انتهى ملخصًا. {فلنولينَّك} أي فتسبب عن تلك الرؤية أنا نوليك من غير شك {قبلة} قال الحرالي: نكّرها لما كان من ورائها قبلة التوجه العام في تنقله، فتلك هي القبلة التي هي توجه لوجه الله لا توجه لمنظر باد من خلق الله، فكان متسع القبلة ما بين اختصاص القبلة الشامية إلى قيام القبلة الحجازية إلى إحاطة القبلة العامة الآفاقية؛ وفي قوله: {ترضاها} إنباء بإقراره للتوجه لهذه القبلة، لأن الرضى وصف المقر لما يريد، فكل واقع بإرادة لا يكون رضًى إلى أن يستدركه الإقرار، فإن تعقبه الرفع والتغيير فهو مراد غير مرضي. انتهى. سبب نزول قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية 144. سورة البقرة. ودل على أن مرضيه الكعبة بفاء السبب في قوله: {فول وجهك} ، وأما قلبك فإنما توجهه إلى الله، الغيب للغيب والظاهر للظاهر، {شطر} أي عين {المسجد} كما استدل الشافعي رحمه الله في الرسالة على ذلك بجملة من أشعار العرب وقال: وهذا كله من أشعارهم يبين أن شطر الشيء قصد عين الشيء، إذا كان معاينًا فبالصواب وإن كان مغيبًا فبالاجتهاد {الحرام} وتعبيره بهذا دون الكعبة فيه توسعة. قال الحرالي: سماه الله حرامًا لحرمته حيث لم يوطأ قط إلا بإذنه ولم يدخل إلا دخول تعبد وذلة فكان حرامًا على من يدخله دخول متكبر أو متحير.
وكذا في حال المسايفة في القتال يصلي على كل حال ، وكذا من جهل جهة القبلة يصلي باجتهاده ، وإن كان مخطئا في نفس الأمر ، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. مسألة: وقد استدل المالكية بهذه الآية على أن المصلي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده كما ذهب إليه الشافعي وأحمد وأبو حنيفة ، قال المالكية لقوله: ( فول وجهك شطر المسجد الحرام) فلو نظر إلى موضع سجوده لاحتاج أن يتكلف ذلك بنوع من الانحناء وهو ينافي كمال القيام. وقال بعضهم: ينظر المصلي في قيامه إلى صدره. قد نرى تقلب وجهك في السماء. وقال شريك القاضي: ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده كما قال جمهور الجماعة ، لأنه أبلغ في الخضوع وآكد في الخشوع وقد ورد به الحديث ، وأما في حال ركوعه فإلى موضع قدميه ، وفي حال سجوده إلى موضع أنفه وفي حال قعوده إلى حجره. وقوله: ( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم) أي: واليهود الذين أنكروا استقبالكم الكعبة وانصرافكم عن بيت المقدس يعلمون أن الله تعالى سيوجهك إليها ، بما في كتبهم عن أنبيائهم ، من النعت والصفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته ، وما خصه الله تعالى به وشرفه من الشريعة الكاملة العظيمة ، ولكن أهل الكتاب يتكاتمون ذلك بينهم حسدا وكفرا وعنادا; ولهذا يهددهم تعالى بقوله: ( وما الله بغافل عما يعملون).
فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه, وأن المعترض معاند, عارف ببطلان قوله, فإنه لا محل للمبالاة, بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية, فلهذا قال تعالى: { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} بل يحفظ عليهم أعمالهم, ويجازيهم عليها، وفيها وعيد للمعترضين, وتسلية للمؤمنين.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ كَلَامَ سِيبَوَيْهِ بَرِيءٌ مِمَّا حَمَّلُوهُ، وَمَا نَشَأَ اضْطِرَابُ كَلَامِ النُّحَاةِ فِيهِ إِلَّا مِنْ فَهْمِ ابْنِ مَالِكٍ لِكَلَامِ سِيبَوَيْهِ. وَقَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّانَ رَدًّا وَجِيهًا. فَمَعْنَى الْآيَةِ: عَلِمْنَا بِأَنَّ الَّذِي يَقُولُونَهُ يُحْزِنُكَ ، مُحَقَّقًا ؛ فَتَصْبِرُ. تفسير قول الله تعالى " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " | المرسال. وَقَدْ تَقَدَّمَ لِي كَلَامٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ) [144] ، فَكَانَ فِيهِ إِجْمَالٌ ، وَأَحَلْتُ عَلَى تَفْسِيرِ آيَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ، فَهَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيِي"، انتهى. انظر "التحرير والتنوير" (2/ 26 - 27)، (7/ 196 - 197). وانظر في المسألة ، "الزيادة والإحسان" لابن عقيلة: (8/ 119 - 121)، "شرح التسهيل" لابن مالك: (1/ 29). والله أعلم.
قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. سؤال: ما المراد من الوجه هاهنا؟ الجواب: المراد من الوجه هاهنا جملة بدن الإنسان لأن الواجب على الإنسان أن يستقبل القبلة بجملته لا بوجهه فقط والوجه يذكر ويراد به نفس الشيء لأن الوجه أشرف الأعضاء ولأن بالوجه تميز بعض الناس عن بعض، فلهذا السبب قد يعبر عن كل الذات بالوجه. سؤال: لم ذكر المسجد الحرامِ دون الكعبة؟ الجواب: في ذكر المسجد الحرامِ دون الكعبة إيذانٌ بكفاية مراعاةِ الجهةِ لأن في مراعاةِ العينِ من البعيد حرجًا عظيمًا بخلاف القريب.. قال ابن عجيبة: وإنما ذكر الحق تعالى شطر المسجد، أي: جهته، دون عين الكعبة، لأنه- عليه الصلاة والسلام- كان في المدينة، والبعيد يكفيه مراعاة الجهة، فإن استقبال عينها حَرجٌ عليه، بخلاف القريب، فإنه يسهل عليه مسامته العين. وقيل: إن جبريل عليه السلام عيّنها له بالوحي فسميت قبلة وحْي. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 144. قال أبو السعود: {وحيثما كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} خُصَّ الرسولُ صلى الله عليه وسلم بالخطاب تعظيمًا لجنابه وإيذانًا بإسعاف مرامِه ثم عُمّم الخطابُ للمؤمنين مع التعرُّض لاختلاف أماكنِهم تأكيدًا للحُكم وتصريحًا بعُمومه لكافة العباد من كل حاضِرٍ وبادٍ وحثًا للأمة على المتابعة، وحيثما شرطية وكنتم في محل الجزاء بها.
وما الله بغافل عن هؤلاء من المعترضين المُشككين، وسيُجازيهم على ذلك. يؤخذ من هذه الآية: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ [سورة البقرة:144] إثبات صفة العلو لله فقد كان النبي ﷺ ينتظر الوحي فيرفع رأسه إلى السماء، وعلو الله -تبارك وتعالى- على عرشه صفة ثابتة في الكتاب والسنة وهي مما تواتر، والأدلة الدالة على ثبوتها تزيد على عشرين نوعًا في الكتاب والسنة، وكل نوع تحته من أفراد الأدلة ما هو معلوم، كما يدل على ذلك أيضًا الفطرة، فإن الإنسان يجد في نفسه نزوعًا إلى العلو حينما يقول: يا الله، فيجد ذلك بفطرته، كما يدل على هذه الصفة أيضًا العقل.
من هو عبدالله الجميري سناب عبدالله الجميري الرسمي عبدالله الجميري سناب شات من هو عبدالله الجميري ويكيبيديا
سنابات عبدالله الجميري - YouTube