قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا (84) وقوله تعالى: ( قل كل يعمل على شاكلته) قال ابن عباس: على ناحيته. وقال مجاهد: على حدته وطبيعته. تفسير قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقال قتادة: على نيته. وقال ابن زيد: دينه. وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى. وهذه الآية - والله أعلم - تهديد للمشركين ووعيد لهم ، كقوله تعالى: ( وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون) [ هود: 121 ، 122] ولهذا قال: ( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) أي: منا ومنكم ، وسيجزي كل عامل بعمله ، فإنه لا تخفى عليه خافية.
روي أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، قال: لم أر في القرآن أرجى من قوله تعالى: { قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}، لا يشاكل بالعبد إلا العصيان، ولا يشاكل بالرب إلا الغفران. قال أبو بكر ذلك حين تذاكر الصحابة رضي الله عنهم القرآن. ولنا وقفة مع هذه الآية الكريمة: الكلمة المفتاحية في هذه الآية قوله تعالى: { شاكلته}، وقد ذكر المفسرون عدة أقوال في المراد من (الشاكلة) في هذه الآية، حاصلها على النحو التالي: (الشاكلة) بمعنى: الناحية، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قوله: { كل يعمل على شاكلته}، يقول: على ناحيته. ورجح ابن عطية قول ابن عباس من أن المراد بـ (الشاكلة) الناحية. (الشاكلة) بمعنى: الطبيعة النفسية. وهذا مروي عن مجاهد. قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا . [ الإسراء: 84]. (الشاكلة) بمعنى: النية، روى الطبري عن قتادة ، قال: { كل يعمل على شاكلته}، على ما ينوي. (الشاكلة) بمعنى: الدِّين، روي عن ابن زيد قال: الشاكلة: الدِّين. (الشاكلة) بمعنى: الشَّكل، بفتح الشين، يقال: ليس على شكلي ولا شاكلتي. فـ (الشَّكل) هو المثل والنظير والضرب، كقوله تعالى: { وآخر من شكله أزواج} (ص:58)، أي: من مثله ونظيره. (الشاكلة) بمعنى: الطريقة والمذهب: وهذا التفسير مروي عن الفراء ، و الزجاج من أهل اللغة، واختاره الزمخشري و الرازي ؛ لقوله تعالى في ختام الآية: { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}، أي: أسدُّ طريقاً، وأبين منهاجاً.
تاريخ الإضافة: 12/6/2018 ميلادي - 29/9/1439 هجري الزيارات: 60029 ♦ الآية: ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الإسراء (84). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ﴾ على مذهبه وطريقته؛ فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإِعراض عند الإِنعام واليأس عند الشدَّة، والمؤمن يفعل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرَّخاء والصَّبر والاحتساب عند البلاء، ألا ترى أنَّه قال: ﴿ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ﴾؛ أَيْ: بالمؤمن الذي لا يُعرض عند النِّعمة، ولا ييئس عند المحنة. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله عز وجل: ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ﴾ قال ابن عباس: على ناحيته، قال الحسن وقتادة: على نيته، وقال مقاتل: على خليقته، قال الفراء: على طريقته التي جُبِل عليها، وقال القتيبي: على طبيعته وجِبلَّته، وقيل: على السبيل الذي اختاره لنفسه، وهو من الشكل، يُقال: لستَ على شكلي ولا شاكلتي، وكلها متقاربة، تقول العرب: طريق ذو شواكل إذا تشعَّبت منه الطرق، ومجاز الآية: كلٌّ يعمل على ما يشبهه؛ كما يقال في المثل: "كل امرئ يشبهه فعله".
شكرا لدعمكم تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وقوله سبحانه في ختام الآية: { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}، فيعلم من يصلح للهداية، فيهديه، ومن لا يصلح لها، فيخذله ولا يهديه. قال الشوكاني: { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}؛ لأنه الخالق لكم، العالم بما جُبلتم عليه من الطبائع، وما تباينتم فيه من الطرائق، فهو الذي يميز بين المؤمن الذي لا يُعْرِضُ عند النعمة، ولا ييأس عند المحنة، وبين الكافر الذي شأنه البطر للنعم، والقنوط عند النقم". قال الشيخ السعدي: "وهو كلام جامع؛ لتعليم الناس بعموم علم الله، والترغيب للمؤمنين، والإنذار للمشركين مع تشكيكهم في حقية دينهم؛ لعلهم ينظرون، كقوله سبحانه: { وإنا أو إياكم لعلى هدى} (سبأ:24). وحاصل المراد من هذه الآية: حث المؤمنين على المضي على طريق الهدي القويم، والثبات على الصراط المستقيم، وعدم الالتفات يمنة أو يسرة؛ لئلا يضلوا عن سواء سبيل، وإنذار الضالين بسبب ما هم فيه من الضلال، وتوعدهم بأنهم إن استمروا على ما هم فيه من الغي والضلال والإعراض عن الهدى، فإنهم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
صالح عليه السلام نبذة: أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين سيرته: إرسال صالح عليه السلام لثمود: جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: ( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير. فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له: قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود) تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح.
[٢] العبر المستفادة من قصة النبي صالح عليه السلام من العبر أنَّه مهما أعطى الله عباده من النِّعم سيأخذها منهم إن هم كفروا به وعصوا أمره. [٦] من العبر أنَّ المؤمن يجب أن يكون ناصحًا، فالذين عقروا النَّاقة كانوا رهطًا وربما تسعة، ولكنَّ الله خسف الأرض بآلاف العائلات لأنَّهم تركوا التَّناصح فيما بينهم ورضوا بفعل الكفار. [٦] كما ويمكنك أن تروي قصة النبي صالح لأطفالك بالاستعانة بهذا المقال: قصة النبي صالح للأطفال المراجع [+] ↑ خير الدين الزركلي، الأعلام للزركلي ، صفحة 188. بتصرّف. ^ أ ب ت ث ج محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب ، صفحة 143. بتصرّف. ↑ محمد الأمين الهرري، حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن ، صفحة 396. بتصرّف. ↑ سورة الشمس، آية:12 ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط للطنطاوي ، صفحة 415. بتصرّف. ^ أ ب نبيل العوضي، دروس نبيل العوضي ، صفحة 6. بتصرّف.
ذات صلة قصة صالح عليه السلام قصة قوم صالح نبي الله صالح عليه السلام يعتبر نبي الله صالح عليه السلام من أنبياء الله ورسله، حيث بعثه الله تعالى في مرحلةٍ من مراحل التاريخ إلى قومه ليدعوهم إلى التوحيد والهدى، وليصحح عقيدتهم التي انحرفت إلى الشرك والضلالات، وذكرت قصة صالح عليه السلام مع قومه في كتاب الله تعالى في أكثر من سورة، حيث جاءت مفصلة في سور؛ مثل: الأعراف، والحجر، وفصلت، والشعراء، وهود، بينما جاءت أقل تفصيلاً في سور أخرى؛ مثل: الإسراء، والفجر، والحاقة. نسب نبي الله صالح عليه السلام نبي الله صالح عليه السلام من الأنبياء العرب، حيث ينتهي نسبه إلى سام ابن نوح عليه السلام، فهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر بن جابر بن ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وسمي قومه بهذا الاسم نسبة إلى أحد أجدادهم وهو ثمود. سيدنا صالح عليه السلام وقومه ثمود من العرب البائدة وفق تصنيف المؤرخين، ومعنى العرب البائدة أي تلك السلالة من العرب الذين بادوا في التاريخ لعدة أسباب، من بينها عذاب الله الذي حل بهم بسبب عصيانهم وجحودهم، وسكن قوم ثمود في منطقة الحجر؛ وهي منطقة بين المدينة المنورة وتبوك شمال الجزيرة العربية.
و النتيجة كانت فسادهم أخلاقيا ودينيا، فقال تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فقد أسرفوا في الملذات والفساد، و كبرائهم بالغوا بالكبر والغرور. فالله تعالى بعث فيهم صالح عليه السلام، وذلك ليقوم بدعوتهم إلى الإيمان بالله تعالى وإخلاص العبودية له سبحانه، فقال تعالى: (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ). معجزة صالح عليه السلام قوم ثمود قد طلبوا من سيدنا صالح معجزة كي تصدق رسالته وتظهر صدقه، وقد سألهم صالح عن المعجزة التي يريدونها، فقد أشاروا إلى صخرة كبيرة قريبة من المكان، وطلبوا منه أن يخرج من هذه الصخرة ناقة، وظلوا يضعون شروط تعجيزية في مواصفات الناقة، ولكن صالح بعد ذلك ذهب إلى المصلى ودعا الله أن يخرج من الصخرة ناقة. و خرجت من الصخرة ناقة وفق شروطهم وأمام أعينهم، فتعجبوا بعضهم آمن بصالح وهم قلة، ولكن الأكثرية استمروا في كفرهم، كما انه طلب من قومه أن يتركوا الناقة تشرب من البئر يوما وهم يشربون منها في اليوم التالي وهكذا، كذلك طلب منهم أن تبقى الناقة بينهم، وفعلا أصبحت الناقة تشرب يوما من البئر، وفي اليوم التالي يأخذ القوم حاجتهم من ماء البئر، واستمروا على هذا الحال وهم يشربون من لبن الناقة.
تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام. ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة. هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.
ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب. في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.