إنّ شكل الإنسان نفسه، وبنيته، وذلك الكمّ الهائل من الاختلافات الظاهريّة بين الذكور والإناث، عدا عن الاختلافات الداخليّة بينهم، وكيفيّة انجذاب كلّ جنسٍ للآخر؛ كلّ هذه الأمور بحدّ ذاتها من إعجاز الخالق التي وضعها فينا، والتي بُنيت الحياة وتأسّست عليها، والتي أوصلت الإنسان إلى التكامل المنشود. أمّا في الحديث عن الأعضاء الداخلية؛ فالدماغ مثلاً يحتوي على كمٍّ هائلٍ من الخلايا، ويتكوّن من أجزاء عدة، وله قدراتٌ جبارةٌ لا يمكن أن يتخيلها الإنسان، ولو نزلنا إلى الأسفل قليلاً لوجدنا تلك المضخّة العجيبة التي تعمل بلا كلل أو ملل، وبلا توقف، والتي تبدأ بالعمل منذ اللحظات الأولى للإنسان، ولا تتوقّف إلا بالموت. هناك جانب في الإنسان لا بدّ من الإشارة إليه، ألا وهو الجانب النفسيّ، والطريقة التي تتفاعل بها النفس الإنسانيّة، مع كلٍّ من الجسد، والروح؛ حيث يُمكن لهذا التفاعل إن أحسن الإنسان إدراته، وتوظيفه أن يحقق به إنسانيته، أمّا إن أساء ذلك فسينقاد وراء نفسه، وشهواتها، وأطماعها، دون أن يضع الضوابط، سيهلك لا محالة. لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم المعنى والهدف | ماكتيوبس ما الفرق بين الإنسان وسائر المخلوقات. كلّ هذه الجوانب العظيمة في الإنسان تستحقّ أن يُفرد لها من وقته ولو جزءاً يَسيراً حتّى يدرسها، ويتعرّف عليها قدر استطاعته، وحتّى يعلم الإنسان فضل الخالق -سبحانه وتعالى- عليه، وأنه لو عبده آناء الليل، وأطراف النهار، لما وفَّاه ولو أقل القليل من حقه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) قال: شبابه أوّل ما نشأ. وقال آخرون: قيل ذلك لأنه ليس شيء من الحيوان إلا وهو منكبّ على وجهه غير الإنسان. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) قال: خلق كلّ شيء منكبا على وجهه، إلا الإنسان. خلقناكم في أحسن تقويم | ثقافة أونلاين. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن معنى ذلك: لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأعدلها؛ لأن قوله: ( أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) إنما هو نعت لمحذوف، وهو في تقويم أحسن تقويم، فكأنه قيل: لقد خلقناه في تقويم أحسن تقويم.
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم القرآن المعجزه مارس 24, 2007 بواسطة د. عبدالمحسن أي محاولة لفهم آيات رب العالمين وما جاء به الوحي العظيم لا معنى لها إلا بشروط لا بد من توفرها لهذا الفهم وأسبابه، وكذلك الدافع والهدف. خلقناكم في احسن تقويم الدراسي. ومنطلق هذا التصور فيما يتعلق بالعلم الحديث قائم على أن جميع اكتشافات هذا العلم لا تؤكد ما جاء به الوحي، والعكس هو الصحيح؛ فالقرآن معجزة كبرى وليس من معجزة تؤكد إعجازه، وبالنسبة لما جاء به العلم الحديث وسبق بيانه في القرآن الكريم فإن العائد لا يأتي بجديد أكثر من كونه مصدراً للتأمل والإيمان حيث قال الحق عز وجل: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}. (1) وقوله سبحانه:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} (2) وقوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} (3) وقوله سبحانه: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (4) ولعل من يتأمل بفهم جيد هذه الآيات الكريمة يزداد إيمانه إيماناً، ويقوى فكره بما يتأمل، وهذا لا يؤدي إلى استنباط لمن يقول بالإعجاز العلمي في القرآن. فالإنسان بما كُلِّفَ به وفي خلقه وتركيبة جسمه ونفسه وعقله الأولى بأن يكون موضوعاً للإعجاز، وذلك أمر لا يحسب على الإعجاز العلمي في القرآن وشواهد ذلك ما سبق من آيات كريمة حيث أمر عز وجل بالتأمل والتبصر في قوله: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (21) سورة الذاريات.
واختتم شيخ الأزهر حديثه بأن التقديس بمعنى التطهير يطلق على الأنبياء كما يطلق على الله سبحانه وتعالى، فالأنبياء تجب لهم أمور وتستحيل عليهم أمور، فهم منزهون عن كل النقائص التي لا تليق بهم مما يحدث للبشر الغير معصومين، فنحن نقدس الأنبياء عن هذه الأفعال كما نقدس الله في صفاته عن صفات المخلوقين، فهذا موجود في تراثنا ويقصد به كثيرون من العلماء، فيجب علينا أن نفهم أولا دلالات الألفاظ، لأنه قد حدث خلط عند أخواتنا المتشددين وخلطوا بين الاحترام الشديد والتعظيم والعبادة، فكوني أعظم آل البيت وأحترمهم احترامًا كبيرا، لا يعني عبادة ولا يدخل ضمن الشرك، لأن العبادة لها معنى والتعظيم له معنى والتقديس له معنى.
والله أعلم.
تاريخ النشر: الإثنين 9 ربيع الأول 1431 هـ - 22-2-2010 م التقييم: رقم الفتوى: 132358 24132 0 305 السؤال المعروف أن جميع خلايا جسم الإنسان تسبح للخالق سواء كان الشخص مؤمنا أو كافرا، عند رمي الكافر في النار تحرق معه خلاياه مع العلم أنها كانت تسبح لله. هل من تفسير؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمبنى هذا الإشكال على فهم المقصود بالتسبيح المنسوب لأعضاء الكفار وخلايا أجسامهم، وأن ذلك كان طوعا منها، وهذا ليس بصحيح. قال ابن حزم في (الفصل): التسبيح عندنا إنما هو قول: سبحان الله وبحمده. معنى كلمة يسبح لله. وبالضرورة نعلم أن الحجارة والخشب والهوام والحشرات والألوان لا تقول: سبحان الله. بالسين والباء والحاء والألف والنون واللام والهاء، هذا ما لا يشك فيه من له مسكة عقل، فإذ لا شك في هذا فباليقين علمنا أن التسبيح الذي ذكره الله تعالى هو حق، وهو معنى غير تسبيحنا نحن بلا شك، فإذ لا شك في هذا فإن التسبيح في أصل اللغة وهو تنزيه الله تعالى عن السوء، فإذ قد صح هذا فإن كل شيء في العالم بلا شك منزه لله تعالى عن السوء الذي هو صفة الحدوث وليس في العالم شيء إلا وهو دال بما فيه من دلائل الصنعة واقتضائه صانعا لا يشبه شيئا مما خلق، على أن الله تعالى منزه عن كل سوء ونقص، وهذا هو الذي لا يفهمه ولا يفقهه كثير من الناس.