الواو في قوله تعالى: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابه الواو في قوله تعالى: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ناصر عبدالغفور الواو في قوله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ من الآيات التي زعم البعض أنها تضمنت واو الثمانية قوله تعالى في سورة الزمر: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73].
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: "ومن زعم أن الواو في قوله: ﴿ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية، فقد أبعد النجْعَة وأغرق في النزع، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة" [2]. يقول شيخ الإسلام ابن القيم عليه رحمة المنان: "فقالت طائفة: هذه واو الثمانية دخلت في أبواب الجنة؛ لكونها ثمانية، وأبواب النار سبعة فلم تدخلها الواو، وهذا قول ضعيف لا دليل عليه، ولا تعرفه العرب ولا أئمة العربية، وإنما هو من استنباط بعض المتأخرين" [3]. وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر: "وهذه الطريقة تريحك من دعوى زيادة الواو ومن دعوى كونها واو الثمانية؛ لأن أبواب الجنة ثمانية، فإن هذا لو صح فإنما يكون إذا كانت الثمانية منسوقة في اللفظ واحدًا بعد واحد، فينتهون إلى السبعة، ثم يستأنفون العدد من الثمانية بالواو، وهنا لا ذكر للفظ الثمانية في الآية ولا عدها، فتأمَّله" [4]. ♦ الثاني: هو قول ضَعفه بل ردَّه أغلب أئمة التفسير سواء من المتقدمين أو المتأخرين [5]. ♦ الثالث: الواو كما هو معلوم أداة من أدوات التفسير ترد لمعاني عدة، والقول باختصاصها بمعنى دون غيره تحكُّم إذا لم يدل عليه دليل، وقد ذكر العلماء للواو في آية الزمر معنى الحالية والعطف، وهما أولى من القول بالثمانية لدلالة السياق؛ يقول ابن هشام رحمه الله تعالى: "وقد مرَّ أن الواو في (وفتحت) مقحمة عند قوم [6] عاطفة عند آخرين، وقيل: هي واو الحال؛ أي جاؤوها مفتحةً أبوابها كما صرَّح بمفتحة حالًا في: (﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴾ [ص: 50]، وهذا قول المبرد والفارسي وجماعة، قيل: وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكرامًا لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم" [7].
هُناك في ظلّ عرش الرحمن ستلقى الأحبّة.. ثُمّ زُمَرًا زُمَرًا إلى فَراديس جنّته.. وسَنَستريح.. سَنستريح بإذنه راحة تامّة حقًا! فلا تبتأس مهما حدث. قُلوبٌ أحبتكم، دثِّروها بدَعواتٍ خالِصَاتٍ في جَوفِ الليل.. بكثير استغفار دَثروهم.. في سَجدةٍ تفيضُ بأُنسِ الله في صَلاة الفجر مع عيون دامعات.. دَثروهم بدُعاءٍ صادق في ظَهر الغَيب.. كلّه أمل وحُسن ظنّ ويقين في رَحمة الله وكرمه.. دثروهم بودٍّ جَميل.. وثِقوا أنّ ما عند الله خَيرٌ من كُل ما قد يُنظَم ويُنثر.. فكُل حُروف الأرض ستظلّ عاجزة أمام نبضة دُسّت في القلب.. تَحكي عن هؤلاء المُتحابين في جلاله.. نَبضة حُبّ.. تُذكرهم وتَشدُد على أياديهم في هذه الدُنيا.. كلمات تُداعب قُلوبهم وأشواقهم.. من ذكر الله الحَكيم.. عن هَذا الوطن الخالد الذي يَنتظرُ من كانَ تقيّا.. { والعَصرِ إنَّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ. إلَّا الذين آمنوا وعملو الصالحات. وَتَواصوا بالحَقِّ وتَواصوا بالصّبر} [سورة العصر] بتلاوة طيَّبة مع قلبٍ مُتَدبر.. تنهض القلوب.. وتَتَيقظ الأجساد من سُباتها.. ويَعُود للرُوحِ إشراقها.. فتَعمل وتَعمل وتَعمل … نعم!