والخبر في قوله: ( ومن الناس). ( ثاني عطفه) نصب على الحال. ويتأول على معنيين: أحدهما: روي عن ابن عباس أنه قال: ( هو النضر بن الحارث ، لوى عنقه مرحا وتعظما). والمعنى الآخر: وهو قول الفراء: أن التقدير: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثاني عطفه ، أي معرضا عن الذكر ؛ ذكره النحاس. وقال مجاهد ، وقتادة: لاويا عنقه كفرا. ابن عباس: معرضا عما يدعى إليه كفرا. والمعنى واحد. وروى الأوزاعي ، عن مخلد بن حسين ، عن هشام بن حسان ، عن ابن عباس في قوله - عز وجل -: ( ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله قال: هو صاحب البدعة. المبرد): العطف ما انثنى من العنق. وقال المفضل: والعطف الجانب ؛ ومنه قولهم: فلان ينظر في أعطافه ، أي في جوانبه. ومن الناس من يجادل في الله بغير على الانترنت. وعطفا الرجل من لدن رأسه إلى وركيه. وكذلك عطفا كل شيء جانباه. ويقال: ثنى فلان عني عطفه إذا أعرض عنك. فالمعنى: أي هو معرض عن الحق في جداله ومول عن النظر في كلامه ؛ وهو كقوله تعالى: ولى مستكبرا كأن لم يسمعها. وقوله تعالى: لووا رءوسهم. وقوله: أعرض ونأى بجانبه. وقوله: ذهب إلى أهله يتمطى. ليضل عن سبيل الله أي عن طاعة الله تعالى. وقرئ ( ليضل) بفتح الياء. واللام لام العاقبة ؛ أي يجادل فيضل ؛ كقوله تعالى: ليكون لهم عدوا وحزنا.
والخبر في قوله: ( ومن الناس).
أي فكان لهم كذلك. ونظيره إذا فريق منكم بربهم يشركون. ليكفروا. ( له في الدنيا خزي) أي هوان وذل بما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة ؛ كما قال: ولا تطع كل حلاف مهين الآية. وقوله تعالى: [ ص: 17] تبت يدا أبي لهب وتب. وقيل: الخزي هاهنا القتل ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل النضر بن الحارث يوم بدر صبرا ؛ كما تقدم في آخر الأنفال. ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق أي نار جهنم. ذلك بما قدمت يداك أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار: ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر. ومن الناس من يجادل في الله بغير علمی. وعبر باليد عن الجملة ؛ لأن اليد التي تفعل وتبطش للجملة. و ذلك بمعنى هذا ، كما تقدم في أول البقرة.
و قال تعالى في سورة الواقعة { وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ. وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} يعني منزل فيه الحرارة, وهي حرارة الشمس وسنانها { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} يوم القيامة. وقال عزّ وجل في سورة الجنّ { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} لأنّ الطبقات الغازية فوقهم فيسلكون طريقها ويصعدون إليها فيتعذّبون بِحَر الشمس, لأنّ الشياطين تأخذهم إليها كاذبين عليهم وساخرين بهم وهذا ما يفعله العدوّ بعدوّه. وقال تعالى في سورة الليل { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى. وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}. وقال تعالى في سورة الغاشية { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحج - الآية 8. تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} يعني عاملة ناصبة في البرزخ وتصلى ناراً حامية يوم القيامة. وقال تعالى في سورة البقرة ( { اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ، فالطاغوت هم الشياطين وملخّص القول إن العذاب في البرزخ لا يكون في جهنّم ولكن إما أن يسلّط الله عليه بعض النفوس الشرّيرة فتؤذيه ، وإما أن يسلّط عليه بعض الشياطين أو بعض الجن أو يسلّط أرواح بعض الحيّات والعقارب أو يكون فقيراً ذليلاً أو يكون جائعاً عطشاناً لا يرتوي أو غير ذلك مما يجعله مهموماً لا يهنأ له عيش ولا يطيب له خاطر.
تاريخ الإضافة: 22/6/2019 ميلادي - 19/10/1440 هجري الزيارات: 7092 ♦ الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة الحج (3). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ نزلت في النضر بن الحارث، وجماعة من قريش كانوا ينكرون البعث، ويقولون: القرآن أساطير الأولين، ويجادلون النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وَيَتَّبِعُ ﴾ في جداله ذلك ﴿ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾ متمرد عات. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ نزلت في النضر بن الحارث، كان كثير الجدل، وكان يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، وكان ينكر البعث وإحياء من صار ترابًا. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة لقمان - الآية 20. ﴿ وَيَتَّبِعُ ﴾؛ أي: ويتبع في جداله في الله بغير علم، ﴿ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾، والمريد: المتمرد الغالي العاتي، والمستمر في الشر. تفسير القرآن الكريم
قال تعالى في الرد عليهم وعلى آبائهم: { { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}} فاستجاب له آباؤهم، ومشوا خلفه، وصاروا من تلاميذ الشيطان، واستولت عليهم الحيرة. ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى. فهل هذا موجب لاتباعهم لهم ومشيهم على طريقتهم، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم، وينادي على ضلالهم، وضلال من اتبعهم. وليس دعوة الشيطان لآبائهم ولهم، محبة لهم ومودة، وإنما ذلك عداوة لهم ومكر بهم، وبالحقيقة أتباعه من أعدائه، الذين تمكن منهم وظفر بهم، وقرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير، بقبول دعوته. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 1 14, 506
وقوله تعالى { تبت يدا أبي لهب وتب} [المسد: 1]. وقيل: الخزي ههنا القتل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قتل النضر بن الحارث يوم بدر صبرا؛ كما تقدم في آخر الأنفال. { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق} أي نار جهنم. قوله تعالى ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) تدل - البسيط دوت كوم. { ذلك بما قدمت يداك} أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار: ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر. وعبر باليد عن الجملة؛ لأن اليد التي تفعل وتبطش للجملة. و { ذلك} بمعنى هذا، كما تقدم في أول البقرة. الشيخ الشعراوي - فيديو سورة الحج الايات 5 - 10 تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي تكلمنا في أول السورة عن الجدل بالعلم والموعظة الحسنة وقلنا: العلم إما علم بَدْهي أو علم استدلالي عقليّ، أو علم بالوحي من الله سبحانه، أما هؤلاء الذين يجادلون في الله بغير علم بدهي { وَلاَ هُدًى.. } [الحج: 8] يعني: علم استدلالي عقلي، { وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ} [الحج: 8] يعني: وحي من الله، فهؤلاء أهل سفسطة وجدل عقيم لا فائدة منه، وعلى العاقل حين يصادف مثل هذا النوع من الجدال أن لا يجاريه في سفسطته؛ لأنه لن يصل معه إلى مفيد ، إنما عليه أنْ ينقله إلى مجال لا يحتمل السفسطة.