وقوله تعالى: (فهل ينظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) يونس 102. معنى وكان عرشه على الماء. وتطلق العرب لفظ اليوم على الوقائع والحروب التي لها أثر في حياتهم، كما في قولهم: "يوم بغاث" وهو اليوم الذي وقعت فيه الحرب بين الأوس والخزرج، وقيل: يوم بعاث بالعين، وقد ورد اليوم بهذا المعنى في أشعارهم كما في قول عنترة بن شداد: وفي يوم المصانع قد تركنا… لنا بفعالنا خبراً مشاعاً أقمنا بالذوابل سوق حرب… وصيرنا النفوس لها متاعا وقد ورد هذا المعنى للأيام في قوله تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) إبراهيم 5. المبحث الثالث: قوله تعالى: (وكان عرشه على الماء)… العرش لغة: يعني السقف أو ما يرفع عليه السقف كالقوائم مثلاً، ومنه قوله تعالى: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات) الأنعام 141. ومن هنا كان التوسع بمصطلح العرش في كل ما من شأنه العلو والارتفاع، فقيل للملك "صاحب العرش" أي صاحب السمو والارتفاع، كما في قوله تعالى: (ولها عرش عظيم) النمل 23. أي لها سلطان وملك كبير، وبهذا يظهر أن عرش الله تعالى هو سلطانه وحكمه ونفوذه وقدرته، ولما لم يكن هناك إلا الماء الذي خلقه الله تعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض، فمن الطبيعي أن يكون سلطانه على الماء، الذي هو منشأ الحياة، كما بين تعالى هذه الحقيقة بقوله: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) الأنبياء 30.
(ورجلة) ورب ذوي رجولية، والرجلة الرجولية. (البيض) جمع البيضة وهو ما يوضع على الرأس من الحديد أثناء القتال. (ضاحية) في وقت الضحوة. (الأبطال) جمع بطل وهو الشجاع. (سجينا) شديدا يثبت من وقع فيه فلا يبرح مكانه. (تستظهر به) تستعين به. (رست) ركدت واستقرت. (مجراها ومرساها) بضم الميم وفتح الراء فيهما، وفي قراءة: بفتح الميم وإمالة الراء، وثالثة: بضم الميم وإمالة الراء، والقراءات الثلاث متواترة].
وفي الآية مجموعة من المباحث أعرض لها على النحو التالي: المبحث الأول: ذهب كثير من المفسرين إلى أن الأيام المشار إليها في خلق السماوات والأرض هي نفسها الأيام التي تُحدد بين طلوع الشمس وغروبها، إلا أن هذا التفسير لا يستقيم بسبب المفهوم العام لليوم الذي يتفرع على عدة مصاديق كما سيمر عليك في هذا المقال، وما يدفع هذا الرأي هو عدم خلق الليل والنهار في الفترة التي تم فيها خلق السماوات والأرض وهذا ظاهر، وعند الرد على أصحاب هذا الرأي تكون حجتهم مترتبة على ما يطابق هذه الأيام وإن لم يكن للشمس وجود بعد، وأنت خبير من أن هذا الدليل لا مرجح له لذا أعرضنا عن الأخذ به. من هنا نعلم أن الأيام المشار إليها في الآية لا تتعدى أن تكون أشبه بالمراحل والدورات التي تستغرق فترات زمنية طويلة حتى يتم الخلق على الصورة التي يريدها الله تعالى. فإن قيل: لماذا لم يخلق الله تعالى كل شيء في لحظة واحدة؟ أقول: هذا بمقدوره ولكنه سبحانه يريد أن يغطي على جميع أسباب الخلق، ولهذا خلق البعض بالدفعة والبعض الآخر بالتدريج، وقد بين ذلك في قوله: (ألا له الخلق والأمر) الأعراف 54. في معنى قولِهِ تعالى “وكان عرشُهُ على الماء” – التصوف 24/7. المبحث الثاني: ورد مفهوم اليوم في القرآن الكريم بعدة مصاديق تبينها القرآئن العقلية، بواسطة السياق الذي يرد فيه المصداق، كما أشار تعالى إلى المراحل التي تكون دولة بين الناس بقوله: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) آل عمران 140.