينهم، وكلُّ أمةٍ جاثيةٌ، فأولُ من يدعو به رجلٌ جمع القرآنَ، ورجلٌ قُتِل في سبيلِ اللهِ، ورجلٌ كثيرُ المالِ، فيقول اللهُ للقارئِ: ألم أُعلِّمكَ ما أنزلتُ على رسولي ؟ قال: بلى يا ربِّ. قال: فماذا عملتَ فيما علمتَ ؟ قال: كنتُ أقومُ بهِ آناءَ الليلِ وآناءُ النهارِ، فيقول اللهُ لهُ: كذبتَ، وتقول الملائكةُ: كذبتَ، ويقول اللهُ له: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ قارئٌ، فقد قيل ذلك. ويُؤتى بصاحبِ المالِ، فيقول اللهُ: ألم أُوسِّعْ عليك حتى لم أدْعكَ تحتاج إلى أحدٍ ؟ قال: بلى يا ربِّ. قال: فماذا عملتَ فيما آتيتُك ؟ قال: كنتُ أصلُ الرحمَ وأتصدَّقُ، فيقول اللهُ لهُ: كذبتَ. هل يستثنى الكفار وأول من تسعر بهم النار من المرور على الصراط - إسلام ويب - مركز الفتوى. وتقولُ الملائكةُ لهُ: كذبتَ، ويقول اللهُ بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جوادٌ وقد قيل ذلك. ويُؤتى بالذي قُتل في سبيلِ اللهِ فيقول اللهُ له: فيماذا قُتلتَ ؟ فيقول: أمرتَ بالجهاد في سبيلِك فقاتلتُ حتى قُتلتُ. فيقول اللهُ له: كذبتَ، وتقول له الملائكةُ: كذبتَ، ويقول اللهُ: بل أردتَ أن يقال: فلانٌ جرئٌ، فقد قيل ذلك.
ورجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتى به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار)) رواه مسلم (3527).
يقول حافظ حكمي رحمه الله: شرط قبـول السعي أن يجتمعا فيــه إصابة وإخلاص معاً لله رب العرش لا ســـواه موافق الشرع الذي ارتضاه وكل ما خــالف للوحيـين فإنه رد بغيــــر مين3 ويقول ابن القيم رحمه الله: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء؛ كالمسافر يملأ جرابه رملاً، ينقله ولا ينفعه"4، ولذلك فقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة للتحذير من أي عمل فقد الإخلاص.
يقول حافظ حكمي رحمه الله: شرط قبـول السعي أن يجتمعا فيــه إصابة وإخلاص معاً لله رب العرش لا ســـواه موافق الشرع الذي ارتضاه وكل ما خــالف للوحيـين فإنه رد بغيــــر مين 3 ويقول ابن القيم رحمه الله: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء؛ كالمسافر يملأ جرابه رملاً، ينقله ولا ينفعه" 4 ، ولذلك فقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة للتحذير من أي عمل فقد الإخلاص.
قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم الصراط المستقيم: هو الخير والرشاد. فالإشارة إلى ما يؤخذ من الجملة الواقعة بعد اسم الإشارة المبينة للإخبار عن اسم الإشارة وهي جملة إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ، فتكون الإشارة إلى غير مشاهد تنزيلا له منزلة المشاهد ، وتنزيلا للمسموع منزلة المرئي. ثم إن هذا المنزل منزلة المشاهد هو مع ذلك غير مذكور لقصد التشويق إلى سماعه عند ذكره ، فاسم الإشارة هنا بمنزلة ضمير الشأن ، كما يكتب في العهود والعقود: هذا ما قاضى عليه فلان فلانا أنه كيت وكيت ، أو هذا ما اشترى فلان من فلان أنه باعه كذا وكذا. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا. ويجوز أن تكون الإشارة إلى الاستثناء الذي سبق في حكاية كلام إبليس من قوله إلا عبادك منهم المخلصين لتضمنه أنه لا يستطيع غواية العباد الذين أخلصهم الله للخير ، فتكون جملة إن عبادي ليس لك عليهم سلطان مستأنفة أفادت نفي سلطانه. والصراط: مستعار للعمل الذي يقصد منه عامله فائدة ، شبه بالطريق الموصل إلى المكان المطلوب وصوله إليه ، أي: هذا هو السنة التي وضعتها [ ص: 52] في الناس وفي غوايتك إياهم ، وهي أنك لا تغوي إلا من اتبعك من الغاوين ، أو أنك تغوي من عدا عبادي المخلصين.
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وقوله ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) يقول تعالى ذكره: إن عبادي ليس لك عليهم حجة، إلا من اتبعك على ما دعوته إليه من الضلالة ممن غوى وهلك.
قال بعضهم: عبادى الذين أوصلتهم إلى قربى من غير كلفة ولا سابقة أفنيتهم عن صفاتهم وزينتهم بإظهار صفاتى عليهم فهم مع الخلق بالهياكل، ومعى بالأرواح والسرائر لا عليهم من الخلق أثر، ولا لهم مما هم فيه خبر أولئك هم عبادي حقًا ليس لهم مطلب سواى ولا مرجع إلا إلى هم هم لا بإياهم بل أنا أنا ولا هم هم، فلا صفة لهم، ولا أخبار عنهم لفنائهم عنهم، وبقائهم بى. يقال السلطان هو التّسلّط، وليس لإبليس على أحد تسلط إذ المقدور بالقدرة الحادثة لا يخرج عن محل القدرة الإلهية، فالحادثات كلها تحدث بقدرة الله فلا لإبليس ولا لغيره من المخلوقين تسلط من حيث التأثير فى أحد، وعلى هذا أيضا فالآية للعموم. ومَنْ أشهدِ الحقُّ حقائقَ التوحيد، ورأى العالَمَ مُصَرَّفاً في قبضة التقدير، ولم يكن نهباً للأغيار.. فمتى يكون لِلَّعين عليه تسلط. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الحجر - قوله تعالى قال هذا صراط علي مستقيم - الجزء رقم15. ويقال إنّ فرار الشيطان من المؤمنين أشدّ من فرار المؤمنين، من الشيطان. والخواص من عباده هم الذين لا يكونون فى أسرغيره،وأمّا من استعبده هواه،واستمكنت منه الأطماع، واسترقته كل خسيسة ونقيصة فلا يكون من جملة خواصه.. وفى الخبر « تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار »ويقال فى « عِبادِي » هم المتفيّئون فى ظلال عنايته، والمتبرّون عن حولهم وقوّتهم، المتفرّدون بالله بحسن التوكل عليه ودوام التعلّق به.
و مستقيم نعت لـ صراط ، أي: لا اعوجاج فيه ، واستعيرت الاستقامة لملازمة الحالة الكاملة. و ( على) مستعملة في الوجوب المجازي ، وهو الفعل الدائم الذي لا يتخلف كقوله تعالى إن علينا للهدى ، أي: أنا التزمنا الهدى لا نحيد عنه; لأنه مقتضى الحكمة وعظمة الإلهية. وهذه الجملة مما يرسل من الأمثال القرآنية. وقرأ الجمهور علي بفتح اللام وفتح الياء على أنها ( على) اتصلت بها ياء المتكلم ، وقرأه يعقوب بكسر اللام وضم الياء وتنوينها على أنه وصف من العلو وصف به صراط ، أي: صراط شريف عظيم القدر. والمعنى أن الله وضع سنة في نفوس البشر أن الشيطان لا يتسلط إلا على من كان غاويا ، أي: مائلا للغواية مكتسبا لها دون من كبح نفسه عن الشر ، فإن العاقل إذا تعلق به وسواس الشيطان علم ما فيه من إضلال ، وعلم أن الهدى في خلافه فإذا توفق وحمل نفسه على اختيار الهدى وصرف إليه عزمه قوي على الشيطان فلم يكن له عليه سلطان ، وإذا مال إلى الضلال واستحسنه واختار إرضاء شهوته صار متهيئا إلى الغواية فأغواه الشيطان فغوى ، فالاتباع مجاز بمعنى الطاعة واستحسان الرأي كقوله فاتبعوني يحببكم الله. وقفة مع آية: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان. وإطلاق الغاوين من باب إطلاق اسم الفاعل على الحصول في المستقبل بالقرينة; لأنه لو كان غاويا بالفعل لم يكن لسلطان الشيطان عليه فائدة ، وقد دل على هذا المعنى تعلق نفي السلطان بجميع العباد ، ثم استثناء من كان غاويا ، فلما كان سلطان الشيطان لا يتسلط إلا على من كان غاويا علمنا أن ثمة [ ص: 53] وصفا بالغواية هو مهيئ تسلط سلطان الشيطان على موصوفه ، وذلك هو الموصوف بالغواية بالقوة لا بالفعل ، أي: بالاستعداد للغواية لا بوقوعها.
قال عدو الله: صدقت ، بهذا تنجو مني. فقال النبي: " أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم " ؟ قال: آخذه عند الغضب والهوى