عرف أهل العلم النجد على أنه: هو المكان المرتفع الغليط الرفيع، وكما في الآية يقول الله ـ جل وعلا ـ: " وهديناه النجدين "، حيث تعني هنا كلمة النجدين بأنهم طريق الحق، وطريق الباطل في المعتقدات، كما أن هناك اعتقاد بأن النجدين هما الخير والشر في الأفعال، كما أن هناك اعتقاد آخر يقول بأن النجدين هما الصدق والكذب في القول، ويوجد اعتقاد آخر بأن النجدين هما الجميل والقبيح في الأخلاق، وغيرها من الأقوال المختلفة الأخرى التي اختلفت فيها آراء أهل العلم بشكل كبير، إضافة إلى ذلك فإن هناك بعض المعاني الخاصة بكلمة نجد، فمعنى كلمة أنجده: أي قصده. ومعنى استنجد به: أي طلب منه النجدة، وهو الشخص الذي يعين شخص آخر بنجدته أي بقوته، كما يقال في اللغة العربية، كما أنه يمكن القول بأن نجد تعني القوي: حيث أنه يقال للشخص نجدي، أو انجدني فسيكون معناها حماية كبيرة لذلك الشخص، وإنقاذه لا محالة.
تفسير قوله تعالى وهديناه النجدين ما المقصود بالنجدين في قوله تعالى وهديناه النجدين أما بعدفالمقصود بالنجدين طريقا الخير والشرقال ابن كثير في تفسيره 4513-514 وهديناه النجدين الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد. إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا.
وكم في السنة النبوية من التوجيهات الكريمة التي تجعل المسلم موصولًا بربه في كل آنائه وسائر لحظاته! ففي مناسبة ذكر وعند كل نوم أو يقظة أو سكون أو حركة ونحو ذلك دعاء واتجاه إلى الله تعالى، وكتب الدعوات والأذكار التي جمعها وصنفها أهل العلم بالسنة حافلة بذلك على التفضيل. وكم أرشد - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى دعوات المصطفين الأخيار والصالحين الأبرار الواردة في القرآن المتضمنة بجميع الثناء وجوامع الدعاء التي يسأل فيها أولئك الأخيار أفنان الحاجات وعظيم الهبات ممن خزائنه ملأى و يداه سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقه، ففازوا في الدنيا والآخرة بأجل المطالب وأعلى المراتب!
وإذا سأل أحدكم ربه فليعزم المسألة وليعظم الرغبة، ولا يقل ارحمني إن شئت أو اللهم إن شئت فأعطني؛ فإن الله لا مستكره له يتعاظمه شيء أعطاه. واعلموا أنه يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم ما لم يستعجل يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أرى يستجيب فيستحر عند ذلك ويدع الدعاء.
لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. " من كلام العلماء عن الدعاء " - الكلم الطيب. إذا شرعتَ في الدعاء، فابدأ بالثناء والحمد له، واستخدم في بداية دعائك بعضًا من أسماء الله الحسنى؛ كقول: يا كريم يا رحيم يا عليم يا ذا الجلال والإكرام، فسبحانه أمرنا بذلك حيث قال: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، ثم الصلاة على النبي، ثم اطلب ما شئت، وبعدها اختم بالصلاة على النبي واختم بالحمد لله كما بدأتَ به ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10]. أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ويتجاوز عن سيئها. عباد الله، لا تفوتوا الفرصة وادعوا ربكم واسألوه في كل أموركم؛ فإنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
الحمد لله سميع الدعاء، مجيب النداء، جزيل العطاء، أحمده سبحانه حمدًا يملأ الأرض والسماء وما بينهما وما بعدهما مما يشاء، وصلى الله وسلم علي عبده ورسوله محمد خير البريات وأشرف من تضرع إلى الله بصالح الدعوات، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ويسارعون في الخيرات.
عن مورق قال: «ما امتلأتُ غضبًا قط، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة، فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء» (سير أعلام النبلاء). كلمة عن الدعاء. عن ابن المنكدر قال: «إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله، فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم» (سير أعلام النبلاء). قال الذهبي في وصيته لمحمد بن رافع السلامي – رحمهما الله تعالى -: «... فثمة طريق قد بقي لا أكتمه عنك وهو: كثرة الدعاء والاستعانة بالله العظيم في آناء الليل والنهار، وكثرة الإلحاح على مولاك بكل دعاء مأثور تستحضره أو غير مأثور، وعقيب الخمس: في أن يصلحك ويوفقك» (وصية الذهبي لمحمد بن رافع السلامي).