وزعم الفراء أن حذف الواو والمجيء بها واحد، كما قال عز وجل { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا} [الصافات: 6 - 7] أي حفظا. ورد عليه هذا القول الزجاج. قال: لأن الواو تجيء لمعنى فلا تزاد قال: وتفسير [الفرقان] التوراة؛ لأن فيها الفرق بين الحرام والحلال. قال { وضياء} مثل { فيه هدى ونور} وقال ابن زيد [الفرقان] هنا هو النصر على الأعداء؛ دليله قوله تعالى { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان} [الأنفال: 41] يعني يوم بدر. ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم. قال الثعلبي: وهذا القول أشبه بظاهر الآية؛ لدخول الواو في الضياء؛ فيكون معنى الآية: ولقد أتينا موسى وهارون النصر والتوراة التي هي الضياء والذكر. { الذين يخشون ربهم بالغيب} أي غائبين؛ لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر. والاستدلال أن لهم ربا قادرا، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس. { وهم من الساعة} أي من قيامها قبل التوبة. { مشفقون} أي خائفون وجلون قوله تعالى { وهذا ذكر مبارك أنزلناه} يعني القرآن { أفأنتم له} يا معشر العرب { منكرون} وهو معجز لا تقدرون على الإتيان بمثله. وأجاز الفراء { وهذا ذكر مباركا أنزلناه} بمعنى أنزلناه مباركا.
الشيخ الشعراوي - فيديو سورة الأنبياء الايات 48 - 54 تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي الخشية: الخوف بتعظيم ومهابة، فقد تخاف من شيء وأنت تكرهه أو تحتقره. فالخشية كأنْ تخاف من أبيك أو من أستاذ كأن يراك مُقصِّراً، وتخجلل منه أنْ يراك على حال تقصير. فمعنى الخوف من الله: أن تخاف أن تكون مُقصِّراً فيما طُلِب منك، وفيماً كلَّفك به؛ لأن مقاييسه تعالى عالية، وربما فاتكَ من ذَلك شيء. وفي موضع آخر يشرح الحق سبحانه هذه المسألة، فيقول: { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ... } [فاطر: 28] لماذا؟ لأنهم الأعلم بالله وبحكمته في كونه، وكلما تكشَّفَتْ لهم حقائق الكون وأسراره ازدادوا لله خشية، ومنه مهابة وإجلالاً؛ لذلك قال عنهم: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ... } [النحل: 50] أي: أعلى منهم وعلى رؤوسهم، لكن بِحُبٍّ ومهابة. ومعنى: { بِٱلْغَيْبِ... (إن اللذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة} ناصر القطامي sheikh nasser al qatami - YouTube. } [الأنبياء: 49] أنهم يخافون الله، مع أنهم لا يَروْنه بأعينهم، إنما يَرَوْنَه في آثار صُنْعه، أو بالغيب يعني: الأمور الغيبية التي لا يشاهدونها، لكن أخبرهم الله بها فأصبحت بَعْد إخبار الله كأنها مشهدٌ لهم يروْنَها بأعينهم. أو يكون المعنى: يخشون ربهم في خَلَواتِهم عن الخَلْق، فمهابة الله والأدب معه تلازمهم حتى في خَلْوتهم وانفرادهم، على خلاف مَنْ يُظهِر هذا السلوك أمام الناس رياءً، وهو نمرود في خَلْوته.
الخطبة الثانية الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله. أما بعدُ ، فاعلموا أن أحسنَ الحديثِ كتابُ الله... إن خشيةَ الغيب باستشعار مراقبةِ الله، واليقينِ باستواءِ الغيب والشهادة في علمه، ومراعاةَ ذلك حالَ الخلوةِ مِن ألزم ما يجب تعاهدُه في النفس، والمحاسبةُ عليه، وتذكيرُ الغير به؛ فذاك من أعظمِ الحقِّ الذي يُتواصى به؛ ليَسلمَ الجميعُ من الخسار، خاصةً في هذا الزمن الذي سَهُلَ فيه الخلوةُ بالحرام. ولئن عَلَتْ درجةُ تلك الخشية، وصَعُبَ منالُها؛ فإنّ سُلَّمَ المجاهدةِ والتعويدِ يُوصِلُ الصادقين لها بإعانةِ الله، سيّما مع إدمانِ سؤالِ الله تحقيقَها، قال ابنُ شيخِ الحزّامِيّين: "عِّودْ نفسَك - أيها الأخُ - بالحياءِ مِن الله -عز وجل-، ولو ساعةً من نهارٍ، ثمّ عُدْ إلى أشغالك ومهماتك، ثم عُدْ واحفظْ تلك الساعةَ واكْتمْ هذه المعاملةَ بينك وبين مولاك؛ لا تحدِّثْ أحداً بأنك تعملُ مِثلَ هذا؛ فيُخشى أن ينطفئَ نورُ المراقبةِ من قلبك، ولا تزالُ كذلك تتعودُ هذا ساعةً بعدَ ساعةٍ حتى يبقى الحياءُ من الله طبيعةً فيك ". وكان من دعاءِ النبيِّ ﷺ: " وأسألُك خشيتَك في الغيب والشهادة " رواه أحمدُ وصححه ابنُ حبان والحاكمُ.