فالجملة استئناف نحوي أو بياني يؤكد التوبيخ ببيان أنه فساد مخالف لمقتضى الفطرة ولهداية الدين معا ، و " الباء " في قوله: ( بها) للتعدية أو الملابسة أو الظرفية - أقوال. وقوله: ( من أحد) يفيد تأكيد النفي وعمومه المستغرق [ ص: 454] لكل البشر على الظاهر المتبادر وإن كان اللفظ يصدق بعالمي زمانهم ، ولكونهم هم المبتدعين لها اشتق العرب لها اسما من لوط فقالوا لاط به لواطة. ( إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء) استئناف بياني مفسر للإتيان المجمل الذي قبله. ( قال تعالي : انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ) - هوامير البورصة السعودية. والإتيان كناية عن الاستمتاع الذي عهد بمقتضى الفطرة بين الزوجين تدعو إليه الشهوة ويقصد به النسل ، وتعليله هنا بالشهوة وتجنب النساء بيان لخروجهم عن مقتضى الفطرة ، وما اشتملت عليه هذه الغريزة من الحكمة التي يقصدها الإنسان العاقل والحيوان الأعجم. فسجل عليهم بابتغاء الشهوة وحدها أنهم أخس من العجماوات وأضل سبيلا ، فإن ذكورها تطلب إناثها بسائق الشهوة لأجل النسل الذي يحفظ به نوع كل منها ، ألا ترى أن الطير والحشرات تبدأ حياتها الزوجية ببناء المساكن الصالحة لنسلها في راحته وحفظه مما يعدو عليه - من عش في أعلى شجرة أو وكنة في قلة جبل أو جحر في باطن الأرض أو غيل في داخل أجمة أو حرجة ؟ - وهؤلاء المجرمون لا غرض لهم إلا إرضاء حس الشهوة وقضاء وطر اللذة.
تفسير الجلالين { أإنكم} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين { لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون} عاقبة فعلكم. تفسير الطبري وَقَوْله: { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة} مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْ دُون فُرُوج النِّسَاء الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّه لَكُمْ بِالنِّكَاحِ. وَقَوْله: { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة} مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْ دُون فُرُوج النِّسَاء الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّه لَكُمْ بِالنِّكَاحِ. ' وَقَوْله: { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ} يَقُول: مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ, فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره, وَعَصَيْتُمْ رَسُوله. وَقَوْله: { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ} يَقُول: مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ, فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره, وَعَصَيْتُمْ رَسُوله. انكم لتاتون الرجال شهوة. ' تفسير القرطبي قوله تعالى: { ولوطا} أي وأرسلنا لوطا، أو اذكر لوطا { إذ قال لقومه} وهم أهل سدوم. وقال لقومه { أتأتون الفاحشة} الفعلة القبيحة الشنيعة.
- الشيخ: إلى هنا - القارئ: عفا اللهُ عنكَ - الشيخ: لا إله إلَّا الله، كثيراً ما يُعقِّبُ اللهُ قصَّةَ ثمود بقصَّةِ قومِ لوطٍ فهي تأتي في قصصِ القرآنِ تأتي على إثرِها، يقولُ تعالى: {ولوطاً} يعني واذكرْ لوطاً، {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} يعني حينَ قالَ لقومِهِ {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} يعني جِهاراً تأتونَ الفاحشةَ جِهاراً، وأنتم تبصرون، وفي مواضعَ أخرى يقولُ: {ما سبقَكم بها مِن أحدٍ مِن العالمينَ}، فاحشةٌ، الفاحشةُ هيَ الفعلةُ القبيحةُ البالغةُ القُبحِ. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - الآية 81. {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، يؤثرونَ يؤثرونَ إتيانَ الذُكرانِ، ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [الشعراء:165-166]. يؤثرون إتيانَ الذكران على النساءِ، ففعلتُهم هذه فيها يعني فاحشةٌ طبعاً وشرعاً مخالفةٌ للفطرةِ. ففاحشةُ اللواطِ أقبحُ وأعظمُ وأشنعُ من فاحشةِ الزِّنا، الزِّنا حرامٌ وفاحشةٌ: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء:32].
ثم لنلاحظ عبارة ( مِّن دُونِ النِّسَاء) هذا يعني انهم لا رغبة لديهم بالنساء إطلاقاً... وهذا طبيعي لأن الشاذ يفقد الرغبه بالنساء تماماً فليست تلك هي شهوتهِ التي يبحث عنها بل الرجال والذكران وهذا يثبت بأن الشاذ من قوم لوط كان يبحث عن العضو الذكري حصراً وهذا العضو ليس موجود عند النساء بالتأكيد.. فهو يشتهي الذكر وليس الانثى.. ولو كان من قوم لوط يبحثون عن الدبر لما فرقت المسالة عندهم سواء أكان رجل أم إمرأه ولـقـبــِلوا بعرض لوط عندما عرض عليهم بناتهِ بل لقبّلوه من يده وقالوا عنه أنه أحسن نبي بالعالم...!!!!!
وربما انطلق هذا الإسراف في أكثر من جانب من جوانب حياتهم، كنتيجةٍ طبيعيةٍ لعدم التزامهم بالخط الرسالي الذي تمثله رسالة لوط. {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ} سادّين بذلك مجالات الحوار، لأنهم ليسوا مستعدين للتنازل عن عاداتهم، كما أن لوطاً غير مستعد للتراجع عن دعوته، ولذلك فإن الموقف لا يحتمل التسويات. المجتمعات المنحرفة ترفض دعوة التطهّر وقد عبّر قوم لوط عن هذه العقليّة من جانبهم في رفضهم للطهارة الأخلاقية التي تدعو إليها الرسالات، بما وصفوا به آل لوط، كتبريرٍ للدعوة لإخراجهم {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، فيقفون ضد أساليب القذارة في الحياة، ليثيروا في مجتمعنا سلبيات هذه الأساليب، فيخلقوا له عقدةً في ممارساته؛ ليتحول ذلك إلى حالةٍ رافضةٍ مستقبليةٍ في الأجيال الجديدة التي قد تتقبل مثل هذه الدعوات، لما تثيره في الإنسان من دوافع الفطرة.