وإذا الكون كله بما فيه ومن فيه نور طليق من القيود والحدود ، تتصل فيه السماوات بالأرض ، والأحياء بالجماد ، والبعيد بالقريب ؛ وتلتقي فيه الشعاب والدروب ، والطوايا والظواهر ، والحواس والقلوب.. ( الله نور السماوات والأرض).. النور الذي منه قوامها ومنه نظامها.. فهو الذي يهبها جوهر وجودها ، ويودعها ناموسها.. ولقد استطاع البشر أخيرا أن يدركوا بعلمهم طرفا من هذه الحقيقة الكبرى ، عندما استحال في أيديهم ما كان يسمى بالمادة - بعد تحطيم الذرة - إلى إشعاعات منطلقة لا قوام لها إلا النور! ولا " مادة " لها إلا النور! فذرة المادة مؤلفة من كهارب وإليكترونيات ، تنطلق - عند تحطيمها - في هيئة إشعاع قوامه هو النور! فأما القلب البشري فكان يدرك الحقيقة الكبرى قبل العلم بقرون وقرون. كان يدركها كلما شف ورف ، وانطلق إلى آفاق النور. ولقد أدركها كاملة شاملة قلب محمد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم] ففاض بها وهو عائد من الطائف ، نافض كفيه من الناس ، عائذ بوجه ربه يقول: " أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ". وفاض بها في رحلة الإسراء والمعراج. التشبيه في آية النور | مركز الهدى للدراسات الإسلامية. فلما سألته عائشة: هل رأيت ربك? قال. " نور.
قيل أيضًا أن الضمير قد يعود إلى المؤمن نفسه، وفيه الآية تشبيه للنور الذي يسيطر على قلب المؤمن من هداه بالمشكاة، وذلك عند تطابق ما يستقبله المؤمن في نفسه من تدبر لمعاني القرآن الكريم وآياته مع الهدى الذي فطره الله عليه، وفي ذلك يكون المؤمن في حالة من الصفاء النفسي التي تجعله يُشبه القنديل الزجاجي في شفافيته، وفي الآية تشبيهٌ بما يستهدي به المؤمنون من آيات القرآن والإيمان بالزيت في الصفاء بحيث لا يشوبه أي كدر. يُراد بالمشكاة موضع الفتيلة من القنديل، فيكون قلب المؤمن مشابهًا للضياء المنير الذي ينبثق من الزجاجة الصافية، بحيث تكون الزجاجة أقرب للكوكب الضخم في إضاءته، بحيث يُستمد الوقود من زيت الشجرة المباركة، وهي شجرة الزيتون. تمتاز تلك الشجرة المباركة بأنها متوسطة، فليست غربية، وليست شرقية، وفي الوسط دلالة على اعتدال الزيت وصفاءه، حيث أن توسطها يجعلها تُنتج أنقى الزيوت وأكثرها جودة، لدرجة أن الزيت من شدة نقائه يُوشك على الإضاءة. تفسير حلم قراءة سورة النور رؤية سورة النور في المنام. أما قوله تعالى: {نور على نور}، فهو إشارة إلى عدم اكتمال جمال هذه الصورة إلا باجتماع نور النار، والمقصود به الإيمان، مع نور الزيت، وهو هدي القرآن الكريم، فلن يستطيع أحد منهما أن يُنير دون الآخر، فيهدي الله إلى طريقه من يريد، {يهدي الله لنوره من يشاء}، ثم ختم الله الآية بقوله: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فالله تعالى هو الأعلم بمن هو أقرب للهداية بعد ضرب الأمثال.
الجواب: بيانُ المراد من آية النور: لا ريب في ظهور قوله تعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ أنَّ المشبَّه هو نور الله تعالى وليس ذاته جلَّ وعلا، فنورُ الله مثَلُه كمثل المشكاة وليس ذات الله تعالى، والآية صريحةٌ في ذلك حيث قالت: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ ولم تقل مثل ذاته. وأمَّا أنَّه تعالى وصف نفسه في صدر الآية بأنَّه نور السماوات والأرض فهو لا يعني أنَّ ذات الله عزَّوجل هي نور السماوات والأرض أو أنَّها كمثل السماوات والأرض بل المراد من قوله: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ هو أنَّ الله عزَّ وجل منوِّر السماوات والأرض بمثل الشمس والقمر لو كان المراد من النور هو النور المادِّي، وهو الهادي لمَن في السماوات والأرض لو كان المراد من النور هو النور المعنوي.