من جهة أخرى، حرص الناصر لدين الله على ألا تخفى عليه كبيرة ولا صغيرة في الدولة، وكانت تلك طريقته لحماية نفسه من المكائد. وقال عنه المؤرخ ابن واصل: " كان الناصر شهمًا، شجاعًا، ذا فكرة صائبة، وعقل رصين، ومكر ودهاء، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور". وقد انتشرت أخبار معرفة الناصر لجميع أسرار الدولة وخفايا العباد؛ حتى قيل: إنه كان مخدوماً من الجن، وإنه يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدار! وقد بلغ من مكره ودهائه أنه كان يستطيع ببساطة خلق المودة بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، وإيقاع العداوة بين ملوك متفقين وهم لا يفطنون. إذا أطعم أشبع، وإذا ضرب أوجع وفي حين أجمع المؤرخون حول حزم الناصر ومكره ودهائه وقدرته على استرداد هيبة الدولة؛ إلا أنهم اختلفوا حول معاملته لرعيته. فقد قال عنه ابن واصل: إنه كان "رديء السيرة في الرعية"، على الرغم من عقله الرصين، وأردف: "كان مائلاً للظلم والعسف، ففارق أهل البلاد بلادهم، وأخذ أموالهم وأملاكهم. عرفت ملوك الجن ريح عمامتي شرح – المحيط. وكان الناصر إذا أطعم أشبع، وإذا ضرب أوجع، وله مواطن يعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر". وأكد على ذلك الإمام جلال الدين السيوطي، فروى في كتابه " تاريخ الخلفاء " أن الناصر كان سيئ السيرة بين الناس، وكان يقوم بأفعال متضادة.
يحكى أن الناصر لدين الله كان مخدوماً من الجن، يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدران، وقد تمكّن ذلك الخليفة العباسي من إعادة إحياء هيبة الخلافة، حتى خُطِب له في الصين والأندلس، وبايعه كل سلاطين المسلمين، بمن فيهم صلاح الدين الأيوبي. الناصر لدين الله.. الرجل الذي أعاد الهيبة لدولة الخلافة مرت الدولة العباسية بالعديد من المطبات؛ ففي بادئ الأمر كان الصراع على السلطة مقتصراً على العرب والفرس، مع ذلك كان للخليفة العباسي هيبة وكلمة مسموعة، لكن بعد أن أدخل المعتصم الأتراك إلى الدولة تعاظمت قوتهم، حتى باتوا ينصبون ويخلعون الخلفاء على هواهم، وأتى على الناس زمن حكم فيه الباطنيون البلاد والعباد، فظهر القرامطة الذين لم يكن للخليفة في عهدهم وزن. - أرشيف منتدى الفصيح - عرفت ملوك الجن ريح عمامتي - المكتبة الشاملة الحديثة. تابعنا عبر تيليجرام لتلقي جميع أخبار العراق وفي ظل الصراعات الداخلية على السلطة، توقفت الفتوحات الإسلامية، بل وتقلّصت رقعة دولة الخلافة التي لم تستعد هيبتها حتى تولاها الناصر لدين الله بن المستضيء. اعتلى الناصر عرش بغداد عام 1180، وكان أول أهدافه القضاء على قوة السلاجقة، فهاجمهم وتمكّن من الاستيلاء على عدد من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها، ومد سيادته على بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس.
عَرَفَتْ ملوكُ الجنِّ ريحَ عِمامتي!!
كذلك، دان له بالولاء العديد من الملوك والحكام، وقال فيه ابن النجار: "دانت السلاطين للناصر، ودخل في طاعته من كان من المخالفين، وذللت له العتاة والطغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة، واندحض أعداؤه، وكثر أنصاره، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن تقدمه من الخلفاء والملوك، وخُطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين". أما ابن الذهبي فقال فيه: " قمع الأعداء، واستظهر على الملوك، ولم يجد ضيماً، ولا خرج عليه خارجي إلا قمعه، ولا مخالف إلا دفعه، وكل من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان". مخدوم من الجن أم الإنس؟ وقد تمكّن الناصر من توسيع رقعة بلاده، وحصد ولاءات معاصريه من الملوك؛ بسبب براعته في إدارة شؤونه الداخلية في المقام الأول، فقد وصلت البلاد في عهده إلى حد من الاستقرار بات من الممكن معه التوسع والاهتمام بالشؤون الخارجية. يقال إنه كان مخدوماً من الجن وخطب له في الصين والأندلس الناص - الراصد العراقي. فقد أدرك الناصر، على سبيل المثال، استغلال العديدين للتعصب المذهبي ليكون سلماً يصلون من خلاله إلى المال والمناصب، فقضى بحزم على كل من تسوّل له نفسه استغلال المذاهب المختلفة لإقامة التحالفات وتعزيز التفرقة في الدولة العباسية، وآلف بين العلويين والحنابلة والشافعية. كذلك استحدث الناصر نظام الفتوة والتجنيد، وأدخل الكثير من شباب بغداد الجيش، واهتم بزيادة تحصين المدينة، فبنى حولها الأسوار.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. قال ابن حبان: سمع هذا الخبر عبد الله بن بريدة عن أبيه، وسمعه من بشير بن كعب عن شداد بن أوس، فالطريقان جميعاً محفوظان. وقال النسائي: حسين أثبت عندنا من الوليد بن ثعلبة، وأعلم بعبد الله بن بريدة، وحديثه أولى بالصواب. وانظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي؛ حيث قال: وهو المحفوظ. وقال الحافظ في ((فتح الباري)) (11/ 102): كأن الوليد سلك الجادة؛ لأن جل رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه، وكأن من صححه جوَّز أن يكون عن عبد الله بن بريدة على الوجهين، والله أعلم. فلم يرجح هنا؛ ورجح في ((نتائج الأفكار)) (2/ 322)، فقال: ورواه الوليد بن ثعلبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، والأول هو المحفوظ، والله أعلم. يعني: رواية حسين المعلم، إلا أنه بعد أن جزم بذلك عاد فنقضه بقوله: وكنت أظن أن روايته هذه شاذة، وأنه سلك الجادة حتى رأيت الحديث من رواية سليمان بن بريدة عن أبيه، أخرجها ابن السني، فبان أن الحديث عن بريدة أصلًا. هل جمـ ـاع الـزوجـ ــة يعدل صلاة سبعين نافلة – كنوز التراث الإسلامي. ((نتائج الأفكار)) (2/ 324). قلت: وما جزم به أولًا هو الصواب – موافقاً في ذلك لقول الإمام النسائي – والمتابعة التي ذكرها وهية: فقد أخرجها ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (43) قال: أخبرنا أبو عروبة ثنا معلل بن نفيل ثنا موسى بن أعين عن ليث عن عثمان عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعاً بنحوه، وفي آخره: ((مات شهيداً)) بدل ((دخل الجنة)).
عن ابي هريرة - رضي الله عنه قال- عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا و الآخرة ، و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. و من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا الى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله في من عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه). رواه مسلم بهذا اللفظ.
وانظر: ((علل ابن أبي حاتم)) (2077). قلت: وقد خالف حسيناً فيه: 1- حماد بن سلمة: فرواه عن ثابت البناني، وأبي العوام فائد، عن عبد الله بن بريدة أن ناساً من أهل المدينة كانوا في سفر ومعهم شداد بن أوس وذكر الحديث. أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (581)، وفي ((الكبرى)) (5/ 104)، ورواه النسائي (465)، وفي ((الكبرى)) (10299) أيضاً من طريق حماد بن سلمة ثنا ثابت عن عبد الله بن بريدة أن نفراً صحبوا شداداً بن أوس، فقالوا: حدثنا بشيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... فحدثهم بالحديث. قلت: فلم يذكر بشير بن كعب بين ابن بريدة وشداد بن أوس، ولعل الوهم فيه من أبي العوام فائد بن كيسان. المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48 - - هل تعلم أنّ المهر المؤجل يبقى دينا في ذمتك بعد الموت ؟. 2- الوليد بن ثعلبة: فرواه عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة بن الحصيب عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي... )) فذكره بنحوه إلى أن قال: ((فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة)). أخرجه أبو داود (5070)، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (20، 466، 579)، وابن ماجة (3872)، وابن حبان (1035)، والحاكم (1/ 514، 515)، وأحمد (5/ 356)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (465 – المنتقى)، والطبراني في ((الدعاء)) (309)، والبيهقي في ((الدعوات)) (31)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1309)، وعبد الغني في ((الدعاء)) (90)، والبزار (564 – كشف الأستار)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (28/ 500، 501)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/ 323).
3- ألا يَضيق صدر العالم أو طالب العلم حينما يقول حكمًا، ثم يراجع ويطالب بالدليل، فقد راجع الصحابة أفضل البشرية رسول الله عليه أفضل صلاة وأزكى تحية. مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الزكاة)
إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله: { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} ( الكهف: 46) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا:بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله عز وجل) وقال أبو الدرداء راوي الحديث: " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( سبق المفردون. قالوا: وما المفردون يا رسول الله ؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) رواه مسلم. فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه. وفي الجانب الآخر: فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال الله عزوجل في كتابه: { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ( آل عمران: 110) ، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها.