معلومات عن محيي الدين بن عربي محيي الدين بن عربي العصر الايوبي poet-Ibn-Arabi@ محمد بن علي بن محمد ابن عربي، أبو بكر الحاتمي الطائي الأندلسي، المعروف بمحيي الدين بن عربي، الملقب بالشيخ الأكبر. فيلسوف، من أئمة المتكلمين في كل علم. ولد في مرسية (بالأندلس)... المزيد عن محيي الدين بن عربي
» الإذاعات الروحية ولنمسك مرة أخرى بمصباح محيي الدين، ولنتقدم على نوره خطوات لنشاهد تلك المحطات الروحية التي تُذيع الأنباء الصوفية على رجال المملكة. ولرجال التصوف إذاعاتهم الخاصة التي تربط أجزاء مملكتهم بعضها ببعض، والتي تنقل أخبارهم إلى مشارق الأرض ومغاربها. ولا تعجب ولا يضرب الإنكار على بصيرتك غشاوة فتسخر! فلقد كشف الله — سبحانه — الغطاء عن عينَيْ عمر بن الخطاب — رضوان الله عليه — وهو على منبر المدينة يخطب أصحابه، فرأى سارية وجيش سارية وهو بنهاوند بأرض العراق، يقاتل خصوم الرحمن، وقد أُحيط به ولا نجاة له إلا بأن يعتصم بجبل بجواره، فهتف عمر: «يا ساريةُ، الجبلَ. » فسمع سارية الصوت في لمحة، على بُعد المسافة التي يقطعها الراحل المُجِدُّ في عشرات الأيام، وعَرَف أنه صوت عمر؛ فالتجأ إلى الجبل فنجا وانتصر! كيف أبصر عمر؟ وكيف سمع سارية؟ ذلك سر الروح، وذلك سر الإيمان، وذلك فضل الله، وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا. يقول محيي الدين: «ومن علوم الكشف أن أيَّ واحد أو جماعة قلَّتْ أو كثرت، لا بد أن يكون معهم من رجال الغيب واحد عندما يتحدثون؛ فذلك الواحد ينقل أخبارهم إلى العالم. ولقد عملتُ أبياتًا من الشعر بمقصورة ابن مثنًّى بشرقي جامع تونس عند صلاة العصر في يوم معلوم معين، فجئتُ إشبيلية، وبينهما مسيرة ثلاثة أشهر للقافلة، فاجتمع بي إنسان لا يعرفني، فأنشدني بحكم الاتفاق تلك الأبيات عينها.
فلما فارقتُه وكان بعض أصحابي مع الجماعة في انتظاري؛ لكونهم كانوا يقرأون علينا: إحياء علوم الدين. ١ فلما فرغتُ من ركعتَيِ الطواف وجئتُ إليهم، قال لي بعضهم: رأيناك تكلم رجلًا غريبًا حسن الوجه، ما نعرفه، فَمَنْ هو؟ ومتى جاء؟ قلت: هذا ليس لكم. » هذه قطرة من عالم الروح لديهم، ولسنا بمستطيعين أن نجمع بحار الأسرار في قطرة؛ فنَظِرَة إلى مَيْسَرة، عسى الله أن يوفقنا؛ فَنُخَصِّص لها كتابًا. وتلك صورة مُصَغَّرة لمملكة المتصوفة، الذين يعيشون في ظلال الهدى والرضا، ويقتاتون بالأشواق والمحبة، المتصوفة الذين أحالوا الوجود إلى منابر ومنائر تهتف بالذكر والإيمان، وإلى محاريب للركوع والسجود، المتصوفة الذين يعيشون بيننا في مملكة من صفاءٍ ونورٍ، ابتدعوها لأنفسهم واعتصموا داخلها من تلك الغابة الْمُسَلَّحة؛ غابة الأحزان والهموم، والبغضاء والدماء والشهوات. وبعد؛ فإن لهم لعادتَهم وتقاليدَهم ورموزَهم التي يعرفونها، وإن لهم لنورًا يتميزون به، وعطرًا يُعرفون بشذاه، ولا يَعرِف الشذى ولا يُبصِر النور إلا رجال الشذى والنور. ١ للإمام الغزالي.