تفسير قوله تعالى: (( إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)) مع إعراب الآية. حفظ Your browser does not support the audio element. ان الذين كفروا سواء عليهم. ثم قال الله تعالى: (( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)) هذا بيان للقسم الثاني من الناس، لأن هذه السورة ذكر الله أقسام الناس وأصنافهم، الأول: المؤمنون الخلص، والثاني: الكفار الخلص في هذه الآية. ((إن الذين كفروا)) كفروا بمن ؟ كفروا بكل ما يجب الإيمان به: كفروا بالله، كفروا برسله، كفروا بملائكته، كفروا بكتبه، كفروا باليوم الآخر، كفروا بالقدر خيره وشره، أو ما أشبه ذلك، المهم أنه عام بكل ما يجب الإيمان به، فإذا كفروا به فهؤلاء كفار.
اهـ [2]. • وزاد السعدي - رحمه الله تعالي بياناً فقال: يخبر تعالى أن الذين كفروا، أي: اتصفوا بالكفر، وانصبغوا به، وصار وصفا لهم لازما، لا يردعهم عنه رادع، ولا ينجع فيهم وعظ، إنهم مستمرون على كفرهم، فسواء عليهم أأنذرتهم، أم لم تنذرهم لا يؤمنون، وحقيقة الكفر: هو الجحود لما جاء به الرسول، أو جحد بعضه، فهؤلاء الكفار لا تفيدهم الدعوة إلا إقامة الحجة، وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول صلى الله عليه وسلم في إيمانهم، وأنك لا تأس عليهم، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات. اهـ [3]. تفسير: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون). • ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: قال ابن العثيمين - رحمه الله - في تفسيره: و"الإنذار" هو الإعلام المقرون بالتخويف ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم بشير، ونذير؛ بشير معلم بما يسر بالنسبة للمؤمنين؛ نذير معلم بما يسوء بالنسبة للكافرين؛ فإنذار النبي صلى الله عليه وسلم وعدمه بالنسبة لهؤلاء الكفار المعاندين، والمخاصمين. الذين تبين لهم الحق، ولكن جحدوه. مستوٍ عليهم.. • وقوله تعالى: ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: هذا محط الفائدة في نفي التساوي. أي إنهم أنذرتهم أم لم تنذرهم. لا يؤمنون؛ وتعليل ذلك قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [البقرة: 7].
وقال آخر: تطاللت فاستشرفته فعرفته ** فقلت له آنت زيد الأرانب وروى عن ابن محيصن أنه قرأ: "أنذرتهم أم لم تنذرهم" بهمزة لا ألف بعدها، فحذف لالتقاء الهمزتين، أو لان أم تدل على الاستفهام، كما قال الشاعر: تروح من الحى أم تبتكر ** وماذا يضيرك لو تنتظر أراد: أتروح، فاكتفى بأم من الالف. وروى عن ابن أبى إسحاق أنه قرأ: "أأنذرتهم" فحقق الهمزتين وأدخل بينهما ألفا لئلا يجمع بينهما. قال أبو حاتم: ويجوز أن تدخل بينهما ألفا وتخفف الثانية، وأبو عمرو ونافع يفعلان ذلك كثيرا. وقرأ حمزة وعاصم والكسائى بتحقيق الهمزتين: "أأنذرتهم" وهو اختيار أبى عبيد، وذلك بعيد عند الخليل. وقال سيبويه: يشبه فى الثقل ضننوا. ما إعراب (سواء) في قوله تعالى: "إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"؟. قال الأخفش: ويجوز تخفيف الأولى من الهمزتين وذلك ردئ، لأنهم إنما يخففون بعد الاستثقال، وبعد حصول الواحدة. قال أبو حاتم: ويجوز تخفيف الهمزتين جميعا. فهذه سبعة أوجه من القراءات، ووجه ثامن يجوز فى غير القرآن، لأنه مخالف للسواد. قال الأخفش سعيد: تبدل من الهمزة هاء تقول: هأنذرتهم، كما يقال هياك وإياك، وقال الأخفش فى قوله تعالى: "ها أَنْتُمْ" [آل عمران: 66] إنما هو أنتم.
ويجوز أن يكون سَوَاءٌ خبرَ إنَّ، وما بعده مرفوع بفِعله وسدَّت هذه الجملةُ مسدَّ الخبر، والتقدير: يَستوي عندهم الإنذارُ وتركُه. ص64 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم - المكتبة الشاملة. ويجوز أن يكون خبرُ إنَّ قولَه: لَا يُؤْمِنُونَ ، وما بينهما اعتراض. وقيل غير ذلك [167] يُنظر: ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (1/76)، ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (1/21)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (1/105).. المعنى الإجمالي: يُخبِر الله عزَّ وجلَّ عن الكافرين، بأنَّ الإنذار وعدمَه عندهم سِيَّانِ، فهم سواء أُنذروا أم لم يُنذَروا، لا يُصدِّقون بما جاءهم به محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّمَ من الحق؛ وذلك أنه قد طبَع الله على قلوبهم وسمعِهم؛ فلا ينفعهم الهُدى، وجعَل على أبصارهم غطاءً، فلا يُبصرون ما يَهديهم، وجزاء هؤلاء الكافرين عذابُ النار. تفسير الآيات: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(6). أي: إنَّ هؤلاء الذين كفروا، يتساوى في حقِّهم كِلا الأمرين، الإنذارُ وعدمه، فهم في كِلا الحالين لا يؤمنون بما جِئتَهم به- يا أيُّها الرسولُ- من الحقِّ [168] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (1/262-264)، ((تفسير ابن كثير)) (1/173)، ((تفسير السعدي)) (ص: 41، 42).
وفي هذا التعبير سمة من سمات الاعجاز القرآني فبدلا من الوصف المباشر بأن يقول: (أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فقد أخبر بأنهم على هداية اشارة إلى قوة الاهتداء وتمكن المؤمن من الهداية. 2- لابد من تقرير هذه القاعدة التي هي من البديهيات والتي يحسن بطالب المعرفة أيّا كانت درجته أن يضعها نصب عينيه وهي: (إنّ كل ضمير يتصل باسم فهو في محل جر بالاضافة) بخلاف الضمير المتصل بالفعل فقد يكون فاعلا مثل: (يخادعون) فالواو فاعل وقد يكون مفعولا به كقوله تعالى: (فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) فالضمير (هم) في محل نصب مفعول به. ولاستيفاء الفائدة، لابد من الاشارة إلى أنه لدى اعراب الضمير لابد من ذكر نوعه وبنائه ومحله من الاعراب. 3- اختلف سيبويه والكسائي حول مادة (الناس) فذهب سيبويه إلى أنه من مادة (أنس) من الأنس واتجه الكسائي إلى أنه من مادة (نوس) من الحركة. ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم. وبما أن الإنسان تغلب عليه صفة الأنس ويكاد ينفرد بها عن سائر الحيوان في حين أنه يشترك في صفة الحركة مع جميع الأحياء ويعجزنا وجود بعض أصناف الحيوان أكثر حركة من الإنسان، ولهذا يبدو أن الحق في جانب (سيبويه) ولا نكون مجانبين الصواب إذا أخذنا برأيه دون رأي الكسائي فرجحنا أن اسم الإنسان هو من الأنس وليس من الحركة وهي (النوسان).. إعراب الآية رقم (6): {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)}.
وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلم فما فوقه. وقال سفيان الثوري ، عن عبد الله بن عطاء ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس في قوله: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: تجارة الأمير فيه. إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم. وعن ابن عمر: بيع الطعام [ بمكة] إلحاد. وقال حبيب بن أبي ثابت: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: المحتكر بمكة. وكذا قال غير واحد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري ، أنبأنا أبو عاصم ، عن جعفر بن يحيى ، عن عمه عمارة بن ثوبان ، حدثني موسى بن باذان ، عن يعلى بن أمية; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " احتكار الطعام بمكة إلحاد ". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، حدثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قول الله: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: نزلت في عبد الله بن أنيس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين ، أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار ، فافتخروا في الأنساب ، فغضب عبد الله بن أنيس ، فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام ، وهرب إلى مكة ، فنزلت فيه: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) يعني: من لجأ إلى الحرم بإلحاد يعني بميل عن الإسلام.
« أَمْ » حرف عطف. « لَمْ » حرف نفي وقلب وجزم. «تُنْذِرْهُمْ» فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ، والهاء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به والميم لجمع الذكور ، والجملة الفعلية "تنذرهم" معطوفة على جملة أنذرتهم. « لا يُؤْمِنُونَ » لا نافية ، يؤمنون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية "يؤمنون" استئنافية أو حالية.