ويقول -صلى الله عليه وسلم- "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ" [البخاري:1968]. الترويح عن النفس في الإسلام. هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية التطبيقية فقد مارس النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه الترويح عن النفس، ووردت عنه -عليه الصلاة والسلام- أحاديث شتى تحمل معاني التسلية والمرح مع الآخرين. روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ "يَا ذَا الأُذُنَيْنِ" يَعْنِى مَازَحَهُ [الترمذي (2123)]. وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا" فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: "تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ" فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا" فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ" فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" [أحمد:26277].
فبين أنه لا بد من اللذات المباحة الجميلة، فإنها تعين على تلك الأمور. وكان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل؛ لأستعين به على الحق. والله سبحانه إنما خلق اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق؛ فإنه بذلك يجتلبون ما ينفعهم، كما خلق الغضب ليدفعوا به ما يضرهم، وحرم من الشهوات ما يضر تناوله، وذم من اقتصر عليها. فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق، فهذا من الأعمال الصالحة؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {في بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أما يكون عليه وزر؟ قالوا: بلى. قال: فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال}. مسامرة الأصدقاء للترويح عن النفس - منتديات بحور الاحساس. اهـ. باختصار من مجموع الفتاوى. وراجع للفائدة الفتوى: 33294. والله أعلم.
ألا يكون في النشاط الترويحي كذب وافتراء؛ فقد قال: { ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له! ويل له! الترويح عن النفس والمزاح. } ، [رواه داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي]. ألا يكون فيه تبذير للمال واستهلاك باذخ، قال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً [الإسراء:27،26]، وهذا في أمر واجب وهو الإنفاق على ذي القربى والمسكين وابن السبيل فكيف الحال في الترويح؟!! ألا يكون في النشاط الترويحي اختلاط لما يفضي إليه ذلك من النظر المحرم، والخلوة المحرمة، بالإضافة إلى أنه قد يكون ذريعة لمخالفات شرعية أكبر، والله تعالى قد نهى عن مجرد قربان الزنا ولم يقتصر على تحريم الزنا، بل القربان فقد قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32]. ألا يكون فيه معازف لقوله: { ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} [رواه البخاري]. ألا يكون من نرد لقوله: { من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله} [رواه أحمد وأبو داود] وقوله: { من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير} [مسلم].
وفى رواية " ولن لعينيك عليك حقا، وإن لزورك - الضيوف - عليك حقا " وفى رواية " وإن لولدك عليك حقا". 5 - قوله صلى الله عليه وسلم لحنظلة بن الربيع الأسيدى الذى ظن أن تمتعه مع زوجته وأولاده وامواله نفاق يغاير ما يكون عليه من الجدية عند لقائه عليه الصلاة والسلام " والذى نفسى بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندى وفى الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفى طرقكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة". [ثلاث مرات]... رواه مسلم. 6 -كان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا. روى الشيخان أنه داعب صغيرا يلعب بعصفور قائلا "ما فعل النُّغير يا أبا عمير؟".. وروى الترمذى بإسناد حسن أنهم قالوا له: إنك تداعبنا فقال: "إنى وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقا" وتسابق مع السيدة عائشة كما رواه النسائى وابن ماجة، وشهد معها لعب الحبشة وقال: "حتى تعلم يهود أن فى ديننا فسحة" وسمع الحداء واعجب به ، وتسابق مع بعض الأغراب على ناقته ، وشهد الرماة وهم يتبارون بالنبال وشجعهم على ذلك دون انحياز إلى فريق ضد فريق حتى لا يغضبهم. &&&&&&&الترويح عن النفس&&&&&&&& - عالم حواء. وروى عنه أنه قال "روِّحوا القلوب ساعة فساعة" رواه أبو داود فى مراسيله - ما سقط منها الصحابى - ورواه أبو بكر بن المقرئ والقضاعى، وهو حديث ضعيف.
هذا هو رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وهذه هي شيمه وأخلاقه ودعابته ومرحه -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أيها المسلمون: عرفنا معنى المزاح، وحكمه، ومنهج النبي -صلى الله عليه وسلم- تجاهه، وبقي أن نعرف أمراً مهماً فيه، وأحكاماً خاصة به، ومن أهمها وأعظمها: أن المسلم يجب عليه عندما يمزح أن ينضبط في مزاحه بالضوابط الإسلامية، بحيث لا يتطرق مزاحه إلى المساس بأمور الدين، أو السخرية من أحكام الشريعة وشرائعها؛ لأن هذا يعد كفراً وليس مزحاً.