10/04/2022 عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية تختلف الآراء بين المراقبين والخبراء حول اذا ما حققت العملية الروسية أهدافها ام لا، حيث تتم مقاربة المسألة من زوايا ترتبط بالتموضع السياسي وهو خطأ كبير، سواء بالنسبة للمنطلقين في مقارباتهم من البروباغندا الإعلامية الغربية (فوبيا روسيا) او من البعض الذين يكتبون بنوع من المغالاة بنتيجة حبّهم لروسيا. بعيداً عن الفريقين، سأحاول في هذه الإحاطة ان اقدّم المشهد في نتائج العملية العسكرية الروسية كما هو انطلاقاً من الأهداف التي حدّدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند إعلانه عن بدء العملية. مسألة أخرى يجب الاشارة اليها قبل البدء باستعراض نتائج العملية، وهي المدّة الزمنية المحددة للعملية والتي لم تخرج الى العلن، ولم يتم التصريح عنها من قبل وزارة الدفاع الروسية، وبالتالي لا يمكن التعويل على عوامل النصر والهزيمة بما يرتبط بعامل الزمن طالما لا يمتلك احد تحديداً دقيقاً للمدّة وبالتالي ستكون هذه المسألة خارج البحث.
2ـ مرحلة التحطيم الشاملة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية. اليوم بتاريخ 19 نيسان/ ابريل 2022 وللمرّة الأولى منذ بدء العملية الروسية ظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على الإعلام وقدّم احاطة كاملة حول العملية واكّد ان انها تسير وفقاً للخطة الموضوعة وممّا قاله: "يقوم الجيش الروسي بتنفيذ المهام التي حددها القائد الأعلى في سياق العملية العسكرية الخاصة. ويجري تنفيذ خطة تحرير جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بشكل متتابع، وتتخذ التدابير للعودة إلى الحياة السلمية وإعادة الأمن في الأماكن المحررة". وتابع قائلا: "إن الولايات المتحدة والدول الغربية الخاضعة لسيطرتها تفعل كل شيء لتأخير العملية العسكرية الخاصة قدر الإمكان. نستله تسحب كيت كات ونسكويك من روسيا. إن الكميات المتزايدة من إمدادات الأسلحة الأجنبية لأوكرانيا تظهر بوضوح نواياها لدفع نظام كييف للقتال حتى آخر أوكراني". كما كان ملفتاً خلال الـ 24 ساعة الفائتة عدد المواقع الأوكرانية المستهدفة في يوم واحد والتي جاءت بحسب الناطق باسم الجيش الروسي على الشكل التالي: استهداف القوات الصاروخية والمدفعية التابعة للقوات الروسية 1260 هدفا عسكريا أوكرانيا، بما في ذلك 25 موقعا للقيادة، وقاذفتا صواريخ من طراز Buk-M1، و 1214 مكانا لتجمعات عسكرية.
ـ تدمير حوالي 2200 دبابة قتال رئيسية من اصل 3900 تمتلكها أوكرانيا، علماً ان هذه الدبابات تم تدميرها على جبهات القتال الشمالية والشرقية والجنوبية دون ان يتم التعرض للألوية المدرعة المتموضعة في غرب وجنوب غرب أوكرانيا التي باتت غير قادرة على التحرك بسبب السيطرة الجوية الروسية. ـ تدمير غالبية منظومات الدفاع الجوي الأوكراني من طراز اس ـ 300 وبوك وغيرها واقتصار استخدام أسلحة الدفاع الجوي على صواريخ "ستينغر" الأميركية المحمولة على الكتف، والتي لم تؤثر في مهام الطيران العملياتي والتكتيكي للجيش الروسي. ـ بالإضافة الى اسقاط 445 مسيرة من بينها معظم مسيرات بيرقدار التركية الصنع، واقتصار الإستخدام الأوكراني للطائرات المسيرة على الطرازات الصغيرة المستخدمة في مناطق عمل الكتيبة والسرية بغياب أي نوع من المسيرات المسلحة بنسبة كبيرة جداً. بلومبرج: إيلون ماسك يعرض شراء تويتر مقابل 43 مليار دولار - اليوم السابع. ـ اكثر من نصف المدافع ذاتية الحركة والمقطورة والهاون وراجمات الصواريخ إضافة الى تدمير 8 منصات لصواريخ توتشكا او من اصل 20 تملكها أوكرانيا. ـ تدمير عدد كبير من الشاحنات وآليات نقل الجنود والعربات. ـ تدمير غالبية مراكز القيادة والحرب الإلكترونية ومدارج الطائرات العسكرية.
ـ تدمير سلاح البحرية الأوكراني بالكامل بما فيه الزوارق الصغيرة وإخراجه من الخدمة بنسبة 100%، إضافة الى تحقيق روسيا السيطرة على كامل شاطىء بحر آزوف، وعلى اكثر من نصف شاطىء البحر الأسود التابع لأوكرانيا، مع وجود معلومات ان الجيش الروسي الذي لم يباشر بعد أي عمليات مباشرة بمدينة اوديسا ومقاطعتها حيث ينوي تحقيق السيطرة الكاملة عل ما تبقى من سيطرة اوكرانية على شاطىء البحر الأسود. استناداً الى هذه الأرقام يمكن القول ان هدف نزع سلاح أوكرانيا يسير بشكل متسارع، وان استمرار عمليات الإستهداف سيؤدي الى تحطيم كامل القدرة العسكرية الأوكرانية، ونحن هنا لا نتكلم طبعاً عن الأسلحة الفردية والمتوسطة بل عن الأسلحة التي تمنح أوكرانيا القدرة على تهديد روسيا. 4ـ انضمام أوكرانيا لحلف الناتو: لم يعد بعد العملية الروسية امراً سهلاً، حيث يمكن ان يُطلق الأمر شرارة حرب عالمية ثالثة مدمرة لا تبقي ولا تذر، وهو امر مفهوم لدى اميركا وأوروبا، وان كان الأمر وارداً قبل العملية الروسية فهو بات مستحيلاً بعدها، وبالتالي يمكن اعتبار تراجع أوكرانيا وعدم قدرة اميركا والغرب ضمها الى حلف الناتو احد اهم الأهداف التي تحققت بنتيجة العملية.
ذكرت تقارير صحفية أن شركة الاستثمار المالي "أبولو جلوبال مانجمنت" تدرس الاشتراك في عرض الملياردير الأمريكي إيلون ماسك البالغة قيمته حاليا 43 مليار دولار للاستحواذ على شركة موقع التواصل الاجتماعي تويتر. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مصادر مطلعة القول إن أبولو غير مهتمة بالاشتراك في اتحاد (كونستريتوم) شركات استثمار مالي خاص للاستحواذ على تويتر. ويمكن أن تقدم أبولو تمويلا لديون المشترين المحتملين لشركة تويتر بما في ذلك إيلون ماسك مؤسس ومالك شركة صناعة السيارات الكهربائية تسلا. ومن المحتمل أن يكون أي تمويل تقدمه أبولو للصفقة مقابل حصولها على أسهم مميزة حسبما نقل موقع البيان الإماراتية. كان إيلون ماسك، وهو أغنى شخص في العالم، قد عرض في الأسبوع الماضي الاستحواذ على تويتر مقابل 43 مليار دولار وهو العرض المرجح رفضه من جانب إدارة تويتر. في المقابل أقر مجلس إدارة تويتر خطة تسمى "الحبة السامة" لمنع استحواذ إيلون ماسك على الشركة وإلغاء تسجيل سهمها في البورصة كما يرغب. وأكدت هيئة الأوراق المالية والتداول الأمريكية خطة تويتر للتصدي لمحاولة الاستحواذ، وتتضمن إصدار تويتر لكمية جديدة من الأسهم التي يمكن لجميع مساهميها باستثناء ماسك شراءها بسعر مخفض.
وكتب: "دفع الضرائب لموازنة دولة إرهابية يعني قتل الأطفال والأمهات العزل. آمل أن تغير شركة نستله رأيها قريباً". وأدى ذلك إلى انتشار هاشتاغ #قاطعوا_نستله على موقع تويتر. وتعمل الشركة على تقليص أنشطتها في روسيا تدريجيًا منذ بداية الحرب على أوكرانيا، لكنها تتعرض لضغوط للانسحاب تمامًا. وألغت الإعلانات والاستثمارات الرأسمالية، وأوقفت في وقت سابق من هذا الشهر شحنات المنتجات غير الأساسية مثل كبسولات قهوة نسبريسو، ومياه سان بيليغرينو. لكنها واصلت بيع العديد من علاماتها التجارية قائلة: "لدينا مسؤولية تجاه أكثر من 7000 موظف في روسيا - معظمهم من السكان المحليين". وتعني الخطوة الأخيرة أن الشركة ستبيع فقط أغذية الرضع والتغذية الطبية والتغذية التي تذهب إلى المستشفيات. وقالت الشركة: "بينما لا نتوقع تحقيق ربح في البلاد أو دفع أي ضرائب ذات صلة في المستقبل المنظور في روسيا، ستتبرع الشركة بأي ربح لمنظمات الإغاثة الإنسانية". وأضافت: "نحن نقف مع شعب أوكرانيا، وموظفينا الـ 5, 800 هناك". وحتى الآن، علقت العلامات التجارية العالمية، مثل ماكدونالدز وشركة "لوريال" لمستحضرات التجميل ومتاجر "إتش آند إم" للأزياء وعملاق التكنولوجيا "أبل"، أنشطتها أو خفضتها في روسيا.
6ـ اجتثاث النازية: وهو موضوع لا يمكن انهاءه بالقوة العسكرية حيث تستمر حملة معاداة روسيا منذ فترة طويلة عبر القوميين المتطرفين في أوكرانيا، والتي حولّت اجيالاً بأكملها الى معادين لروسيا عبر تأصيل الكره وزرع "فوبيا روسيا"، والتي تنتقل الآن من أوكرانيا الى انحاء مختلفة من العالم عبر جهد غير مسبوق لأجهزة الإستخبارات ووسائل الإعلام الغربية، وبشكل هستيري طال كل النواحي وصولاً حتى الرياضة والفن والأدب. انطلاقاً من استعراض هذه النتائج يمكن الجزم بأن روسيا حققت قسماً كبيراً من أهدافها في وقت قياسي، بالنظر الى حجم القوة الروسية التي تنفذ المهام وبالنظر الى المرونة العالية في التعاطي مع المستجدات، وإمكانية إيجاد البدائل السريعة بما فيها التكتيكات التي قد تكون أخفقت في بعض الجوانب المرتبطة بمهام وحدات على مستوى الكتيبة والسرية، الا انها في الجانب العملياتي يمكن التأكيد على انها حققت القسم الأكبر. وفي حال استطاعت روسيا تحقيق أهدافها بنسبة عالية سواء عبر استمرار العملية او بالمفاوضات يمكن القول حينها ان متغيرات استراتيجة ستحصل، وسنكون ام تحولات جيوسياسية تجابهها اميركا بشكل خاص بشراسة وهيستيريا غير مسبوقة لإرتباط الأمر بنفوذها وهيمنتها.