بعدما لازم الشيخ عبدالله القرعاوي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة آنذاك طلب الملك عبدالعزيز رحمه الله منه من يتوجه للجنوب ليكون مرشدًا ومعلمًا بأمور الدين فاختاره الشيخ لتلك المهمة وتوجه لجنوب المملكة وأخذ الشيخ معه بضاعة إلى صامطة ونزل بأحد الدكاكين وبدأ بوضع البضاعة وكان أول الأمور التي بدأ بها في الدكان تعليم القرآن الكريم ، والأصول الثلاث والأربعين النووية والفرائض وآداب المشي للصلاة والتجويد ، وتحول الدكان لمدرسة حكومية ثم توجه لفرسان وافتتح مدرسة ثم مزهرة قرية الحكميين وافتتح بها مدرسة ومسجد ثم إلى صامطة لافتتاح مدرسة ثانية. التقي خلال رحلته بكوكبة من العلماء والشيوخ والذين ساهموا معه على نشر العلم وحفظ القرآن الكريم ، تزايدت المدارس والمساجد التي أنشائها ، في العام 1367هـ أمر الملك سعود ولي العهد حينها بإرسال إعانة كبيرة للشيخ ولاقت المدارس السلفية في صامطة كل الاهتمام والدعم من الملك عبدالعزيز خصص لها إعانة سنوية قدرها 36 ألف ريال وأقر رواتب للمدرسين وصرف مكافآت شهرية للطلاب لتشجعهم على العلم والتعلم واستمرت الإعانات لعهد الملك سعود رحمه الله والذي أمر بما يقرب من أربعة ملايين ريال.
ومع تزايد المدارس والمساجد التي أنشأها القرعاوي، فقد أحيطت الحكومة في الرياض بأن هناك شيئا يحصل في جازان غير الذي يوصل إليها، وعليه أرسلت الحكومة لجانا عديدة للوقوف على الحقيقة، فكتبت هذه اللجان تقارير تنبئ عن إعجابها بالمدارس وتدعو لتشجيعها ومساندة الشيخ القرعاوي في عمله لصدقه وإخلاصه وسلامة مقصده، فقرر الملك عبد العزيز مكافأة تعين للقرعاوي على مسيرة العمل الذي يقوم به وذلك عام 1367 هـ ، وأمر الملك سعود -ولي العهد يومئذ- في عام 1363 هـ ببعث إعانة كبيرة للقرعاوي جعلها عادة سنوية وأوصى به أمراء الجهات وقضاتها. ثم عين الشيخ عبد الله القرعاوي معتمدا للمعارف بمنطقة جازان عام 1373 هـ ولكنه استقال في نفس السنة، واستمر مشرفا على مدارسه، حيث أمضى القرعاوي إحدى وثلاثين سنة في نشر الدعوة في منطقة جازان والجنوب عموما، وقد انتشرت مدارسه إلى عسير وتهامة والليث والقنفذة والباحة. [3] [10] [11] حياتة الأسرية [ عدل] تزوج الشيخ من كريمة محمد عثمان نجار أحد تلاميذه وقد أنجبت له خمسة من الأولاد هم عبد الرحمن وعبد الوهاب وعبد المؤمن وعبد الرحيم وعبد الشكور وواحدة من البنات. رسالة من الشيخ عبدالله القرعاوي حول نصيحة لأهل الكويت. [12] حصيلة جهد القرعاوي الدعوي [ عدل] على مدار أكثر من ثلاثين سنه قضاها الشيخ عبد الله القرعاوي في الدعوة والتدريس وافتتاح المدارس، يمكن إجمال المدارس التي فتحها الشيخ القرعاوي في أنحاء المملكة العربية السعودية وفقا للإحصائيات الواردة في الكتابات عن حياة الشيخ القرعاوي وأعماله في المنطقة بما يلي: [3] يقول الشيخ موسى السهلي في كتابه القرعاوي ودعوته في جنوب المملكة: وقد بلغ عدد المدارس حسب علمي في أوج توسع العمل فيها وحسبما ذكره سماحة شيخنا ألف وثلاثمائة وعشر مدارس.
8- الشيخ عبد الله العنقري. 9- شيوخه في الهند وعلى رأسهم الشيخ أحمد الله بن أمير القرشي مدير المدرسة الرحمانية السلفية في دلهي في الهند وعنه أخذ الإجازة في الحديث. أبرز تلاميذه 1- الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي 2- الشيخ عبد الله البسام. رئيس محاكم مكة المكرمة 3- الشيخ عبد الله بن عقيل. رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً 4- الشيخ محمد بن عبد الله بن عودة. الشيخ عبدالله القرعاوي سورة البقرة. رئيس تعليم البنات سابقاً 5- الشيخ أحمد النجمي محدث الجنوب. 6- الشيخ إبراهيم عبد الله زكري وغيرهم كثير... المدارس التي أنشأها ما يُقارب ((2250)) مدرسة ممتدة من بريدة حتى داخل اليمن إلي لواء إب في اليمن ويُقدّر عدد تلا ميذها بأكثر من خمسة وسبعون ألف دارس كما ذكر ذلك الشيخ محمد بن جبير رئيس مجلس الشورى السابق حينما رأس اللجنة المكلفة للنظر في مدارس الشيخ القرعاوي حيث ذكر ذلك في مذكراته التي نشرتها صحيفة الوطن السعودية في أعدادها الأولى. رحلته العلمية والدعوية إلي منطقة جازان وهذه رسالة يذكر فيها الشيخ مبتدأ رحلته العلمية والدعوية إلي جازان. وهي بقلم: الشيخ عبد الله القرعاوي -رحمه الله-، يتحدث فيها عن رحلته اليمانية، وسير المدارس فيها وما يتعلق بذلك: يقول الشيخ: لما كان آخر ذي القعدة 1357هـ توجهت إلى مكة- شرفها الله- للحج بعد أن استخرت الله -تعالى- واستشرت شيخي في التوجه إلى جهة "جازان" للدعوة والإرشاد، فأشار علي بذلك واستحسنه، وأوصاني بتقوى الله-تعالى- وودعته ودعا لي ثم حججت.
أمَّا أسباب اختياري لهذا الموضوع فيعود لعدَّة أسباب أهمُّها: 1- أنَّ عملي هذا محاولة مني للتَّعريف بعَلَمٍ مِن أعلام الدَّعوة إلى الله، وإبراز أثر هذا الدَّاعية والتَّنوية بجهوده؛ ليكون أسوةً حسنةً للدُّعاة إلى الله. 2- طول الزَّمن الذي قام فيه بالدَّعوة إلى الله؛ سواء في بلده أم في منطقة الجنوب؛ حيث أمضى في الجنوب ما يُقارب ثلاثين عامًا حتى وهو في مرضه عند الوفاة، مما يدلنا على حرصه على الدَّعوة إلى الله تعالى لما يعلم من فضلها. الشيخ عبدالله بن محمد القرعــــاوي – جمعية واحة الوفاء لمساندة كبار السن. 3- طريقته في الدَّعوة إلى الله فقد كان له وسائل وأساليب في دعوته اسْتَقَاها مِنَ القُرآن والسنَّة. 4- ما رأيتُ مِن آثارِه - رحمه الله - على منطقةِ الجنوب خاصَّة وغيرها عامَّة؛ سواء مِن ناحية العقيدة أم غيرها منَ النَّواحي، كذلك ما خلفه من تلاميذ علماء تولَّوا مراكز قياديَّة في الدَّولة؛ كالقضاء وغيره، فلا تخلو بلدٌ من بلدان الجنوب إلاَّ وقاضيها مِن تلامِذَتِه. 5- أنَّني نظرتُ إلى واقِع الشَّباب وما هم فيه من هدر لأوقاتهم، فرَجَوْتُ اللهَ أنْ يكونَ هذا البحث خطوة مباركة تدفع الشَّباب إلى الأمام، وليشغل وقته بالخير كما في سِيرة الشَّيخ القرعاوي - رحمه الله. ولقد واجهَتْنِي بعض الصعوبات التي منها: أنه بحث ميداني مما جعلني أسافر إلى كثير من مناطق المملكة؛ حيث سافرتُ إلى كلٍّ مِن " منطقة جازان " فنزلت في مدينة " جازان "، ومنها إلى " صامطة " [5] ، ومكثْتُ بِها أيَّامًا، ثم زرت " قرية الركوبة " و" ضمد "، ثم سافرت إلى " مكة "، ومنها إلى " الطائف "، ثم إلى " بريدة " و" عنيزة " و" الرياض "، وذلك من أجل أن أروي عن العدول الثقات، وأن آخُذ الخبر عنهم مباشرة - عن طريق المُشَافَهة - ونَوَّعْتُ صيغة نقل الخبر تجنبًا للتَّكْرار.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [1]. ولِذلِكَ نَجِدُ السَّلف الصَّالح قد ضَحَّوا بِكل ما يملكون؛ مِن أجْل طاعة الله - سبحانه وتعالى - وسِر ذلك يَكْمن في أنَّهم عقلوا قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [2] ، فعلِمُوا أنَّهم خُلِقوا لِعِبادة الله، فجاهدوا في الله حقَّ جِهاده، وصبروا وصابروا، فهذه كانت حالهم، يحدوهم في ذلك طلب الحق ونصرته؛ ليُضِيءَ نور الإسلام في كل زمان ومكان، وعملهم هذا من أجل سِلعة الله الغالية ( الجنة) التي يتمنَّاها كل مسلم. من هنا يَجِبُ على الباحثينَ إبرازُ شخصيَّات العلماء وبيان مواقفهم الدَّعويَّة؛ مِن أجل أن يكونوا نبراسًا يضيء لأبناء هذه الأمَّة التي هي بأمس الحاجة إلى أمثال أولئك، حيث دراستهم تثري الباحث هِمَّة، وتجعله أكثر إقبالاً على العلم وأشدَّ تَحَمُّسًا للدفاع عنِ العقيدة الإسْلاميَّة.
وفقكم الله هذا ما لزم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. محبكم عبدالله بن محمد القرعاوي 3/ 3/ 1382 هـــــ الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص69)