رغم شهرة فلتر «طوق الورود» على تطبيق (سناب شات)، وحرص العديد من الشبان والفتيات على إضافته إلى صورهم، إلا أن كبار السن في الجنوب، وخاصة في منطقة عسير- استخدموا ذلك الطوق قبل مئات السنين، وما زالوا يستخدمونه في المناسبات، بل وجميع المواسم السياحية التي تشهدها المنطقة، ولكنه ليس طوقاً افتراضيّاً كذاك المستخدم عبر (سناب)، وإنما هو طوق من الورد الطبيعي ذي الرائحة الطيبة، والمضفر بالنباتات العطرية التي اشتهرت بها مناطق الجنوب وجبالها عبر قرون طويلة. فطوق الورود، أو «العصابة» كما يسميها أهالي عسير هو إحدى السمات التراثية التي تميز سكان العديد من مناطق الجنوب، وتقوم السيدات أو الأمهات بصناعته يدويّاً من الورد المخملي، وكثيراً ما يشاهده السياح والزائرون في أيدي باعة الورود والنباتات العطرية وفوق رؤوسهم؛ ليمثل بصمة سياحية وتراثية مميزة لأهالي المنطقة. تقول أم سعيد الشهراني إحدى بائعات الورود في سوق الثلاثاء: «إن «العصابة» تعتبر من النماذج التراثية التي تعبر عن جماليات أهالي منطقة عسير، وتعدها السيدات لأزواجهن وبناتهن وأبنائهن، كما يتم إعدادها بهدف الاستفادة والاستثمار من بيعها، من خلال عمل طوق من الورد القطيفة ذي اللون العنابي أو البرتقالي، أو صناعة طوق من الكادي والبرك والريحان والبعيثران والوزاب والسكب وغيرها من النباتات العطرية، والتي توضع كالتاج على الرأس ولها منظر جمالي خاص؛ كما يضعها الرجل نظراً للروائح العطرة التي تصدر من هذه العصابة».
على ارتفاع شاهق حَلَّق علي أحمد عسيري وقفز مع أبطال سباق المظلات منذ عشرات السنين، كانت رائحة الورود تمثل ذاكرة الأودية والجبال، وبعد أن انتهى من أداء واجبه الوطني والوظيفي بكفاءة واقتدار، عاد إلى تجربة صِباه في أودية رجال ألمع راعياً عاشقاً للأرض والأشجار والزهور وعصائب الطيب التي عشقها من قبل "العصابة" حيث دمج بين عشقه للورود وموروثه الحضاري والثقافي، وموهبته في قفز المظلات في عدد من المناطق المختلفة من دول العالم. وخلال مشاركته في برامج إثراء اليوم الوطني والتي يقيمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" احتفاء بذكرى اليوم الوطني السعودي الـ90؛ قال علي أحمد عسيري " إنه مثّل المملكة على مستوى العالم، في تحدي المظلات "مظلي الصاعقة" وقفز في كثير من الدول منها في شرق آسيا، والمغرب، وتونس، والبرازيل، وألمانيا، والأردن، وباكستان، وفرنسا، قبل عشرات السنين، إلا أنه عاد ليشارك في إيصال تراث منطقة الجنوب، في عدد من الفعاليات والبرامج لا سيما اليوم الوطني؛ نظراً لاحترافه صُنع العصابة المظفرة بالنباتات العطرية والتي تعبر عن هويته وعاداته، التي اشتهرت بها مناطق الجنوب منذ قرون طويلة. وبين عسيري أن هناك سبعة أنواع لطوق الورد الطبيعي "العصابة" ذي اللونين الأصفر والبرتقالي، وهي البرك، والشيح، والسداب، والكادي، والريحان، والبعيثران، والوزاب، والسكب، موضحاً أنها حضارة مكتسبة من الطبيعة لها منظر جمالي ورائحة طيبة تفوح من هذه الورود، مبيناً أن منطقة عسير تتميز بالورد الذي يزرع غالباً في المناطق الباردة كالجبال، ويستخدم كمنظر جمالي على الرأس، مقرّاً أن حضارة المنطقة فرضت عليه تعلّم موهبة وفنّ طوق الورد قبل ما يقارب الـ ٥٠ عاماً، وهي موروث حضاري.
تعد "عصائب الورد" باختلاف أنواعها رمزا ثقافيا يحمل دلالات من ثقافة منطقة "رُجال الطيب" بعسير وأزيائها ومناسباتها، حيث تتعدد أنواع أطواق الورد وتختلف باختلاف المناسبة التي ترتدى من أجلها. وما إن تمر على الطرقات في منطقة عسير بكافة المحافظات ومكوناتها، والمدن والقرى السياحية بها إلا وتجد شبابا وأطفالا يقومون ببيع "أطواق الورد" المصنوعة من النباتات العطرية التي تتميز بها المنطقة. هكذا تعصب الرؤوس بطوق الورد - واس من مهرجان رجال الطيب - واس عصائب الورد في الزي الشعبي من حساب موسم السودة IMG_٢٠١٩٠٨١٦_١١٢٠١٨ فأطواق الورد هي أحد الموروثات ذات البصمة الجنوبية، وكانت السيدات تعدها قديما لأزواجهن وبناتهن وأبنائهن في المناسبات والأعياد، واليوم يهتم العديد من العائلات باستثمار طوق الورد ونظمه، صغارا كانوا أو كبارا، ليكون من أهم البصمات السياحية للمنطقة، ويطلق عليه "العصابة"، وتصنعه السيدات من الورد المخملي، ليتجاوز فلتر الورد الافتراضي على السناب شات إلى الشكل الواقعي. طوق ورد عسيري 1. وللتعريف بهذه الثقافة انطلق مهرجان "رجال الطيب" ضمن فعاليات "موسم السودة" برعاية وزارة الثقافة، الذي يمتد حتى 31 أغسطس الجاري في قرية رجال ألمع بمنطقة عسير.