العلم على ما في السرائر: فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير, وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله, وقال الله عز وجل: (( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿9﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ)) [ العاديات: 9, 10], فالعلم على ما في القلب. وإذا كان الله تعالى في كتابه, كان رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته يؤكدان على إصلاح النية, فالواجب على الإنسان أن يصلح نيته, يصلح قلبه, ينظر ما في قلبه من الشك فيزيل هذا الشك إلى اليقين. حديث ان الله لا ينظر الى صوركم. كيف ؟ وذلك بنظره في الآيات: (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ)) [ آل عمران: 190], وقال: (( إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿3﴾ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)), [ الجاثية: 4] إذا ألقى الشيطان في قلبك الشك فانظر في آيات الله. انظر إلى هذا الكون من يدبره, انظر كيف تتغير الأحوال, كيف يداول الله الأيام بين الناس, حتى تعلم أن لهذا الكون مدبراً حكيماً عز وجل. الشرك: طهر قلبك منه. كيف أطهر قلبي من الشرك ؟. أطهر قلبي, بأن أقول لنفسي: إن الناس لا ينفعونني إن عصيت الله ولا ينقذونني من العقاب, وإن أطعت الله لم يجلبوا إلى الثواب.
وأكمل فضيلته: الشهور كلها مواسم عبادة وإن تفاوتت واختلفت في الفضل والوظائف، والعمر كله فرصة عمل وطاعة، وكل يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، وكل ميسر لما خلق له. فاتقوا الله تعالى وبادروا أعماركم بأعمالكم، وحققوا أقوالكم بأفعالكم، فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله، وإن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
8 – إن لذة العبادة والطمأنينة فيها والأُنس بها، وقرة العين، وراحة النفس وانشراح الصدر لا تكون إلا بتحقيق أعمال القلوب أثناء القيام بتلك العبادة؛ لأن أعمال القلوب هي روح أعمال الجوارح، وبالروح تكون اللذة والطمأنينة والأنس، وإن فارقتها فأعمال الجوارح موات لا روح فيها ولا لذة وطمأنينة ولا أنس. = يتبع الجزء الثاني إن شاء الله ------------------ (1) مجموع الفتاوى (10/149). (2) المصدر السابق (11/381). (3) إغاثة اللهفان (2/924) (4) إغاثة اللهفان (2/924). (5) صيد الخاطر ص(84) تحقيق أبي أنس سيد بن رجب. إسلام ويب - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - كتاب الآداب - باب الرياء والسمعة- الجزء رقم1. (6) بدائع الصنائع (3/1140). (7) رواه مسلم رقم (2564). (8) شرح العقيدة الطحاوية ص(546) (9) نفس المصدر (10) مجموع الفتاوى (10/304). (11) منهاج السنة (6/221-222). (12) أعلام الموقعين (1/238). (13) رواه مسلم رقم (2564). (14) رواه البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).
ثمَّ نَهى عن التَّدابرِ، وهو أنْ يُوَلِّيَ المسلِمُ أخاه المسْلمَ ظَهرَه ودُبُرَه؛ إمَّا حِسِّيًّا فلا يُجالِسُه ولا يَنظُرُ إليه، وإمَّا مَعنوِيًّا فلا يُظهِرُ الاهتمامَ به، والمقصودُ نَهيُهم عنِ التَّقاطُعِ والتَّهاجُرِ، فيُعرِضُ عمَّا يجِبُ لأخيهِ المسْلمِ مِن حُقوقِ الإسلامِ كَالإعانةِ والنَّصرِ، وإلقاءِ السَّلامِ عليه، وعدمِ الهجرانِ في الكلامِ أكثرَ مِن ثَلاثةِ أيَّامٍ إلَّا لِعُذرٍ شَرعيٍّ. ثمَّ نَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيعِ بَعضِهم على بَيعِ بعضٍ، فَلا يَصِحُّ لأحدٍ بِغيرِ إذنِ البائعِ أنْ يقولَ لِمُشتري سِلعةٍ في زَمنِ الخيارِ: افْسَخْ هذا البيعَ وأنا أَبيعُكَ مِثلَه بِأرخصَ مِن ثَمنِه أو أجودَ منه بِثمنِه؛ وذلك لِمَا فيه مِنَ الإيذاءِ المُوجبِ لِلتَّنافرِ وَالبُغضِ. ثُمَّ بيَّن لهمُ المنزلةَ الَّتي يَنبغي أنْ يَكونوا عليها، وهي الأُخُوَّةُ، كأُخُوَّةِ النَّسَبِ في الشَّفَقةِ والرَّحمةِ، والمحبَّةِ والمُواساةِ، والمعاوَنةِ والنَّصيحةِ، فأمَرَهم أنْ يَأخُذوا بأسْبابِ كلِّ ما يُوصِلُهم لِمثْلِ الأُخُوَّةِ الحقيقيَّةِ مع صَفاءِ القلْبِ، والنَّصيحةِ بكلِّ حالٍ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأعضاء الكرام! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى. الدرر السنية. وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة. ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر على الشيخ أ. د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004 من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا بارك الله فيكم إدارة موقع أ. د خالد المصلح × لقد تم إرسال السؤال بنجاح. يمكنك مراجعة البريد الوارد خلال 24 ساعة او البريد المزعج؛ رقم الفتوى
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... الدكتور "البعيجان" في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي : أيام معدودة وساعات محدودة ويذهب التعب ويبقى الأجر - صحيفة مكة الإلكترونية. أما بعد: عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم, ولا إلى صوركم, ولكن ينظر إلى قلوبكم)) [ رواه مسلم]. الشرح: هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) [ سورة الحجرات: 13]. فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى العباد إلى أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة, أو صحيحة أو سقيمة, ولا ينظر إلى الصور, هل هي جميلة أو ذميمة, كل هذا ليس بشيء عند الله, وكذلك لا ينظر إلى الأنساب, هل هي رفيعة أو دنيئة, ولا ينظر إلى الأموال, ولا ينظر إلى شيء من هذا أبداً, فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوى, فمن كان لله أتقى كان من الله أقرب, وكان عند الله أكرم, إذاً لا تفتخر بمالك, ولا بجمالك, ولا ببدنك, ولا بأولادك, ولا بقصورك, ولا بسيارتك, ولا بشيء من هذه الدنيا أبدا. إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك فاحمد الله عليه.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى مبيِّناً أهمية أعمال القلوب في حديثه عن النية وأهميتها: [وإنما هي الأصل المراد المقصود، وأعمال الجوارح تبعٌ ومكملة ومُتممةٌ، وإن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد والأعضاء، الذي إذا فارق الروح فموات، وكذلك العمل إذا لم تصحبه النية فحركة عابث. فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح؛ إذ هي أصلها، وأحكام الجوارح متفرعة عليها](6). 4 – تفاضل العباد عند الله تعالى بتفاضل ما في قلوبهم من أعمال القلوب، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، وأصل التقوى عمل القلب، قال صلى الله عليه وسلم: "التقوى هاهنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات( 7). ويقول ابن مسعود رضي الله عنه في وصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبا... ) (8). وقال أبو بكر المزني رحمه الله تعالى: (ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه) (9). وعمر بن الخطاب رغم أن إسلامه كان متأخراً بالنسبة للعشرة المبشرين بالجنة؛ إذ كان إسلامه في السنة السادسة من البعثة إلا أنه تقدم على غيره سوى أبي بكر الصديق، وقد أفاد شيخ الإسلام عن ذلك بقوله: [وكان عمر لكونه أكمل إيماناً وإخلاصاً وصدقاً ومعرفة وفارسة ونوراً أبعد عن هوى النفس وأعلى همة في إقامة دين الله، مقدماً على سائر المسلمين غير أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين]( 10).