أن يحب الجار جاره كأخيه، وأن يحب له ما يحبه لنفسه، ويساعده في حل مشكلاته، ويبرهن علي حسن نوياه، فقد رُوي عن أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام قَالَ: (والذي نفسي بِيَدِه، لا يؤمِنُ عَبدٌ حتى يحِبَّ لِجارهِ- أو قال لأخيه- ما يحِبُّ لِنَفسِه). ومن حقوق الجار في الدين الإسلامي أن يساعد الجار جاره إذا احتاج إلي مساعدة مادية ، ويكون في استطاعته أن يساعده، فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام: (لا يمنعُ أحدُكم جارَه أن يغرزَ خشبَه في جدارِه. قال: ثم يقولُ أبو هريرةَ: ما لي أراكم عنها معرضين؟ واللهِ! لأرمين بها بين أكتافِكم). لا يظهر عورات جاره، أو أي نقص في بيته. أن لا يخون الجار جاره، ولا يؤذيه قد رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (سألتُ، أو سئلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أيُّ الذنبِ عندَ اللهِ أكبرُ؟ قالَ: (أنْ تجعلَ للهِ ندًا وهوَ خَلَقَكَ) قلتُ: ثمَّ أيُّ؟ قالَ: (ثمَّ أنْ تقتُلَ ولدَكَ خِشيَةَ أنْ يطْعَمَ معكَ). قلتُ: ثم أيُّ؟ قالَ: (أنْ تُزانِيَ بحليلةِ جارِكَ). قالَ: ونزلَتْ هذهِ الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُون).
خامساً: إكرام الجار قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام " مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيُكرِمْ جارَهُ". فلا يجب على المسلم أن ينام آمناً مطمئناً في بيته، ويترك جاره جائع. كما أنه من حسن إسلام المرء أن يتدخل إن وجد جاره في أزمة، سواء كانت هذه أزمة مالية فيكرمه بالمال، أو أزمة في الرزق بالطعام والشراب. وتأكد أن الله سيُجزيك كثيراً عن هذا الفعل. سادساً: الصبر على الأذى إن كان جارك يؤذيك بالقول أو الفعل، فعليك أن تصبر وتحتسب هذا الصبر عند الله تعالى. لا ترد الأذى بالأذى ولكن اتركه وشأنه، وادفع بالتي هي أحسن حتى يرضى عنك الله تعالى ورسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل يحب ثلاثة، ويبغض ثلاثة -وذكر في الثلاثة الذين يحبهم- رجل كان له جار سوء يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يكفيه الله إياه بحياة أو موت". سابعاً: السؤال عنه إذا غاب أو مرض حتى إن كان جارك مؤذي فعليك أن تسأل عنه إن غاب أو مرض، بل وعليك زيارته أيضاً وتقديم المساعدة إن كان بحاجة. فقال نبينا الكريم عن حقوق الجار "إن استقرضك أقرضته، وإن استعانك أعنته، وإن مرض عدته، وإن احتاج أعطيته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابه خير هنيته، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له، وإن اشتريت فاكهة فأهدِ له، وإن لم تفعل فأدخلها سرًا ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده".
رمي القمامة عند بابهم، أو ما يحيط منزلهم من سور أو ما شابه. حبّ الخير له هل حب الخير للجار يقتصر على الأمور الدنيويّة؟ ورد عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: " والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتَّى يُحِبَّ لِجارِهِ (أَوْ قالَ: لأَخِيهِ) ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، [٨] فالنبيّ يؤصّل لحق من حقوق الجار، وهو وجوب حبّ الخير له، وينفي النبيُّ كمال الإيمان عن من لا يحبُّ الخير لجاره، وعلى الصعيد المقابل يكره الشرَّ له، سواء كان خيرًا لدينه مثل حب الهداية له، أو زيادة في الطاعات، أو خيرًا في دنياه مثل البركة في الزوجة أو الولد، أو زيادة في المال، وغير ذلك من خيري الدنيا والآخرة. [٩] تقديم المساعدة له إنّ الدين حُسْنُ السَّمت، ومن ذلك حسن الجوار، ومن حسن الجوار مساعدة الجيران في كل ما يحتاجونه، ولو أن يأتي المرء على نفسه قليلًا لطالما أنه لا توجد أذيّة مباشرة له، فقد ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: "لا يمْنَع جارٌ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ"، [١٠] أي لو كان الجار فقيرًا وأراد أن يحتزم بسور البيت فيبني غرفة له، لا يليق بالجار المسلم أن يمنعه، ومن مساعدة الجار أيضًا إقراضه المال وغير ذلك من الأمور التي تعينه.
( وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) وهم الملائكة أيضا، تجتذب الأرواح بقوة ونشاط، أو أن النزع يكون لأرواح المؤمنين، والنشط لأرواح الكفار. ( وَالسَّابِحَاتِ) أي: المترددات في الهواء صعودا ونزولا ( سَبْحًا) ( فَالسَّابِقَاتِ) لغيرها ( سَبْقًا) فتبادر لأمر الله، وتسبق الشياطين في إيصال الوحي إلى رسل الله حتى لا تسترقه. تفسير من رأى أنه يقرأ سورة النازعات - موسوعة. ( فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا) الملائكة، الذين وكلهم الله أن يدبروا كثيرا من أمور العالم العلوي والسفلي، من الأمطار، والنبات، والأشجار، والرياح، والبحار، والأجنة، والحيوانات، والجنة، والنار [ وغير ذلك]. ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) وهي قيام الساعة، ( تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) أي: الرجفة الأخرى التي تردفها وتأتي تلوها، ( قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ) أي: موجفة ومنزعجة من شدة ما ترى وتسمع. ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) أي: ذليلة حقيرة، قد ملك قلوبهم الخوف، وأذهل أفئدتهم الفزع، وغلب عليهم التأسف [ واستولت عليهم] الحسرة. يقولون أي: الكفار في الدنيا، على وجه التكذيب: ( أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً) أي: بالية فتاتا. ( قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ) أي: استبعدوا أن يبعثهم الله ويعيدهم بعدما كانوا عظاما نخرة، جهلا [ منهم] بقدرة الله، وتجرؤا عليه.
ثم قال تعالى: ﴿فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰۤ (٢٥) إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّمَن یَخۡشَىٰۤ (٢٦) ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (٢٨)﴾ صدق الله العظيم [النازعات ٢٥-٢٨] جعله الله عبرة لمن يعتبر، بعد ذكر هلاك الطاغية فرعون، تكلم عن قدرته في خلق المخلوقات، فذكر السماء، والأرض، وباقي المخلوقات. بعد ذلك ختم السورة بذكر أهوال يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ مَتَـٰعࣰا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ (٣٣) فَإِذَا جَاۤءَتِ ٱلطَّاۤمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٣٤) یَوۡمَ یَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ (٣٥) وَبُرِّزَتِ ٱلۡجَحِیمُ لِمَن یَرَىٰ (٣٦)﴾ صدق الله العظيم [النازعات ٣٣-٣٦] الطامة: يوم القيامة.
وجاء عن ابن أبي حاتم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إ ذا ذهب ثلث الليل قام فقال: " يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه"الواجب على العبد الذي يؤمن بالنفخ في الصور، والعرض على الله، والحساب، أن يُصلح عمله. الدرس(54) تفسير سورة والتين والزيتون.. قوله تعالى: ﴿قُلُوبࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ وَاجِفَةٌ﴾ صدق الله العظيم[النازعات ٨] قلوب الكفار يومئذٍ واجفةٌ أي خائفة لُمعاينتها الأهوال والشدائد، ولما يحلُّ بها من مصائب وكُرُبات. قوله تعالى: ﴿أَبۡصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةࣱ﴾ صدق الله العظيم[النازعات ٩] أي: ذليلة حقيرةٌ، لأنّها ليس لها إكرام في هذا اليوم، بل إهانات وكُربات تَحُل عليها. ﴿یَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِی ٱلۡحَافِرَةِ﴾ صدق الله العظيم[النازعات ١٠] الحافرة أي الحالُ الأول، يعني أنُردُ إلى حالنا الأول، قال أهل اللغة: رجع فُلان على حافرته، إذا رجعَ من حيث جاء، فالكفار كانوا ينكرون البعث بعد الموت، وقيل الحافرة هي الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، ومعنى الكلام عندهم: أئنا لمردودون في قبورنا أمواتاً. ﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا نَّخِرَةࣰ﴾ صدق الله العظيم[النازعات ١١] معنى (نخره) أي بالية متُفتتة، فهم ينكرون البعث ويقولون نحن سنصير عظاماً بالية متُفتتة، أفنرجع مرةً ثانيةً بعد الموت وبعد البلاء.
الوجه الثاني: هي النجوم، والقمر، كلٌ في فلك يسبحون، قاله: قتاده. قوله تعالى: ﴿فَٱلسَّـٰبِقَـٰتِ سَبۡقࣰا﴾ صدق الله العظيم[النازعات ٤] في تفسيرها وجهان: الوجه الأول: ذهب جماهير أهل العلم إلى أنها الملائكة تسبق الشياطين بنزول الوحي من السماء على الأنبياء، روي عن علي. الوجه الثاني: هي الملائكة تسبق بروح المؤمن الى الجنة، قاله مقاتل. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة النازعات. قوله تعالى: (یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ (٦) تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ (٧)) صدق الله العظيم، هما النفختان الأولى والثانيه، قال ابن عباس، كقوله تعالى: ﴿ یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلۡجِبَالُ كَثِیبࣰا مَّهِیلًا﴾ صدق الله العظيم [المزمل ١٤] والثانية هي الرادفة، وهي كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِی ٱلصُّورِ نَفۡخَةࣱ وَ ٰحِدَةࣱ (١٣) وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ (١٤) فَیَوۡمَىِٕذࣲ وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ (١٥)﴾ صدق الله العظيم[الحاقة ١٣-١٥]. وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة: أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
ولا خلاف في ذلك. وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار، فالأول: محلةالتين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم. والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه محمدا صلى الله عليه وسلم. قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء -يعني الذي كلم الله عليه موسى ابن عمران -وأشرق من ساعير -يعني بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى-واستعلن من جبال فاران -يعني: جبال مكة التي أرسل الله منها محمدا-فذكرهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم بالأشرف منهما. وقوله: { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة، وشكل منتصب القامة، سوي الأعضاء حسنها. { ثم رددناه أسفل سافلين} أي: إلى النار. قاله مجاهد، وأبو العالية، والحسن، وابن زيد، وغيرهم. ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل؛ ولهذا قال: { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقال بعضهم: { ثم رددناه أسفل سافلين} أي: إلى أرذل العمر.
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) هذه الإقسامات بالملائكة الكرام، وأفعالهم الدالة على كمال انقيادهم لأمر الله، وإسراعهم في تنفيذ أمره، يحتمل أن المقسم عليه، الجزاء والبعث، بدليل الإتيان بأحوال القيامة بعد ذلك، ويحتمل أن المقسم عليه والمقسم به متحدان، وأنه أقسم على الملائكة، لأن الإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة، ولأن في ذكر أفعالهم هنا ما يتضمن الجزاء الذي تتولاه الملائكة عند الموت وقبله وبعده، فقال: { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} وهم الملائكة التي تنزع الأرواح بقوة، وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح، فتجازى بعملها.