وكان أبوه حيا في ذلك الزمان ولكنه كان قد كبر، وكان ابنه يرأس قومه، وكان السؤدد والشرف من العماليق فيما يزعمون في أهل ذلك البيت، وكانت أم معاوية بن بكر هى السيده كلهدة ابنة الخيبري، وهو رجل من عاد، فلما قحط المطر عن عاد وجهدوا، قالوا جهزوا منكم وفدا إلى مكة، فليستسقوا لكم، فإنكم قد هلكتم، فبعثوا قيل بن عير، ولقيم بن هزال من هذيل، وعقيل بن ضد بن عاد الأكبر، ومرثد بن سعد بن عفير، وكان مسلما يكتم إسلامه، وجلهمة بن الخيبري، وهو خال معاوية بن بكر أخو أمه، ثم بعثوا لقمان بن عاد بن فلان بن فلان بن ضد بن عاد الأكبر، فانطلق كل رجل من هؤلاء القوم معه رهط من قومه حتى بلغ عدة وفدهم سبعين رجلا. فلما قدموا مكة، نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم فأنزلهم وأكرمهم، وكانوا أخواله وأصهاره، فلما نزل وفد عاد على معاوية بن بكر، أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان، أى قينتان لمعاوية بن بكر، وكان مسيرهم شهرا ومقامهم شهرا، فلما رأى معاوية بن بكر طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون بهم من البلاء الذي أصابهم، شق ذلك عليه، فقال هلك أخوالي وأصهاري، هؤلاء مقيمون عندي وهم ضيفي نازلون علي، والله ما أدري كيف أصنع بهم، إن أمرتهم بالخروج إلى ما بعثوا له فيظنوا أنه ضيق مني بمقامهم عندي، وقد هلك من وراءهم من قومهم جهدا وعطشا، أو كما قال، فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه الجرادتين.
وهكذا أيقن «لقمان» أن عمره قد نفد وأن الموتَ قادمٌ لا محالة. وأصبح وماتت أقوام ، فقد مرت عليه أجيال وأجيال الموت هو سبيله للهروب أحد يعرفه …وحلت مكانها أقوام ولم يعد أهل اليمن يسخرون من شيبته غير مقتنعين أنه الملك لقمان وصار وأنه عاش كل هذه السنوات، ووصل الحال بأهل اليمن أن ألبسوا نعمان بن عاد قشر بطيخ وزفوه فى الشوارع، وكأنه ملك على سبيل السخرية مما كان يدعيه. فمن ذا الذى يريد الخلود بعد لقمان بن عاد ؟؟
والعرب وقَّرت قدر لقمان في العقل والرشاد فمن ذلك قولهم: إن الزمان ولا تفنى عجائبه فيه تقطع آلاف وأقرانِ. أمست بنو القين أفراقا موزعة كأنهم من بقايا حي لقمانِ. والجدير بالذكر أن لقمان بن عاد هذا غير لقمان الحكيم الذي ذُكر في القرآن.
لقمان بن عاد بن ملطاط، من بني وائل، من حمير معمّر جاهلي قديم لقمان بن عاد بن ملطاط، من بني وائل، من حمير: معمّر جاهلي قديم، من ملوك " حمير " في اليمن. يلقب بالرائش الأكبر. زعم أصحاب الأساطير أنه عاش عمر سبعة نسور، مبالغة في طول حياته. وهو غير " لقمان الحكيم " المذكور في " القرآن " 1. الهامش: الروض الأنف 1: 266 والتيجان 69 و 78 والتاج 9: 62 وشرح ديوان زهير 288 وتجد الكلام على " لقمان الحكيم " في تفسير القرطبي 14: 59 والكشاف، = الروض الأنف 1: 266 والتيجان 69 و 78 والتاج 9: 62 وشرح ديوان زهير 288 وتجد الكلام على " لقمان الحكيم " في تفسير القرطبي 14: 59 والكشاف، = = طبعة بولاق 2: 412 وأنوار التنزيل، طبعة فليشر 2: 113 ودائرة معارف وجدي 8: 370 وثمار القلوب 97.
ويظهر من روايات أهل الأخبار، أن الأخبارين كانوا يرون وجود لقمان آخر، هو غير لقمان عاد. فقد زعموا أنه كان فى عهد "داود" لقمان، عُرف بـ "لقمان الحكيم"، وقد نسبه بعضهم على هذا النحو: "لقمان بن عنقاد"، وقد زعم "المسعودى"، أنه كان نوبيًّا، وأنه كان مولى للقين بن جسر، ولد على عشر سنين من ملك داود، وكان عبدًا صالحًا، منّ الله عليه بالحكمة، ولم يزل باقيًا فى الأرض مظهرًا للحكمة فى هذا العالم إلى أيام يونس بن متّى حين أرسل إلى أرض نينوى فى بلاد الموصل. وهنالك من فرَّق بين "لقمان بن عاد" وبين "لقمان" المذكور فى القرآن، قال الجاحظ: "وكانت العرب تعظِّم شأن لقمان بن عاد الأكبر والأصغر، ولقيم بن لقمان فى النباهة والقدر وفى العلم والحكم، فى اللسان وفى الحلم، وهذان غير لقمان الحكيم المذكور فى القرآن على ما يقوله المفسّرون" وقد أورد الجاحظ جملة أبيات للنمر بن تولب فى لقمان ولقيم. وقد ذكر الجاحظ أنه كانت للقمان أخت محمقة؛ تلد أولادًا حمقى، فذهبت إلى زوجة لقمان، وطلبت منها أن تنام فى فراشها حتى يتصل بها لقمان، فتلد منه ولدًا كيِّسًا على شاكلته، فوقع عليها فأحبلها بـ"لقيم" الذى أشرت إليه؛ فهو ابن لقمان إذن من أخته، وقد أورد الجاحظ فى ذلك شعرًا جاء به على لسان الشاعر المذكور، أى: "النمر بن تولب"، زعم أنه نظمه فى هذه القصة، وزعم الجاحظ أيضا أن لقمان قتل ابنته "صُحرا" أخت "لقيم"، وذلك أنه كان قد تزوّج عدة نساء كلّهن خنّه فى أنفسهنّ، فلما قتل أخراهنّ ونزل من الجبل، كان أول من تلقاه "صُحرا" ابنته فوثب عليها فقتلها، وقال: "وأنت أيضا امرأة".
وتسرد القصة احداث حياة النسور السبعه ، كان لقمان يأخذ فرخ النسر من وكره فيربيه حتى يموت وهو يطير فقد مع النسور ويرجع إليه.