تضمن القرآن الكريم إشارات حول بعض القضايا والسنن الكونية، وهي بمثابة حوافز للعقل البشري، وشواهد على أن القرآن الكريم كلام الله، وأنه { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (فصلت:42). تعاقب الليل والنهار بسبب. من هذه الإشارات ما ذكره القرآن الكريم عن ظاهرة تعاقب الليل والنهار؛ فعندما نستعرض آيات تعاقب الليل والنهار في كتاب الله، نجدها قد ذُكِرت في اثنين وعشرين موضعاً، وغالباً ما قُرِنت هذه الآيات بطلب من الله تعالى للتفكر فيها. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوص الآيات التي ذُكِر فيها تعاقب الليل والنهار في سورة آل عمران: ( ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار} (آل عمران:190) رواه ابن حبان في "صحيحه" والحديث إسناده صحيح على شرط مسلم. وظاهر الآيات المتعلقة باختلاف الليل والنهار لا يعطينا حقيقة علمية صريحة، حتى نقارنها بما توصل إليه العلم الحديث؛ ولكنها تلفت نظر البشرية إلى أنه لا بد من التمعن والتفكر والتمحيص والبحث وراء مكونات هذه الآيات، فالناظر في هذه الآيات يرى أنها تشير في موضوعين إلى ظاهرتين متصلتين ومنفصلتين في قضية تعاقب الليل والنهار، وأن بينهما علاقة لا بد من إيجادها، وهذان الموضوعان هما: الموضوع الأول: { اختلاف الليل والنهار} بمعنى أن هذا يجيء، ثم يذهب، ويخلفه الآخر، ويعقبه، ولا يتأخر عنه لحظة.
يوجد اختلافات مُتعدّدة بين منطقة الليل ومنطقة النهار على سطح الأرض، ومن هذه الاختلافات: الاختلاف في درجات الحرارة. الاختلاف في كميّة الأشعة الكونية التي تسقط على كل من الليل والنهار. اختلاف في تأثير المد والجزر. اختلاف في أساليب الحياة للكائنات الحيّة والنباتات، فلولا هذه الاختلافات لما استمرَّت الحياة على سطح الأرض. الايات التي تتحدث عن تعاقب الليل والنهار - إسألنا. وعند النظر إلى سطح الأرض من الخارج نجد أنّ الظلام يغشى النهار على سطحها، حيث تكون الأرض مُحاطة بشكل كامل في الظلام، ليتمَّ التوصل في النهاية إلى أنّ الليل يلحق النهار ويحاول التقاطه دون أن يسبقه أو يتقدَّم عليه. فوائد الليل والنهار استقرار وثبات درجات الحرارة على سطح الأرض لتبقى مُناسبة للحياة. حدوث الليل والنهار مهمّة في نموّ النباتات وتكاثرها والقيام بكل عمليّاتها. ينشأ عنهما اختلاف في التوقيت العالمي للدول كلٌ حسب مكانها من الكرة الأرضيّة. اختلاف في كميّات الأشعة التي تسقط على أماكن محدّدة من سطح الأرض. ساعدت دراسة الليل والنهار في إثبات كرويّة الأرض من خلال ميل محور الأرض وحركتها المستمرَّة والمنتظمة.
لو كان في السماوات والأرض إلهٌ غير الله لما كان هذا التناغم والانسجام موجودًا أبدًا، ولحصل اختلاف كثير وخطأ في مسار الحياة، فالله تعالى وحده لا شريك له هو الوحيد الذي تتجلّى قدرته في جميع أمور الكون، ومن يتأمل في الطبيعة من حوله سيرى ويُدرك عظيم خلق الله في كلّ شيء وحتى في ذرات التراب وكيف أنّ النبات ينمو مجاورًا لبعضه بعضًا في نفس التربة ويُسقى بماءٍ واحد لكن طعم الثمر مختلف ونوعه مختلف. يحدث الليل والنهار بسبب - مجلة أوراق. وكذلك الماء الذي يوجد منه الماء العذب المخصص للشرب والماء المالح الموجود في البحار وتعيش فيه الأسماك والكائنات البحرية والماء شديد الملوحة الذي لا تعيش فيه أي كائنات، وهذا الاختلاف أيضًا دليل على قدرة الله تعالى وحكمته من خلق كلّ شيء. أمّا الحيوانات في الطبيعية فتختلف في حجمها وشكلها وألوانها وفائدتها، منها ما يمشي على رجلين ومنها ما يزحف ومنها ما يطير ومنها ما يمشي على أربعة، ومنها يُؤكل لحمه ومنها ما هو محرّم على الإنسان، وهذا كلّه لحفظ التوازن الذي خلقه الله تعالى في الأرض، فالله لم يخلق شيئًا عبثُا وسخّر كلّ ما في الأرض للإنسان كي يستفيد منه وفي هذا تكريمٌ كبير لبني البشر. ومن عظيم قدرته أن جعل في الأرض ثرواتٌ طبيعية كي يستفيد منها الإنسان، وجعل بعضها في أعماق البحار أيضا كالذهب والفضة والحديد والنحاس واللؤلؤ والمرجان، وقد منّ الله تعالى على عباده بأن وهبهم عقلًا مفكرًا كي يعرفوا الطريقة الأمثل للاستفادة من هذه الثروات الطبيعية التي خلقها الله بقدرته.