قال الله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العالمين﴾[التكوير: 28- 29]. حكم الإيمان بالقضاء والقدر. وقال -تبارك وتعالى-: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾[البقرة: 253]. الأمر الرابع: أن تؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيءٍ في السماوات والأرض، كما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾[الزمر: 62] حتى أعمال العبد مخلوقة لله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[الصافات: 96]. ووجه كون فعل العبد مخلوقاً لله: أن فعل العبد واقعٌ بإرادة العبد وقدرة العبد، وإرادة العبد وقدرة العبد مخلوقتان لله -عز وجل- ، وخالق السبب التام خالقٌ للمسبب، فإذا كان فعل الإنسان ناتجاً عن إرادةٍ وقدرة وهما مخلوقتان لله؛ صار فعل العبد مخلوقاً لله -عز وجل- ، فلا بد في الإيمان بالقدر من الإيمان بهذه الأمور الأربعة: علم الله، كتابة كل شيء كائن إلى يوم القيامة في لوحٍ محفوظ، مشيئة الله، خلق الله.
المراجع 1
أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين}.
التقدير الأزلي: حيث كتب تعالى التقدير الخاص بكل أمر من أمور السماوات والأرض حتى قبل أن يخلقها سبحانه وتعالى. التقدير السنوي: المقصود به ليلة القدر حيث يتم بها تقدير جميع الأمور من العام إلى العام الذي يليه. بحث عن الايمان بالقدر شامل مع المراجع - موسوعة. التقدير اليومي: وهو ما يعني أن كل ما يحدث في اليوم من أمور وأحداث قد كتبه الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق مثل مغفرة الذنب، وحلول الفرج، وقد قال عز وجل في سورة الرحمن الآية 29 (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ). نفاذ مشيئة الله يتعين على جميع الخلق الإيمان أن مشيئة الله سبحانه نافذة لا راد لها، فما يشاء الله عز وجل أن يكون سوف يكون، وحين يرغب الإنسان في حدوث أمر ما ولكن ذلك لم يتم فهو بأمر الله وإرادته فما لم يشأ الله أن يكن لن يكون، وقد قال سبحانه وتعالى في سورة فاطر الآية 44 (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا). خلق الله للخلق من أهم أركان الإيمان بالقدر اليقين أن الله عز وجل هو من خلق كل شيء من العدم، ولا يوجد من شاركه سبحانه أو ساعده في ذلك فهو وحده خالق عباده ومقرر أفعالهم، كما خلق السماوات والأرض، ولا يوجد بهما أو بينهما كبيرة ولا صغيرة تسكن أو تتحرك إلا بقدرته وأمره، فقد قال تعالى سورة الزمر الآية 62 (الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
والحاصل أن في قول عمر رضي الله عنه: "نفر من قدر الله إلى قدر الله"، دليلاً على أن اتخاذ الأسباب من قدر الله عز وجل، ونحن نعلم أن الرجل لو قال: أنا مؤمن بقدر الله وسيرزقني الله ولداً بدون زوجة لو قال هذا لعد من المجانين، كما أنه لو قال: أنا أومن بقدر الله ولن أسعى في طلب الرزق ولم يتخذ أي سبب للرزق لعد ذلك من السفه، فالإيمان بالقدر إذاً لا ينافي الأسباب الشرعية أو الحسية الصحيحة، أما الأسباب الوهمية التي يدعي أصحابها أنها أسباب وليست كذلك فهذه لا عبرة بها ولا يلتفت إليها. ثم اعلم أنه يرد على الإيمان بالقدر إشكال -وليس بإشكال في الواقع- وهو أن يقول قائل: إذا كان فعلي من قدر الله عز وجل فكيف أعاقب على المعصية وهي من تقدير الله عزوجل؟ والجواب على ذلك أن يقال: لا حجة لك على المعصية بقدر الله؛ لأن الله عز وجل لم يُجبرك على المعصية، وأنت حين أقدمت عليها لم يكن لديك العلم بأنها مقدرة عليك؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء، فلماذا لم تقدر قبل أن تفعل المعصية أن الله قدر لك الطاعة فتقوم بطاعته؟! وكما أنك في أمورك الدنيوية تسعى لما ترى أن فيه خيراً وتهرب مما ترى فيه شراً، فلماذا لا تعامل نفسك هذه المعاملة في عمل الآخرة؟!