[5] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: "لا تُرمَى الجِمارُ في الأيَّام الثَّلاثةِ حتى تزولَ الشَّمسُ"، فلو كان الرمي جائزًا قبل زوال الشمس، لفعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من فعل العبادة في أول وقتها، ولما فيه من التيسير على العباد؛ فإن الرمي في الصباح أيسر على الأمة؛ لأنه بعد الزوال يشتد الحر، ويشق على الناس، فلا يمكن أن يختار النبي -صلى الله عليه وسلم- الأشد ويدع الأخف؛ فإنه ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، وكما لا يجزئ فعل الرمي في غير المكان الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا يجزئ كذلك في غير الوقت الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم. نهاية وقت الرمي في ايام التشريق الثلاثة ينتهي وقت رمي الجمرات في ايام التشريق الثلاثة أداءً وقضاءً بطلوع الفجر من الليلة التي تلي اليوم؛ إلا إذا كان في آخر أيام التشريق انتهت بغروب شمسها، ومع ذلك فالرمي في النهار أفضل؛ إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وعدم مبالاة بعضهم ببعض: إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه، كما أنه لو رمى ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه المسألة وأن يبادر بالرمي في أول وقته ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة اليه، ويكون الرمي قضاءً إذا طلع الفجر من اليوم التالي.
لأن في الرمي قبل الزوال تيسيرًا كبيرًا على الناس حتى على غير المستعجِل لأجل النفر، فإن الماكِث أيضًا قد يحتاج إلى التبكير في الرمي اجتنابًا للزِّحام الشّديد في الحَرّ الشديد السؤال: هل يجوز للحاج أن يرمي جمرات اليوم الثالث من أيام التشريق قبل الزوال وذلك لسفره في مساء هذا اليوم؟ الإجابة: لا شك أن من باب التيسير والتخفيف عن الحجيج يومي النفير؛ أن يبدأ الحاج في رمي الجمرات من بعد صلاة الفجر؛ وإن كان بعض الفقهاء قد شمل بالتيسير بقية الأيام على تفصيل في المذاهب كما جاء في فتاوى الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا -رحمه الله-. رمي الجمرات الثلاث بعد اليوم الأول، يبدأ وقته من زوال كل يوم إلى فجر اليوم التالي في معظم المذاهب. أفضل وقت لرمي الجمرات - موضوع. إلا أنه عند الشافعية يَبدَأ وقت الرَّمي في كل يوم بزوال الشمس فيه، ويستمر وقته إلى الغروب من آخر أيام التشريق، ولكنْ لا يصحُّ الرمي عن يوم إلا بعد الرمي عما قبله. وعند أبي حنيفة أن اليوم الرابع من أيّام العيد، وهو يوم النفر الأخير يبدأ وقت الرّمي فيه من الفجر حتى غروب الشمس، فيستطيع المتعجِّل أن يرميَ قبل الزوال وينفرَ. وقال إسحاق: "إن يوم النَّفر الأول (وهو الثالث) هو كالرابع يبدأ الوقت فيه لأجل الرمي من الفجر أيضًا"، تسهيلًا لمَن يُريد النّفر فيه (كما في نيل الأوطار للشوكاني).
[١٠] [١١] مكان رمي الجمرات وشروط الرمي يكتفي الحاج برمي الحصيات يوم النحرعند جمرة العقبة الكبرى، أمَّا أيام التشريق الثلاثة، فإنه يرمي عند الجمرة الصغرى، والوسطى، والكبرى، ولا بد من أن تقع الحصى في الحوض، [١٢] ويشترط لصحة الرَّمي ما يأتي: [١٣] أن يكون الرَّمي باليد، وأن تُرمى الحصيات متفرِّقةً، فتُرمى كلُّ حصاةٍ لوحدها، ولا يصحُّ رمي الحصيات مرَّةً واحدةً. أن يكون المرميُّ من الحجارة، وأن تكون الحصى كحصى الخذف. أن تُرمى كلُّ جمرةٍ بسبع حصياتٍ، ويشترط صدُّ الجمرة بالرَّمي، ولا بد من أن تقع الحصى في الحوض. أن يراعي الحاجُّ ترتيب رمي الجمرات الثَّلاث في أيَّام التشريق، فيبدأ بالصُّغرى، ثمَّ الوسطى، ثمَّ الكبرى، وهذا الترتيب واجبٌ عند جمهور الفقهاء، ويرى الحنفيَّة أنَّه سنَّةٌ. المراجع ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 321. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:898، حسن. ^ أ ب عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر ، صفحة 71-73. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي ، صفحة 2255. بتصرّف. ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 159.
والأظهر والله أعلم القول الثالث، وهو وجوب الرمي بعد الزوال أيام التشريق. ويدل على ذلك: (1) حديث الباب حيث رمى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال وهو القائل ((لتأخذوا عني مناسككم)). (2) حديث وبرة رضي الله عنه في البخاري، وفيه قول ابن عمر رضي الله عنهما: ((كنا نتحيَّن))؛ أي: نترقَّب زوال الشمس، فإذا زالت رموا، ثم صلوا الظهر، وكما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((كان رسول الله يرمي الجمار إذا زالت الشمس قَدْرَ مَا إِذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهَا صَلَّى الظُّهْرَ))؛ رواه أحمد والترمذي وحسنه، وتأمل لفظ (نتحيَّن)، فهو يدل على أن ترقُّبه الزوالَ مقصود، وزاد ذلك تأكيدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلى الصلاة في أول وقتها. (3) أن الرمي قبل الزوال لو كان جائزًا، لفعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لِما في ذلك من المبادرة في العبادة من أول وقتها، ولأن فيه تيسيرًا على الناس لتطويل وقت الرمي من جهة، وبالتخفيف عليهم من شدة الحر من جهة أخرى في فصل الصيف وشدة الحر.