الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فالناس معرضون للزلل، والوقوع في الخطأ والإثم، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون». وهذا من فضل الله جل وعلا ورحمته بعباده، حيث جعل لهم مطهراً يتطهرون به من آثامهم التي تعلق بهم، وهم على طريق الحياة، وذلك عن طريق العبادات والطاعات والقربات، وعن طريق التوبة والإنابة، ذلك الباب الواسع الذي يدخل منه الآثمون جميعاً إلى رحمة الله ومغفرته. كل أمتي معافى إلا المجاهرين | معرفة الله | علم وعَمل. والله يقول: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} ويقول: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له». إن من قارف الذنب، وارتكب المعصية في كتمان وسرية هو في عافية، ما لم يتحدث بمعصيته، أو يعلن جريمته. ولذا ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه». قال ابن حجر رحمه الله: «قوله: (معافى) اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه، وإما سلمه الله وسلم منه» وقوله: (إلا المجاهرين) ورد بالنصب وبالرفع، أي: لكن المجاهرين بالمعاصي لا يعافون.
فيالعظم مصيبة هؤلاء القوم في أنفسهم حين يتحللون من سلطان العقل فيجد أحدهم في هذا الفعل متعة نفسية، ولذة عقلية، أذهلته عن النتيجة المرة، والعاقبة المؤلمة. فهل رأى الناس أعجب من هذا العجب، إنسان يخطيء في حق الله، ويخرج عن طاعته، فلا يفضحه لله ولا يأخذه بجريرته، ولو وقف الأمر عند هذا الحد، لكان مفهوماً مقبولاً، إنسان أخطأ ورب غفور رحيم لمن تاب وأناب. لكن الذي لا يفهم له معنى، ولا يقبل له مبرر، أن يصور نفسه حال الخطيئة، أو يمكن غيره من ذلك، وبالتالي تكون الطامة الكبرى، والبلية العظمى، ألا وهي: الفضيحة. جريدة الرياض | كل أمتي معافى إلا المجاهرين. بل إن مخايلها - أعني الفضيحة - لن تفارقه بحال، ولن تزايل أنظار الناظرين إليه، وهذا والله عقوبة معجلة لمن سلك هذا المسلك، وركب هذا الأمر، حيث افتضح أمره، وانتشر خزيه، فهو بمثابة من جر نفسه للهاوية، فأهلكها بيده، وأزهقها بفعله، إنه حال رزي صنعه هو بنفسه لنفسه، فاللوم كل اللوم فيما وقع وصار عائداً عليه، وصدق الله: {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} وفي المثل: على نفسها جنت براقش. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ٭ وكيل كلية الدعوة والإعلام لدورات المبتعثين
وإذا كانت كلمة معافى لها عدة احتمالات: منها عفو الله عن المذنب الذي لم يجاهر، ومنها تسليمه من العذاب، أو من كلام الناس فيه، فإن هذا لا يفيد الجزم بأن المجاهر لا يغفر له، فإن من تاب إلى الله تعالى توبة نصوحا تاب الله عليه وغفر ذنبه كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُو نَ {الشورى:25}. و قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. شرح حديث ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ )). وكما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني. وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي، وصححه الألباني. وأما إن لم يتب من الذنوب: فإن كانت معاصيه من الصغائر، فإن الله تعالى يكفرها بما فعل العبد من الطاعات والحسنات الماحية إذا اجتنب الكبائر، فقد قال الله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا {النساء:31} وقال الله عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
ونحن نشاهد هؤلاء الذين يُعنون عناية كبيرة بأجسامهم ويمشون في اليوم مسافة طويلة عشرة كيلو مترات، أو ثمانية كيلو مترات، من أجل المحافظة على أبدانهم، وهذا لا إشكال فيه، لكن مع ذلك رأينا بعضهم يموت بسبب جلطات متتابعة، وكنا نراه يجوب الحي كل يوم. قيل لابن عباس: الهدهد يقال: إنه يرى الماء تحت التربة، كيف يضع له الطفل الصغير الفخ ويصيده؟، فقال: إذا جاء القدر عمي البصر، فإذا جاء الأجل لا يستطيع أحد رده. رأيت رجلاً دفن ابنه، وكان هذا الابن قد أصيب بحادث سيارة، فبرئ الولد من المرض ثم جاءته أشياء أخرى وتجاوزها، ثم بعد ذلك مات، لماذا؟، قدر الله . فالإنسان يعتني ببدنه عناية كبيرة، ويترقب ماذا قال الطبيب، ولكنه بالمقابل إذا مرض القلب بالمرض الآخر الذي قد يورده النار لا يلتفت إليه، ولا يفكر به، وإذا وجد من ينصحه، ويقول له: اترك كذا، وافعل كذا، ربما يتخذه عدواً. فلو قلت لأحد: يا فلان ما رأيناك صلاة الفجر، حاربَ المسجدَ بقية الفروض كلها، وكأنه يقول: بأي حق يقول لي هذا الكلام؟، لماذا؟ هذا ينصحك، وهذا أعظم من كلام الطبيب في الكلام على المرض العضوي الذي تتلقفه تلقفًا بكامل حواسك، ولكنها الغفلة التي تجعلنا بهذه المثابة.
الذي يأتي ويحلق لحيته في مكان عام أمام الناس وهم داخلون وخارجون، هذه مجاهرة، وقل مثل ذلك فيمن يجر ثوبه، ويخرج به أمام الناس، فهذه مجاهرة بالمعصية، الذي يذهب ويشاهد صورًا ويتصفح مجلات سيئة في السوق أمام الناس، فهذا مجاهر. ومن المجاهرة: أن يُخرج هذا في كلام يقوله في شريط، أو في مقابلة في قناة فضائية، أو يكتب هذا في الانترنت، أو في صحيفة، ويُخرج هذه الأشياء، والمعاصي والذنوب من ضمن أعماله التي يتزين بها أمام الناس، فهذا كله من المجاهرة، فالمجاهرة: من الجهر الذي يقابل الإسرار والخفاء بالشيء. هذا الذي قال فيه النبي ﷺ ما قال، لماذا خصه النبي ﷺ سواء عمله سرًّا ثم أخبر الناس، أو أنه عمله أمامهم؟. لأن هذا مستخف بحق الله لا يبالي، يعني: المؤمن إذا عمل ذنباً يخاف ويستحي من الله ، ويختفي، فلو فاتته صلاة الجماعة لا يستطيع أن يرى الناس ذاك اليوم حياء من الله، فهذا حذيفة بن اليمان خرج ورأى الناس قد صلوا فاختفى، فسأله بعض الناس، فقال: لا أستطيع أن ألقى أحداً. يستحي من الله ويستحي من الناس أن تفوته صلاة الجماعة، أو تفوته صلاة الفجر، وجهه يظلم سائر ذلك اليوم؛ حياء من الله كيف وقع هذا؟ مع أن النبي ﷺ يقول: أما إنه ليس في النوم تفريط [2].
فضل سنة الظهر - YouTube
[٦] قضاء صلاة سنة الظهر يُشرع للمسلمِ قضاء صلاة سنةِ الظهر إن فاتته، سواء السنة القبلية أم البعدية، وفيما يأتي بيان الأدلة الشرعية من السنة النبوية المطهرة، على ذلك: [٧] (أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- كان إذا لم يُصلِّ أربعًا قبلَ الظهرِ، صلَّاهنَّ بعدَها). [٨] (إنَّه أَتَانِي نَاسٌ مِن عبدِ القَيْسِ بالإِسْلَامِ مِن قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُما هَاتَانِ). [٩] كيفية صلاة سنة الظهر ومكان أدائها إنَّ المسلمَ مخيرٌ في كيفيةِ أداء صلاةِ سنةِ الظهرِ إن صلاهنَّ أربعًا؛ إذ يجوز له أن يصليَ سنةَ الظهر أربعَ ركعاتٍ متواصلاتٍ، بتسليمةٍ واحدةٍ من غيرِ أن يفصل بينها، كما يجوز له أن يفصلَ بين كل ركعتينِ بتسليمةٍ، فيصليهنَّ ركعتينِ ركعتينِ، وهذا هو الأفضل والأولى. فضل سنة الفجر – لاينز. [٢] وكذلك هو مخيرٌ في مكانِ أدائها؛ حيث يجوز له أن يصليهنَّ في المسجدِ، كما يجوزُ له أن يصليهنَّ في بيته، والأفضل أداؤهنَّ في البيتِ؛ [١٠] وذلك لفعلِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بدليل قول السيدة عائشة رضي الله عنها: (كانَ يُصَلِّي في بَيْتي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فيُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ).
رواه الترمذي وقال: (حديث حسن). ---------------- في هذا الحديث: استحباب أربع ركعات بعد الزوال. عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر، صلاهن بعدها. رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن). ---------------- في هذا الحديث: مشروعية قضاء الرواتب والاهتمام بها.