الحمد لله.
صفات قوم هود وكان قوم هود أقوياء أشداء، أقوياء، فقد بسط الله -عز وجل- في أجسامهم، فكانوا أكثر طولًا، وأشد قوة، وكانوا شديدي البطش، ظانين أن لا أحد يضاهيهم في هذا الأمر، وقيل أن أطولهم كان يبلغ مئة ذراع، وكانوا أغنياء، مترفين، بما يمتلكون من أبنية شاهقة، وقصور ضخمة عالية، لم يكن أحد ممن جاورهم حينها يمتلك مثل ما يمتلكون. نسب قوم هود لقد ذكرنا أن سيدنا هود -عليه السلام- يرجع نسبه إلى سام بن سيدنا نوح -عليه السلام-، فـ قوم هود ينحدرون من ذرية عاد وهو من سلالة سام بن نوح، وهم من العرب العاربة، وهم العرب الذين استعملوا اللغة العربية، أما العرب المستعربة، الذين هم من سلالة سيدنا إسماعيل -عليه السلام-، فقد جاؤوا بعدهم. الحقبة الزمنية لوجود قوم عاد كان وجود قوم هود في التاريخ بعد أن أرسل الله الطوفان على قوم نوح بأعوامٍ عديدة، تلك الفترة التي استطاع البشر أن ينسوا ما حل بعذاب شديد للأقوام التي قبلهم، وأن يترسخ لديهم الكفر والضلال بعد أن تمتد جذورهم لتكون معتقدًا يتوارثونه جيل بعد جيل، ويرفضون أن يغيروه، أو يتخلوا عنه، فظهرت عاد من نسل ذرية أبناء سيدنا نوح -عليه السلام-، ظلوا يعصون الله -عز وجل- حتى جاء إليهم بسيدنا هود ليرشدهم إلى طريق الحق، إلا أنهم عصوه أيضًا، ولهذا فقد حل عليهم عقاب الله -عز وجل-.
أي ما تذر من شيء مرت عليه من أنفسهم وأنعامِهم وأموالهم إلا جعله كالشيء الهالك البالي. ذكر محمد الجاوي في تفسيره: وفي عادٍ أي وفي قوم هود حديث: "وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي الريح المهلكة وقاطعة النسل وهي الدبور وقال تعالى: "ما نَذَرُ من شيءٍ أتت عليه إلّا جعلتهُ كالرميم" أي ما تترك هذه الريح شيئاً مرت عليه مقصوداً وهو عاد وأبنيتِهم وعروشهم وبيوتهم وحيواناتهم إلّا جعلتهُ مثل التراب أو مثل الشيء الهالكُ البالي. قال المُراغي: والعقيمُ هي التي لا خير فيها ولا بركة، فلا تُلقح شجراً ولا تحملُ مطراً، وسميت كذلك؛ لأنها أهلكتهم وقطعت أدبارهم. كيف اهلك الله عاد قوم هود عليه السلام. قال تعالى: " وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ – سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ – فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ " الحاقة:6-8. قال الطبري: وقوله: "وأما عادٌ فأهلكوا بريحٍ صرصرٍ عاتية" يقول تعالى ذكره، وأما عاد قوم هود فأهلكهم الله بريح صرصر، وهي الشديدة العصوف، مع شدة بردها، "عاتية" يقول عتت على خزانها في الهبوب، فتجاوزت في الشدة والعصوفِ مقدارها المعروف في الهبوب البرد.