أشار كسرى إلى أحد رجاله ليأتي بالرسالة فقال سيدنا عبد الله: لا، إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعها لك يدًا بيد، وأنا لا أخالف أمرًا لرسول الله فلما تُرجم ما قاله لكسرى أمرهم بأن يدعوه يقترب منه، فدنا من كسرى حتى ناوله الرسالة فأعطاها لترجمانه ليقرأها ففتحها وبدأ بقراءتها. قرأ الترجمان الرسالة فقال: إنَّ فيها: " بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى …" وما إن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار اشتعلت نار الغضب في صدره، واحمرّ وجهه لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه، فجذب الرسالة من يد الترجمان وجعل يمزّقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: "أيكتب لي بهذا، وهو عبدي ؟" ثم أمر بسيدنا عبد الله أن يُخْرَجَ فخرج. خرج سيدنا عبد الله رضي الله عنه وهو لا يدري ماذا سيفعلون به، ولكنه قال: والله ما أبالي على أيّ حال أكون بعد أن أدّيت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركب راحلته وانطلق، ولما سكن غضب كسرى، أمر أن يُدْخَلَ عبد الله إليه فلم يجدوه، فلما قدم عبد الله على النبيّ عليه الصلاة والسلام أخبره ما كان من أمر كسرى وتمزيقه الرسالة، فما زاد عليه صلى الله عليه وسلم على أن قال: " مزّق الله ملكه ".
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ، في السنة السادسة للهجرة قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث عددًا من أصحابه الكرام إلى ملوك الأعاجم ليدعوهم إلى الإسلام، واختار لهذه المهمة ستّة من الصحابة، وكان من بينهم سيدُنا عبدُ الله بنُ حُذَافة السَّهْمِيّ الذي حمل رسالة النبيّ المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى كِسْرَى ملك الفرس الذي كان يحكم بلادًا كثيرة واسعة. جهّز سيدنا عبد الله بن حُذَافَة ناقته، وودّع زوجته وولده، ومضى إلى غايته وحده بعد أن دعا له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهو يحمل في قلبه إيمانًا ثابتًا، وقطع الصحارى وعبر البوادي وصعد الجبال حتى وصل بلاد فارس، فقصد قصر كسرى واستأذن بالدخول عليه، وأعلم أعوان الملك بالرسالة التي يحملها من النبيّ محمّد عليه الصلاة والسلام. أمر كسرى بتزيين مكان جلوسه على عرشه وهو الإيوان، واستدعى وزراءه وأمراءه ليحضروا مجلسه فأتَوْا ثم أعطى الإذن لعبد الله بن حُذَافَة فدخل وقد لفّ جسمه بكساء رقيق، مرتديًا عباءة غليظة النسيج، رافعًا رأسه معتزًّا بإيمانه وإسلامه، قد انتصبت قامته المديدة، وأدار نظره على الجموع ثم صوّب نظره إلى على كسرى الجالس على عرشه.
ونظر قيصر الروم الى بن حذافة وقال: انى عارض عليك امرا قال: ماهو ؟ فقال: اعرض عليك ان تتنصر.. فإن فعلت خليت اسرك واكرمتك. فقال عبد الله: هيهات.. ان الموت احب الى الف مره مما تدعونى عليه. فقال قيصر: إنى لأراك رجلا شهما.. فإن اجبتنى الى ما ادعوك اليه اشركتك فى ملكى وقاسمتك سلطانى. فتبسم بن حذافه المقيد بالسلاسل وقال: والله لو اعطيتنى جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على ان ارجع عن دين محمد ما فعلت. قال: اذن اقتلك. قال: انت وما تريد.
ولقد تم إجراء عملية إعادة بناء لأثار اقدم الحضارات في العالم في عهد الرئيس الراحل صدام حسين في عقد الثمانينات لكن هذه العمليات الترميمية ، لم تكتمل حينها وتوقفت أعمال البناء في عام 1991م ، خلال دخول العراق في حرب الخليج واحتلالها لدولة الكويت ، وحاليا تشرف جامعة شيكاغو الآن بالتعاون مع الحكومة العراقية بإعادة بناء معلم إيوان كسرى في مشروع معروف باسم بمشروع ديالا. ولقد كان في منطقة المدائن إيوان الأول بناه الملك سابور الأول ابن أردشير والذي حكم العراق من عام 240م إلى 271م ، ولقد قال ابن الجوزي ان إيوان كسرى الثاني قد بناه سابور الثاني بن هرمز ذو الأكتاف المتوفي في عام 370م. ولقد ذكر في مقدمة ابن خلدون ما حدث من أحداث خلال هدم إيوان كسرى حين اعتزم السلطان المنصور ، بعد معركة فتح المدائن على بناء بغداد ، وقرر هدم الايوان ولقد بعث إلى خالد بن يحيى وهو جالسا في مجلسهِ يستشيره في امر هدم الايوان. فقال: خالد بن يحيي يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا واترك الايوان ماثلاً يستدل بهِ على عظيم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل ، فاتهمه السلطان انه أساء النصح فقرر وعزم هدم الايوان فاتخذ لهُ الفؤوس وحمى الفؤوس بالنار ، وصب على النار الخل، لكنه لم يتمكن من تنفيذ امر الهدم وأرسل ف طلب خالد بن يحيى مرة ثانية يستشيره ثانية في امر الهدم.
وصلت الرسالة إلى الملك وقام الترجمان بترجمتها له فلما قرئت عليه أخذها ومزقها ورمى بها وقال عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي إشارة إلى ما كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله "من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس" فلما بلغ خبر تمزيق الرسالة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "مزق الله ملكه". فرح المشركون في مكة والطائف بهذا الخبر وطاروا به فرحاً وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل.
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة قال الله تعالى: ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ( إبراهيم: 26) — أي ومثل كلمة خبيثة -وهي كلمة الكفر- كشجرة خبيثة المأكل والمطعم, وهي شجرة الحنظل, اقتلعت من أعلى الأرض؛ لأن عروقها قريبة من سطح الأرض ما لها أصل ثابت, ولا فرع صاعد, وكذلك الكافر لا ثبات له ولا خير فيه, ولا يرفع له عمل صالح إلى الله. التفسير الميسر بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. ومثل كلمة خبيثة | سواح هوست. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} في ما يتمثل فيها من معاني الكفر والضلال والزيف والنفاق وغير ذلك مما يتصل بالعقائد الفاسدة، والأخلاق الذميمة والخبيثة والصفات السيئة، {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} لا يطيب ثمرها، ولا تعطي ظلاً {اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ} أي استؤصلت من سطح الأرض {مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} لأنها لا تملك عمقاً في الجذور يمتد بها في التربة ويمنحها قوة الثبات في الأرض، وبذلك، فإن من الممكن لأيّ اهتزاز أن يطيح بها ويسقطها. وهذا هو المثل الحسّي للكلمة الخبيثة التي لا تملك في مضمونها ثباتاً قادراً على تثبيتها في حركة الواقع، لأنها لا تمثل حقيقة، ولا تملك حجةً تثبّت موقعها في الفكر الذي يتحرك من مواقع البرهان، ولا تحقّق عملياً أيّ نفع للناس وللحياة، لتكون منافعها سبباً لامتدادها في حياة الناس. وهكذا ينبغي للناس أن يواجهوا الكلمات في مداليلها الفكرية والشعورية والعملية، وفي تأثيرها على وعي الشخصية الإنسانية للفكر، وعلى حركة الساحة في الواقع، وعلى عمق النتائج في الحياة، فلا يتوقفوا أمام الأجواء الخيالية أو الضبابيّة أو السحرية التي تستهوي مشاعرهم بشكل سريع، ولكنها تذوب في دخان الغرائز والشهوات، لأنّ قيمة الكلمة هي في عمقها وامتدادها وفعاليتها في خط الخير.
والفرق بين المساواة والمماثلة، أن المساواة تكون في المقدارين اللذين لا يزيد أحدهما على الآخر ولا ينقص عنه. والتساوي: التكافؤ في المقدار، والمماثلة: هي أن يسد أحد الشيئين مسد الآخر كالسوادين. والفرق بين المَثَل والشكل، أن الشكل هو الذي يشبه الشيء في أكثر صفاته حتى يشكل الفرق بينهما، ولا يستعمل الشكل إلا في الصور، فيقال: هذا الطائر شكل هذا الطائر، ولا يقال: الحلاوة شكل الحلاوة. ومثل الشيء: ما يماثله وذاته. والفرق بين المثل والنظير، أن المثلين ما تكافآ في الذات، والنظير ما قابل نظيره في جنس أفعاله وهو متمكن منها كالنحوي نظير النحوي، وإن لم يكن له مثل كلامه في النحو وكُتُبه فيه، ولا يقال: النحوي مثل النحوي، لأن التماثل يكون حقيقة في أخص الأوصاف، وهو الذات. كلمة الخير ونعود الى بيان الآية الكريمة بعد هذا الاستطراد، لنرى أن الغرض من الاستفهام في قوله تعالى: ألم ترَ كيف ضرب الله مثلاً... التقرير والتعجيب والتشويق. وقد فُصلت هذه الجملة عما قبلها لكمال الانقطاع، فالجملة الأولى وأدْخِلَ الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات... خبرية لفظاً ومعنى، وهذه إنشائية لفظاً ومعنى. وذِكْر لفظ اجلالة في الآية، لتفخيم المَثَل المذكور.
وقد شبه النبي المنافق بشجرة الحنظل، فقال عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُتْرُجَّة؛ ريحُها طيِّب وطعمُها طيِّب، ومَثَل المؤمن الذي لا يقرأ القرآنَ مثَل التمرة؛ لا ريحَ وطعمُها حُلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيحانة؛ ريحُها طيِّب وطعمُها مُرٌّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ ليس لها ريحٌ وطعمُها مُرٌّ))؛ رواه مسلم. ومن هنا يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن قراءة القرآن الكريم، فشبه المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل ثمرة غالية الثمن اسمها الأترجة وهذه الثمرة لها رائحة جميلة وطعم جميل. أما المؤمن الذي لا يقرأ القرآن فقد شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالتمرة التي ليس له رائحة ولكن لها طعم حلو، والمقصود هنا حلاوة الإيمان التي ينقصها قراءة القرآن الكريم. أما المنافق الذي يقرأ القرآن الكريم فهو مثل نبات الريحان رائحته حلوة وطعمه مر كناية عن تأثر نفسه بخباثة النفاق، وإن ظهر بمظهر جميل مثل رائحة الريحان. أما المنافق الذي لا يقرأ القرآن الكريم فهو مثل نبات الحنظل لا رائحة له وطعمه مرة، وهنا إشارة مهمة لضرورة كل من الإيمان بالله وقراءة القرآن الكريم.