فمن الواجب على من يدعي ولاية الله بحبه أن يتبع الرسول حتى ينتهي ذلك إلى ولاية الله له بحبه. وإنّما ذكر حب الله دون ولايته لأنّه الأساس الذي تبتني عليه الولاية، وإنّما اقتصر على ذكر حب الله تعالى فحسب لأنّ ولاية النبي والمؤمنين تئول بالحقيقة إلى ولاية الله" انتهى كلامه رحمه الله. الخلاصة: إنّ الإنسان الذي يعرف الزهراء ، ويعرف تقواها، ويعرف كيف تذوب وتتحرق وتتأوه آخر الليل، ثم يعشق فاطمة فمن المستحيل أن يقوم بأعمال تخالف أوامرها، ومن المتيقن أنّه سوف يعمل بما أمرت وعملت به تلك السيدة الطاهرة من تقوى وصلاح واستقامة. وكل حبيب لا بد أن يحترم رغبات محبوبه ويجل أوامره، والطاعة المحبوبة لازمة من لوازم الحب الصادق. خلجات الامام الصادق الأمين. إذن معنى أن نحب فاطمة وعلي وولدهم صلوات الله عليهم، وذلك بأن يسد حبهم الطريق أمام الذنوب، وليس معناه - كما تخيل بعض الجاهلين - أنّ حبهم شيء إذا ظفرت به فإنّك مهما ترتكب من ذنوب فهي لن تضرك. وبطبيعة الحال فمثل هذه الأمور تكون سبباً لوقوع الناس في الغرور، وموجباً لافتتانهم، ومنشأ لجرأتهم على الله سبحانه وتعالى. ولقد أجاد الإمام الصادق حينما تمثل: تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته إنَّ المحب لمن يحب مطيع ويقول طاووس اليماني: رأيت رجلاً يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من الصلاة فإذا هو علي بن الحسين ، فقلت له: يا ابن رسول الله رأيتك على حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك من الخوف؛ أحدها: أنّك ابن رسول الله، والثاني: شفاعة جدك، والثالث: رحمة الله!
وإذا كان حب العبد لله طاعة له، فإنّ حب الله للعبد مغفرة له ورضوان، هذا ما عبرت عنه الآية التالية ﴿... وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ... ﴾ 2 التي أسلفتم في غفلتكم وحيرتكم ﴿... وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 2 لأنّه الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم. خلجات الامام الصادق ذي قار. وفي الواقع أنّ من آثار الحب الطبيعية انجذاب المحب نحو المحبوب والاستجابة له. صحيح أنّ هناك حباً ضعيفاً لا تتجاوز أشعته جدران القلب، إلا أنّ هذا من التفاهة بحيث لا يمكن اعتباره حباً. لا شك أنّ للحب الحقيقي آثاراً عملية تربط المحب بالحبيب وتدفعه للسعي في تحقيق طلباته. والدليل على ذلك واضح، فحب المرء شيئاً لا بد أن يكون بسبب عثوره على أحد الكمالات فيه. لا يمكن أن يحب الإنسان مخلوقاً ليس فيه شيء من قوة الجذب، وعليه فإنّ حب الإنسان لله ناشئ من كونه منبع جميع الكمالات وأصلها. إنّ محبوباً هذا شأنه لا بد أن تكون أوامره كاملة أيضاً، فكيف يمكن لإنسان يعشق الكمال المطلق أن يعصي أوامر الحبيب وتعاليمه، فإن عصى فذلك دليل على أنّ حبه غير حقيقي. فالذين لا يفتأون - ليل نهار - يتحدثون عن حبّهم لله ولأئمة الإسلام وللمجاهدين في سبيل الله وللصالحين والأخيار، ولكنّهم لا يشبهون أولئك في العمل، هم كاذبون.
أليس قد روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس)). خلجات الامام الصادق بالقران الكريم. وكان يعترف بإمامة الإمام الصادق (عليه السلام) إعترافاً صريحاً، فحينما سُئِلَ عن مسألة وقف المال للإمام، ومن هو المستحق؟ أجاب: ((يكون المستحق جعفر الصادق لأنه هو الإمام الحقّ)) وقال الامام مالك: ((والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد زهداً وفضلاً وعبادة وورعاً، وكنت أقصده فيكرمني ويقبل عليّ)). وقال الامام الشافعي: ((يا اركباً قف بالمحصّب من منى *** واهتف بقاعد خيفنا والنّاهض سحراً اذا فاض الحجيج الى منى *** فيضاً كملتطم الفرات الفائض إن كان رفضاً حبّ آل محمد *** فليشهد الثقلان أنّي رافضي)) وقال الامام احمد بن حنبل ( ((إنّ الخلافة لم تزيّن علياً بل عليّ زانها)). ((علي بن أبي طالب من أهل بيت لا يقاس بهم أحد)). ((ماجاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعليّ بن أبي طالب)).
قال رسول الله ﷺ: "أدبّوا أولادكم على ثلاث خصال: حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن". وبأسانيد معتبرة صحيحة عن الإمام الرضا ، عن آبائه، عن رسول الله ﷺ، قال: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد". ذكرنا في الحلقة السابقة ، أنَّ الحب ليس مجرد عواطف ومشاعر تبقى عاجزة عن الوصول إلى الأبناء، فينمو الطفل معتقداً أنه غير محبوب ومرفوض من الوالدين.. بل هو رسالة يجب أن تصل إلى الطفل بأسلوب التعامل وطريقة الكلام والحوار مع الطفل، ويجب أن يشعر الطفل أنه محبوب لشخصه ولذاته وليس لما يفعل أو لا يفعل. وفي هذهِ المرحلة تنمو المشاعر والعواطف والأحاسيس عند الطفل، من حب وبغض وانجذاب ونفور، واندفاع وانكماش. فالمطلوب من الوالدين: 1. استثمار حالات الاستعداد العاطفي عند الطفل وتنمية مشاعره وعواطفه. حب فاطمة وبنيها | مركز الإشعاع الإسلامي. 2. توجيهها نحو الارتباط بأرقى النماذج البشرية. 3. المبادرة إلى تركيز حبّ النبي ﷺ، وحب أهل البيت في خلجات نفسه، والطريقة الأفضل في تركيز الحبّ هو إبراز مواقفهم وسلوكهم في المجتمع وخصوصاً ما يتعلق برحمتهم وعطفهم وكرمهم، ومعاناتهم وما تعرضوا له من حرمان واعتداء، يجعل الطفل متعاطفاً معهم محباً لهم، مبغضاً لمن آذاهم من مشركين ومنحرفين.
فقال: "يا طاووس أما إنّي ابن رسول الله ﷺ فلا يؤمنني وقد سمعت الله تعالى يقول ﴿... فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ 4 ، وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني لأنّ الله تعالى يقول ﴿... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ... ﴾ 5 ، وأما رحمة الله فإنّ الله تعالى يقول إنّها ﴿... الصادق (ع) في كلمات الإمام الخامنئي. قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 6 ولا أعلم أني محسن". وعن الحسن الوشاء قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا في مجلسه، وزيد بن موسى حاضر، قد أقبل على جماعة في المجلس، يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحن، وأبو الحسن مقبل على قوم يحدثهم، فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: "يا زيد أغرك قول بقالي الكوفة إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار، والله ما ذلك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة، فأما أن يكون موسى بن جعفر يطيع الله، ويصوم نهاره، ويقوم ليله وتعصيه أنت، ثم تجيئان يوم القيامة سواء!! لأنت أعز على الله عز وجل منه؟! إنّ علي بن الحسين كان يقول: لمحسننا كفلان من الأجر ولمسيئنا ضعفان من العذاب". وقال الحسن الوشاء: ثم التفت إليّ فقال: "يا حسن كيف تقرءون هذه الآية ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ... ﴾ 7 ؟".
مابين الرأس واليافوخ / يصيبه خير. شق الرأس الأيمن / رزق واسع. شق الرأس الأيسر / سفر فيه خير, وفي رواية أنه سرور. الجبهة / إصابة خير, وفي رواية يُخشى عليه من سلطان. الصدغ الأيمن / فرح وسرور, وفي رواية موت قريبله. الصدغ الأيسر / هم يلحقه أو صحة جسم وقرار عين.. وفي رواية موت قريب أو شفاء مريض من بيته. الحاجب الأيمن / إصابة خير.. أو تحول مما يكره أو يسافر.. وفي رواية يرى من يحب. الحاجب الأيسر / إصابة فرح.. وقيل حديث يغبطه أو مرض يصيبه. مابين العين اليمنى / يُصلح حاله. جفن العين الأعلى من اليمنى / يتحدث الناس فيه بما يكره. جفن العين الأسفل من اليمنى / يتحدث الناس فيه بخير. جفن العين الأعلى من اليسرى / يتحدث الناس فيه بما يكره. جفن العين الأسفل من اليسرى / يلتقي بغائب.. وفي رواية سرور وغبطة.. وفي رواية يتحدث الناس فيه بخير. مؤخرة العين اليمنى / يموت له ميت من بيته. مؤخرة العين اليسرى / يلتقي بغائب. العين اليمنى كلها / رزق يأتيه من بعض السلاطين وكرامة. العين اليسرى كلها / إصابة عز وغبطة وكرامة وسرور. العينين / صحة في الجسم. اقوال وحكم الامام جعفر الصادق - YouTube. جنب الأنف الأيمن / ينجو من شر من يخافه. جنب الأنف الأيسر / تلقاه مضرة.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف النبيلة ضحى الحسين _عليه السلام _بحياته بهدف ترسيخ قيمه السامية في النفوس الضالة، قوله سلام الله عليه – موت في عز خير من حياة في ذل – تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط أحمد الركابي
شروط التوبة وقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدد مفهوم الغيبة لأصحابه على طريقته في التعليم بالسؤال والجواب، فقال لهم: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ذكرك أخاك بما يكره». القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة الحجرات - الآية 12. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته»، وروي عنه صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورات المسلمين يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه وهو في بيته». إن قداسة الحرمة الشخصية للفرد في الإسلام، هي التي جعلت الغيبة في قائمة الكبائر، وليس لها كفارة إلاّ التوبة النصوح، وهي من حقوق الآدميين، فلا تصح التوبة منها إلاّ بأربعة شروط، أولها: الإقلاع عنها في الحال، وثانيها: الندم على ما مضى منك، وثالثها: العزم على ألا تعود، وأخيراً: طلب السماح ممن اغتبته إجمالاً أو تفصيلاً، وإن لم تستطع، أو كان قد مات أو غاب تكثر له من الدعاء والاستغفار. ومن المقرر في الإسلام أن المستمع للغيبة شريك فيها، فالقائل والمستمع للغيبة سواء، ولا يتخلص المستمع من إثم سماعها إلا أن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، وإن قدر على القيام أو قطع الكلام بكلام آخر لزمه ذلك، وأن عليه أن ينصر أخاه في غيبته ويرد عنه، وفي الحديث: «من رد عن عرض أخيه في الدنيا رد الله عن وجهه النار يوم القيامة».
إن الغيبة خلق ذميم، لا يتصف به الرجال، وإنما يتصف به أشباه الرجال الجبناء من ذوي الوجهين الذين يغتابون إخوانهم وأصدقاءهم أمام الناس، فإذا لقوهم هشّوا لهم وبشّوا، وتظاهروا بالصداقة والود. ومن هنا كان المسلم الحق أبعد الناس عن الغيبة والتلون بلونين، لأن الإسلام علمه الرجولة، ولقّنه الاستقامة، وحبّب إليه التقوى في القول والعمل، وكرّه إليه النفاق والتلون والتذبذب؛ بل نفره من هذه الخصال تنفيراً، حين جعل ذا الوجهين من شرار الناس عند الله، وذلك في قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، رواه البخاري ومسلم. إن المسلم الحق له وجه واحد لا وجهان، وجه أغر أبلج مشرق واضح لا يلقى به قوماً دون قوم؛ بل يلقى به الناس جميعاً، لأنه يعلم أن اتخاذ الوجهين هو النفاق بعينه، والإسلام والنفاق لا يجتمعان، وأن ذا الوجهين منافق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار. ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا اعراب. المسلم الحق يقف من الغيبة موقفاً جاداً، فلا يتورط بالوقوع في شكل من أشكالها، ولا يسمح لأحد أن يغتاب في مجلسه؛ بل يذب عن إخوانه ألسنة البغي والعدوان، ويدفع عنهم قالة السوء، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من ذبّ عن لحم أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار، رواه أحمد.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] وهذا من أحسن القياس التمثيلي؛ فإنه شبَّه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه.. ولما كان المغتاب يمزق عرض أخيه في غيبته، كان بمنزلة من يقطع لحمه في حال غيبة روحه عنه بالموت؛ لما كان المغتاب عاجزًا عن دفعه بنفسه بكونه غائبًا عن ذمِّه كان بمنزلة الميت الذي يُقَطَّع لحمه ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه. ولما كان مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر، فعلَّق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذمِّ والعيب والطعن.. كان ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه، والأخوة تقتضي حفظه وصيانته والذب عنه. ولما كان المغتاب متفكهًا بغيبته وذمِّه، متحليًا بذلك.. شبه بأكل لحم أخيه بعد تقطيعه.. «.. ولا يغتب بعضكم بعضاً» | صحيفة الخليج. ولما كان المغتاب محبًا لذلك معجبًا به، شبه بمن يحب أكل لحم أخيه ميتًا.. ومحبته لذلك قدر زائد على مجرد أكله، كما أن أكله قدر زائد على تمزيقه.. فتأمل هذا التشبيه والتمثيل وحسن موقعه ومطابقة المعقول فيه للمحسوس، وتأمل أخباره عنهم بكراهة أكل لحم الأخ ميتًا ووصفهم بذلك في آخر الآية والإنكار عليهم في أولها أن يحب أحدهم ذلك.. فكما أن هذا مكروه في طباعهم، فكيف يحبون ما هو مثله ونظيره؟!
قال: ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم عند الله حرمة منك. وقال زيد بن وهب: قيل لابن مسعود: هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا ، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس ، فإن يظهر لنا شيء نأخذه به ( ولا يغتب بعضكم بعضا) يقول: لا يتناول بعضكم بعضا بظهر الغيب بما يسوءه مما هو فيه. إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة الحجرات - تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم "- الجزء رقم7. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: ذكرك أخاك بما يكره ، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ". أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو الطاهر الحارثي ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فقالوا: لا يأكل حتى يطعم ، ولا يرحل حتى يرحل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اغتبتموه " فقالوا: إنما حدثنا بما فيه ، قال: " حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه ".
احذر أيها التلميذ أن تتعرض لأساتذتك. واحذر أيها المصلي أن تتعرض لإمام مسجدك. واحذر أيها المسلم أن تتعرض لعلماء بلدك، واحذر أن تتعرض لولاة أمرك، فهذا منكر عظيم وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وأقوام من الناس غلبتهم ألسنتهم فصاروا يقعون في أعراض الناس، وما علم هؤلاء أنهم سيُوقَفون بين يدي الله، ويُسألون عن كل كلمة قالوها وصدق الله العظيم: ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]. وقال ربنا -جلا وعلا-: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه) [الزلزلة: 7, 8]. فيا أيها الأخ الكريم: احرص على أن تضبط لسانك فلا تقول به إلا خيرًا، ليشهد عليك يوم العرض على الله، يوم أن يختم على الأفواه، ويقال للجوارح انطقي، فتنطق العين بما نظرت، والأذن بما استمعت، واللسان بما تكلم، والفرج بما فعل، والبطن بما أكل، ويوم ذاك يُسر المؤمنون الصادقون يُسَرّ الذين حفظوا جوارحهم. وأما أولئك الذين أطلقوا لألسنتهم العنان فتكلموا في الناس، فأولئك الويل لهم؛ لأنهم وقعوا في أعراض الآخرين، فسيؤخذ من حسناتهم لهم يوم القصاص بين الخلائق يوم أن تجتمع الخصوم، ويقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله حرم من المسلم دمه وعرضه وأن يظن به ظن السوء. وعن الحسن: كنا في زمن الظن بالناس فيه حرام ، وأنت اليوم في زمن اعمل واسكت وظن في الناس ما شئت. الثالثة: للظن حالتان: حالة تعرف وتقوى بوجه من وجوه الأدلة فيجوز الحكم بها ، وأكثر أحكام الشريعة مبنية على غلبة الظن ، كالقياس وخبر الواحد وغير ذلك من قيم المتلفات وأروش الجنايات. والحالة الثانية: أن يقع في النفس شيء من غير دلالة فلا يكون ذلك أولى من ضده ، فهذا هو الشك ، فلا يجوز الحكم به ، وهو المنهي عنه على ما قررناه آنفا. وقد أنكرت جماعة من المبتدعة تعبد الله بالظن وجواز العمل به ، تحكما في الدين ودعوى في المعقول. وليس في ذلك أصل يعول عليه ، فإن البارئ تعالى لم يذم جميعه ، وإنما أورد الذم [ ص: 301] في بعضه. وربما تعلقوا بحديث أبي هريرة إياكم والظن فإن هذا لا حجة فيه; لأن الظن في الشريعة قسمان: محمود ومذموم ، فالمحمود منه ما سلم معه دين الظان والمظنون به عند بلوغه. والمذموم ضده ، بدلالة قوله تعالى: إن بعض الظن إثم ، وقوله: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ، وقوله: وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كان أحدكم مادحا أخاه فليقل أحسب كذا ولا أزكي على الله أحدا.
وجَسَّ الخَبر وتجَسَّسهُ: بحثَ عنه وفَحَصَهُ؛ وهو التَّفتِيشُ عن بَواطِنِ الأمُور، وأكثر ما يُقالُ في الشَّر. ، وقال البَغَويّ: هو البحث عن عُيوب النّاس، وقد نهى الله تعالى عن البحثِ عن المَستُور من أمورِ الناس وتَتبّع عَوراتهِم حتى لا يَظهُر على ما ستره الله منها. وقال ابن الجَوزيّ:" قال المُفَسّرُون: التَّجسُّس؛ البحث عن عيبِ المسلمين وعوراتهم، فالمعنى لا يبحث أحدكم عن عيبِ أخيه لِيَطَّلع عليه إذا ستره الله. فهذا عمر بن الخطاب، وهو غَنيّ عن التَّعريفِ به، والإشَادَة بِغِيرَتهِ، وشِدّتهِ في الحقّ، فهو المَعروفُ بالفَاروق، وهو يَومئذٍ أمير المؤمنين، ومعهُ صَاحبه عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة المَبَشّرين بالجنة، وهم من أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يَجري على عادتهِ في شوارعِ المدينة المنورة يبحثُ عن جَائعٍ ليُطعِمهُ، أو عَارٍ ليَكسُوه أو مُحتاج فَيقضِي حَاجَتهُ، فبينما هُم يَمشُون ليلاً شَبَّ لهم سِراج في بيتٍ فانطلقا إليه، حتى إذا اقتَربا منه؛ فإذا ببابٍ مُجافٍ ومفتوح قليلاً على قوم، فيه أصوات مرتفعة ولَغَطْ، فقال وقد أخذَ بيدِ صاحبه عبدالرحمن بن عوف: أتدري بيت من هذا؟ قال: لا.